Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Oct-2014

أجندة الخارجية الإسرائيلية 2015*برهوم جرايسي

الغد-أنجزت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، تقريرها السنوي بشأن أجندة السياسة الخارجية لحكومتها في العام المقبل 2015. والخطوط العريضة لهذه الأجندة، وتفاصيلها، تُظهر مجددا أنه لن يكون هناك أي جديد على السياسة القائمة منذ عشرات السنين؛ من حيث الاعتماد كليا على الدعم الأميركي المطلق.
لكن هذه الوثيقة تثبت، مرّة أخرى، نسف أوهام وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي سعى منذ توليه المنصب قبل خمس سنوات، إلى قلب المعادلات التقليدية، بهدف توسيع الحراك الإسرائيلي في العالم، وحتى رفع مستوى العلاقات مع روسيا على حساب الولايات المتحدة.
تنجز الخارجية الإسرائيلية تقريرها السنوي بناء على عمل مركز "الأبحاث" في الوزارة، الذي هو بمثابة قسم المخابرات الخاص بها. والعنوان الرئيس للتقرير الأخير، هو السعي إلى زيادة التنسيق وتعزيزه مع الإدارة الأميركية، وبشكل خاص ضمان الحراك الأميركي في الأمم المتحدة، لإحباط أي مبادرات فلسطينية وعربية لرفع مستوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما تحديد موعد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
فإسرائيل المطمئنة أصلا للفيتو الأميركي الفوري، "تطمح" بداية إلى إحباط مشروع القرار الفلسطيني بأغلبية عادية في مجلس الأمن، ومن ثم تقليص الأغلبية المضمونة للقرار الفلسطيني في الهيئة العامة للأمم المتحدة، وخاصة تقليص عدد الدول الأوروبية والمتطورة الداعمة للقرار، في حال طرحه للتصويت.
واللافت في تقرير الخارجية الجديد، أنه يعطي حيزا للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وهو الأمر الذي سعى ليبرمان في السنوات الأخيرة، إلى إسقاطه من أولويات أجندة وزارته وحكومته، بادعاء وجود أولويات أكثر أهمية لإسرائيل، وأنه لا يوجد "شريك فلسطيني" قادر على توقيع "اتفاقية سلام مع إسرائيل". وأكثر من هذا، فإن الوثيقة تدعو إلى منح أوروبا فرصة للعب دور في المفاوضات، وحتى المسعى للتوصل إلى "اتفاقية إقليمية شاملة"، أي مع الدول العربية، وهو أيضا ما كان يرفضه اليمين الإسرائيلي طيلة الوقت.
وكما ذكرنا، فإن تقرير الخارجية الإسرائيلية هذا بمثابة المسمار الأخير في نعش الأوهام التي بثها ليبرمان مع دخوله إلى منصبه الحالي، منذ الحكومة السابقة في الأول من نيسان (أبريل) 2009. وفي التاريخ رمزية ما؛ إذ دعا يومها إلى فتح آفاق جديدة لتوسيع السياسة الخارجية الإسرائيلية، ذاكرا أساسا أفريقيا وأميركا اللاتينية، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي، وعرض الخبرات الإسرائيلية في شتى المجالات، وخاصة الزراعة.
لكن الهدف الأبرز الذي وضعه ليبرمان، كان توسيع العلاقات وتعزيزها مع روسيا، قائلا إن إسرائيل لا تستطيع أن تكون أسيرة العلاقات مع الولايات المتحدة. يومها، استخف الساسة والمحللون وصُنّاع الرأي العام الإسرائيليون بأجندة ليبرمان، التي تتعامى بغباء مطلق عن طبيعة العلاقات الإسرائيلية-الأميركية. وليس هذا فحسب، بل إن ليبرمان دفع ثمنا شخصيا، إذ كان على مدى ولايته الأولى في وزارة الخارجية محيّدا، وشخصا غير مرغوب فيه في واشنطن، وكان يلتقي ساسة أميركا في ما ندر، وفي لقاءات هامشية من دون أي وزن.
بطبيعة الحال، لا يمكن التعامل مع الأمور على أنها شخصية مزاجية؛ فأجندة ليبرمان 2009، ظهرت بالتزامن مع بداية الولاية الأولى للرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي عرض سياسة خارجية تجاه الشرق الأوسط خلقت أوهاما بأنها ستأتي بجديد مقارنة بالسنوات الثماني العجاف لولاية سلفه جورج بوش الابن. ولهذا، أراد ليبرمان ضمان مصادر دعم عالمية أخرى. ولكنه اختار المواقع الخطأ؛ فأميركا اللاتينية شهدت في السنوات الأخيرة تغيرات كثيرة، كما أن أجندة روسيا الخارجية بقيت على حالها.
صدور تقرير الخارجية الإسرائيلية اليوم يتزامن مع ظهور مشاريع أوروبية، حكومية وبرلمانية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ منها ما صار واقعا، كما الحال في السويد (وبريطانيا). فعلى الرغم من أنها قرارات سياسية، لن نشعر بتطبيق ملموس لها على الأرض في هذه المرحلة، إلا أن هذا أيضا ينسف ما زعمته إسرائيل ووزيرها ليبرمان في أيلول (سبتمبر) الماضي، مع افتتاح الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، بأن القضية الفلسطينية سقطت من أولويات أجندة الدبلوماسية العالمية؛ فها هي تظهر بقوة من جديد. والسؤال هو: كيف ستستثمر القيادة الفلسطينية هذه التحركات، لإبقاء القضية الفلسطينية على رأس أولويات المجتمع الدولي؟