Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jun-2019

رجل من أورانوس

 الدستور-حنين خالد

أتذكر ذلك الشارع هو كأي شارع آخر في عمان أو لندن أو حيث أنت لا فرق إن تجاوزت عن بعض التفاصيل الصغيرة وها أنا أخبرك وقلبي الذي ينفطر ليس حزنا وبالتأكيد ليس فرحا أنني كلما سرت فيه وخطاي تتداخل وظلال أشجار الزينة تتلبسني الدهشة وأتساءل لماذا؟ مع أن هذه هي الطريق التي أسلكها كل يوم بل هي منفذي الوحيد من سكني لناحية عملي ولحاجات البيت وأنت تعرف إن كنت ما زلت تذكر أني بطبعي لا  أمارس هواية استنشاق الهواء ورياضة المشي وأتلعثم كثيرا كلما التقت عيناي بأعين المارة حتى وإن كانوا أطفالا ينتابني الإرتباك الشديد فأذهب إلى عملي في ساعات مبكرة مرغما كي لا أصادف أحد أيا كان ومثلها عند المغادرة وكل تلك الشهادات المركونة في الخزانة التي تحصلت عليها للموظف المثالي ليس مردها غير ذلك وهذا في النتيجة سببه كما اعتقد الدكتور وأخبرني بذلك قبل عامين عندما اضطررت لعيادته بناءا على التوصية الإجبارية للمرشد الإجتماعي في الدائرة 
-فوبيا الرعب 
ولأشهر متواصلة تلاحقت الوصفات ما بين أدوية قبيل النوم وعند الصحيان مراجعات أسبوعية وحقن شهرية وقد اعترف الطبيب أخيرا أنه لا فائدة من العلاجات الموصوفة  وأنا إذ أصيبك بالملل وأكتب إليك جملة التفاصيل هذه وأشركك بقلق لا علاقة لك به من قريب أو بعيد أستميحك العذر مع أنني حاولت وأحاول جاهدا اختصار الكثير واستبدلت قلمي الأزرق بهذا القلم الأحمر فأنا لم أعد قادرا على التمييز بين اللونين الأزرق والأسود وأضطر كثيرا لضبط الوقت لمعرفة النهار من المساء  ربما عندما تقرأ رسالتي ستهز رأسك وتضحك هكذا أتوقع غير أن هذا حقيقي حتى الأخضر كالشجيرات المنتشرة أراها تميل وباضطراد ناحية الأصفر الكموني وما عدت أصعد كعادتي إلى سطح المنزل وأتأمل صفحة المساء تومض بنجومها وتتلألأ والطعام كذلك لهذا أنا تقريبا مواظب على تناول الحليب ومشتقاته والخبز الأسمر وكثيرا ما سألت الطبيب ما الذي يحدث معي فيجيبني بفتور
-أنت  مريض جدا وعليك أن لا تكثر من الأسئلة ...اعتني فقط بالمتاح
آآه يا صديقي لا أخفيك سرا بالأمس حاولت جاهدا أن أغفو بعد تناولي العشاء لكني فجأة نهضت مفزوعا أضأت المصباح وجلست على المقعد المواجه للبرندة وعندما أنصت لبرهة تأكد لي أنني أموء نعم إنه أنا ذعرت تلمست كامل جسدي فمي عيناي أنفي مخالبي واسترقت النظر لمؤخرتي وذلك الإحساس المجنون يؤكد أن هناك ذيل بالطبع لم أجد شيئا بعد أن تثبت انعكاس المرآة قاطعا الشك باليقين واضعا يدي أسفل ظهري وعدت للجلوس واتخذت قرارا أن لا أكون موضع سخرية فأخبر الطبيب الذي سيحيل كل ما يجري إلى تهيؤات مريض وطبعا سيسخر مني بوقاحته الفجة ووجه الحاد الملامح لدرجة تعتقد أنه مومياء أو أنه أحد الفراعنة نسي أن يموت وسأؤكد لك حالتي هذه برسالتي اللاحقة إن كانت عارضة أم مرتبطة بطبيعة مرضي مع أن ذلك لا علاقة له بشيء فأنا أتكلم عن أربعين سنة مضت والقطة الهزيلة ذات الثلاثة أشهر لدرجة أنني لم أتمكن من الاعتناء بها أكثر من يومين وجدتها جثة ذات رائحة نتنة وذلك عندما كنت أبحث عن جواربي أسفل السرير كنت في الخامسة لا أكثر وصوت أبي أبدا لا يهدأ بعينيه المستفزتين الغائرتين في حدقتيهما كأنهما بركتين ناضبتين لم يسمح لأمي أو لأحد من أخوتي بمساعدتي قبضت على ذيلها وإحساس بالخزي أغرق جسدي بحبات عرق باردة لم يستغرق الأمر أكثر من دقائق غير أنها كانت كافية لأمعن النظر بملامحها واندفعت وصراخ أبي يتبعني كظلي 
-أخبرتك أخبرتك أنها مشروع قطة ميتة 
وألقيت بها في مكب النفايات والبارحة كنت أموء!! 
ترى هل كنت متوهما أنا بالطبع لا أسألك فأنت لست هنا ، كثيرا ما يكون الوهم للمستوحش حقيقة وهذا تساؤل ولست مضطرا لإجابتي 
ملاحظة: أنا بخير ..لا تقلق