Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2015

لا مفر من سقوط النظام العراقي الفاسد*جمال محمد تقي

القدس العربي-عندما تكون ركائز النظام القائم، فاسدة ورملية، فلا قيمة حقيقية لكل المباني والمعاني والديكورات والاستعراضات والترقيعات والصيانات التي تقام عليها، بل بالعكس ربما تعجل ضغوط تلك العمليات في سقوط كل الاعمدة التي ارتكز عليها النظام السائر وفق مقاولات عملية سياسية.
هي تجسير لكل ما هو شرير في تاريخه وعقله الباطن مستحضرة كل ادوات الشقاق والنفاق والتدليس والاستغراق بالمظلوميات، انها جعلت من السرقة والخيانة سباقا لتستبق به قتل العراق ومغادرته الى حيث الاولياء غير الصالحين.
ما الفرق ان كان المسؤول التنفيذي الاول والمباشر للسلطة في العراق رئيسا للوزراء، وحاصلا على اكبر نسبة تصويت برلماني، وتقف خلفه اكبر كتلة برلمانية وله مرجعية تداري عليه وعلى طائفته، أو كان رئيسا للجمهورية منتخبا وبشكل مباشر من قبل المصوتين، وله كتلة حزبية برلمانية تقف خلفه وايضا له مراجع يفتون بما يخدم مصلحة استمرار حكمه، او استمراره على اقل تقدير بقبضة اعوانه واعوانها.
نعم ما الفرق اذا كان المسؤول التنفيذي الاول وفي كلا الحالتين يجب ان يكون شيعيا، وليس كأي شيعي، انه ذلك الشيعي المتحزب لطائفته والمؤمن بالمذهب اولا، حتى لو على حساب الوطن والانتماء الوطني، بل يجب حتما ان يكون من مرشحي، التحالف الشيعي، المسمى مجازا بالتحالف الوطني، والمكون حصرا من حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى والتيار الصدري وفيلق بدر وحزب الفضيلة وحزب الاصلاح وتجمع الكفاءات المستقلة؟
اكمل مثال يمكن اعتماده هنا مثال نوري المالكي، فقد كان المسؤول التنفيذي الاول ـ رئيسا للوزراء ـ لمدة تجاوزت الثمان سنوات، وكانت مدة ولايته قابلة للتجديد حيث حقق وحزبه وكتلته اعلى النسب لولا عدم توافق الامريكان والايرانيين حوله، نتيجة لفشله في الحفاظ على الحد الادنى من التوافق، الشيعي الشيعي، والشيعي الكردي، والشيعي السني، فلو كان المالكي رئيسا للجمهورية،هل سيكون الامر مختلفا ؟ بطبيعة الحال الاجابة ستكون سلبية لأن المشكلة ليست بالصلاحيات، فالمالكي كان هو الحاكم بأمره، كان القائد العام للقوات المسلحة وكان وزيرا للدفاع والداخلية والمخابرات، سيطر تماما على المفوضية المستقلة للانتخابات وشل القضاء وسيطر على البنك المركزي وهيئة الاعلام والنزاهة وجعل الجيش وقوى الامن اقطاعية خاصة به وبكتلته كتلة دولة القانون، وهمش البرلمان وجعله بلا حول او قوة، وللتغطية على فشله اخذ بالتحجج بتناقضات الدستور الذي هو نفسه كان احد المصرين على تمريره وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ومن ثم راح يقول بان النظام البرلماني لا يصلح لدولة مثل العراق، وذلك لتبرير خيبة امله بولاية ثالثة، رغم انه وحتى لو كان رئيسا للجمهورية وبصلاحيات الرئيس الامريكي ستكون النتيجة واحدة، الفشل، او الانقلاب على الشكل القائم في الحكم والانفراد به تماما ولاجل غير مسمى بحجة الاوضاع الاستثنائية، لكنه اعجز من ان يحاول لأنه الاعرف بان مصالح الامريكان والايرانيين لا تتفق مع طموحه الذي لا يخدمها في الوقت الحالي !
الآن وبعد ان فرض تغيير المالكي فرضا، واستبدل بحيدر العبادي، وجد الكثير من اتباعه وحتى من غير جماعته اضافة الى آخرين من بين القوى الشيعية المتنفذة بالدعوة للنظام الرئاسي كوسيلة ضغط وطوق نجاة نتيجة الفشل المطبق الذي تعيشه الاحزاب الطائفية وعجزها عن تلبية الحد الادنى من الامن والخدمات وفي اكثر المناطق استقرارا في العراق، وهي المناطق الشيعية في الوسط والجنوب، حزب الدعوة ومنظمة بدر يدعون كما يدعو المالكي الى نظام رئاسي، ومعهم ابرز قوى الحشد الشعبي الذين ينتظرون دورا كاسحا في الحكومة والبرلمان القادمين ومن اكثرهم تبشيرا بذلك هو قيس الخزعلي قائد ميليشيا عصائب اهل الحق الذي يقول بالنص : بعد الخلاص من داعش ستتغير صورة الحكم في العراق فمواجهة تقسيمه تتطلب نظاما رئاسيا وحكما قويا، ومن المنطلق نفسه ولكن باسلوب ملتو اكثر يعبر عزت الشابندر عن ذات الدعوة، اما اياد جمال الدين فانه يعتقد بأن توافق العراقيين على رئيس واحد بالانتخاب المباشر سيرغم المرشح الشيعي على عبور طائفيته لكسب اصوات السنة والاكراد، لكنه يتناسى بان السني لا يريد الاقرار بكون رئيسه لم يكن رئيسا الا لكونه شيعيا، والكردي لا يريد اي حملات انتخابية لغير الكرد داخل الاقليم ، فهل سيفرض الشيعة التغيير الدستوري الجديد بالقوة ام باعطاء المزيد من التنازلات لممثلي الكيانات الطائفية السنية والعرقية الكردية لانها تدرك بان الرئيس سيكون شيعيا، وبهذه الحالة لن يكون لرئيس الجمهورية وصلاحياته تاثيرا يذكر، اي المحصلة ستكون واحدة وربما اقل مما هو عليه رئيس الوزراء الحالي، عمار الحكيم ومقتدى الصدر من اكثر اعضاء التحالف الشيعي معارضة لهذه الدعوات لأنهم الادرى بكونها تصب لمصلحة تأبيد السلطة الفعلية بيد حزب الدعوة الحاكم والذي يفعل الافاعيل من اجل الاستبداد بحكم الشيعة قبل غيرهم من اهل العراق !
ان الدستور الحالي يقر في مادته الاولى بان، العراق هو دولة اتحادية، ومعنى هذا ان النظام الرئاسي المقترح يجب ان يكون متسقا مع هذا المنطوق الذي وضعه الكرد ادراكا منهم ان الاقرار بالاتحاد هو الاقرار بوجود كيانين قد اتحدا اختياريا، وهذه مغالطة يدفع ثمنها الطائفيون الشيعة الذين غلبوا المصالح الطائفية على المصالح الوطنية العليا، وعليه سيطالب الكرد بمجلس اتحادي يكون معنيا برئيس الاتحاد الذي سيقوم مقام رئيس الجمهورية، وذات الشيء يشمل الفقرة الدستورية القائلة بان الاسلام مصدر اساسي للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ولا مع مبادئ الديمقراطية، وهنا ايضا مغالطة تنسحب الى تناقض تفسيري يخص تشكيل المحكمة الاتحادية نصفها قانونيين ونصفها فقهاء دين، فمن المقرر وكيف سيتم حسم التصويت فيها بخصوص قانون الاحوال الشخصية مثلا او بخصوص قانون الاحزاب وفصل الدين عن السياسة، هل سيكون للمرجعية الشيعية دور يشابه دور ولاية الفقيه ؟
المفارقة ان احزاب كردية معارضة في برلمان اقليم كردستان ككتلة التغيير ، والاتحاد الاسلامي والاتحاد الوطني الكردستاني، تطالب بتغيير النظام الرئاسي المتبع في الاقليم واستبداله بالنظام البرلماني، مبررة دعواتها، بان النظام الرئاسي في الاقليم ارض خصبة صالحة ليترعرع عليها الفساد والاستبداد، والاكثر مفارقة ان البرزاني يطالب البرلمان الكردستاني والاحزاب صاحبة الدعوة بتأجيل البت بالامر الى سنتين قادمتين بغية استمرار الرئيس البرزاني بمنصبه حتى يتم الاستفتاء على الدستور الذي يحمل هذه المقترحات مع تحديد عدد فترات الولاية للنظامين الرئاسي او البرلماني، وبحسب المتابعين للشأن الكردي فان البرزاني سيعد العدة خلال هذه السنتين لاستقلال الاقليم عن العراق ويعلن قيام الدولة الكردية التي سيكون هو رئيسها المرحلي!
للاسف سيكون اعلان نهاية العراق الذي نعرفه على ايدي هذه الجماعات الطائفية والعرقية الوقحة والتي تحاصصت البلاد وقسمت العباد وربطت مصيرها بمصير من اتى بها لسدة الحكم منذ 2003، وها هي اليوم تجاهد لاستكمال مشروع فوضى الشرق الاوسط الجديد، انطلاقا من العراق لتقسيم دول المنطقة الى دويلات مذهبية واثنية يسهل العبث بها خدمة لمشاريع الشيطان الاكبر امريكا المتصهينة والتي وجدت بالشيطان الايراني الاصغر خير متخادم لها !

٭ كاتب من العراق