Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2017

حسرة ! - د. لانا مامكغ
 
الراي - تأمّلته بإمعان... لا يليقُ بعروسِه أبداً، فصديقتُها جميلة، أمّا هو؛ فقد وجدت أنّه يفتقرُ إلى مقوّمات الوسامة في حدودها الدّنيا، كما لمحت أنَّ حركاتِه ونظراتِه جامدةٌ خاليةٌ من الحياة...
 
واختلطت مشاعرُها بين الإشفاق على العروس بسبب حظّها العاثر مع ذلك الرّجل العادي الجامد الممّل الباهت... وبين إحساسِها بالغيرة والحسرة؛ إذ قد تزوّجت الصّديقةُ أخيراً لتنضمَّ إلى قائمةِ الأخريات... في حين ما زالت هي بانتظار اليوم الموعود !
 
ثمّ أفاقت من تداعياتها، لتعودَ وتتصنّع الابتسامَ حتى نهاية الحفل، ثم لتغادرَ القاعة فتقفَ وحدَها في العتمة وتدعو الله من كلّ قلبها أن تجدَ الشّريكَ الوسيمَ الجميل... وأن يكونَ ذا حضورٍ وجاذبيّةٍ وحيوية حتى تتباهى به أمام الآخرين !
 
مضت مدّة، فوجدته يتقدّمُ لها... شابٌّ بالمواصفات التي أرادتها بدقّة... فلم تسعْها الفرحة، وسرعانَ ما ارتبطت به وهي ترى لأوّل مرّة في حياتها كيف يمكنُ أن يتحوّل الحلُمُ إلى حقيقة !
 
في شهر العسل، بدأت تلمحُ عيون النّساء تلاحقه في كلِّ حركة... لتستمرَّ الظّاهرة بعدَ عودتهما واستقبال المهنّئين والمهنّئات... إذ كانت تضبط الكثيراتِ يركِّزن نظراتِهن عليه، خاصَّةً حين يتدفَّق هو في حديثه الشّائق وابتساماته الخلاّبة... وبدأ رأسُها يشتعلُ بالغيرة، ويزدادُ اشتعالاً حين تقتربُ منها إحداهن لتهمسَ لها بِلزوجة: « ذوقكِ رائع ! «
 
وقضت لياليَ عصيبة، ونهاراتٍ حارقة؛ حين يخرجُ، وحين يعودُ مرِحاً مشرقاً... وحين يستغرقُ بتصفّحِ هاتفه... ولمّا يرنُّ هاتفه اللعين آخرَ الليل !
 
وكثُرت اعتذاراتُها عن عدم حضورِ المناسبات الاجتماعيّة... وكثّر وقوفها أمامَ المرآة في محاولاتٍ بائسة لاستردادِ بعضِ ثقتها بنفسها التي باتت تهتزُّ بضراوة !
 
ثمَّ اتّسمَ سلوكُها معه بالعصبيّة حيناً، وبالمحبّةِ الطّافحة حيناً آخر، وبالبرودِ المفتعل معظمَ الأحيان، لينتهي الأمرُ بأن صارَ يبادلُها البرودَ بمثلهِ... فتلتهمُ النيرانُ كلَّ يومٍ ما تبقّى من كتلتها العصبيّة !
 
في لحظةٍ يائسة، قرّرت الخروجَ من عزلتِها، فاقترحت زيارةَ الصّديقة إيّاها... لتقضي الوقتَ سارحةً في زوجِها العريس إيّاه... لترى أنّه ليس باهتاً ولا ممّلاً كما بدا لها خلال حفلِ الزّفاف، إذ بدا عادّياً أنيساً مريحاً، دليلُها كان ملامحُ السّلام والأمان والطمأنينة التي كانت تُشعّ في عينيّ الصّديقة المحظوظة...
 
انتهت الزّيارة، وغادرت وزوجَها وهي تشعرُ بالغيرة من الصّديقة... والحسرة على نفسِها مرّةً أخرى !