Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Feb-2020

ألمانيا هي نفس المانيا

 الغد-هآرتس

 
بقلم: جدعون ليفي
 
16/2/2020
 
لقد أثبتت ألمانيا أول أمس مرة اخرى أنها تتدهور نحو ماضيها: قرار وقوفها كصديقة للاحتلال الاسرائيلي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الى جانب منارات اخلاقية مثل هنغاريا والنمسا والتشيك يجب أن تقلق كل الماني يطارده ماضيه. في نهاية مسيرتها الرائعة في ظل رعب اللاسامية في بلادها، فان انغيلا ميركل مستعدة لأن تغفر لاسرائيل كل شيء، بشكل تلقائي وعمى مطلق. وبهذا هي تخون المهمة التي أخذتها على عاتقها. وايضا لكونها مستشارة المانيا الاخرى ولكونها من أواخر من يدافعون عن حقوق الانسان في العالم؛ فقد بقينا مع دونالد ترامب وفلادمير بوتين وتشي.جي.بينغ.
المانيا التي لا تسمح بالتحقيق في جرائم الحرب، من غير المهم مع أي دولة، ليست هي المانيا الاخرى، بل المانيا التي تقوم بارتكاب جرائم الحرب. احيانا يبدو أنه طالما أنهم لم يتبنوا في اسرائيل نهج النازيين، اسرائيل بالطبع بعيدة جدا عن ذلك، فان المانيا ستشرعن من اجلها كل ما فعلته. المانيا تعتقد أنها بذلك تفعل من اجل التفكير بماضيها، ولكن الحقيقة معاكسة. فطالما أن المانيا لا تقف الى جانب المضطهدين والمحتلين في العالم فهي تخوف عبر ماضيها. وعندما يصل الامر الى اسرائيل، دولة ضحاياها المباشرين، والى الفلسطينيين، ضحاياها غير المباشرين، فانه يوجد في ذلك خطورة خاصة.
بطلبها الانضمام الى المداولات في لاهاي كصديقة للمحكمة، تبنت المانيا ادعاءات اسرائيل التي بحسبها لا يوجد للمحكمة أي صلاحية للبحث في تهمة ارتكاب جرائم حرب في المناطق. تفسير المانيا لموقفها غريب بشكل خاص: المانيا هي “مؤيدة متشددة” لحل الدولتين، والمحكمة ليست المكان لمناقشة هذه القضية. “إن دعم المانيا المتشدد” لحل الدولتين شاهدناه خلال سنوات. في الذروة وصل الى ضريبة كلامية فارغة. أحد المواضيع الموجودة امام المحكمة هو المستوطنات. لا يوجد أي شيء خرب أكثر منها فرصة حل الدولتين. الآن المانيا تقول للمحكمة في لاهاي: اتركوا المستوطنات وشأنها. ومن بالضبط سيوقفها؟ هل هو مجلس “يشع”؟ حكومة اسرائيل؟ البيت الابيض؟ فيكتور اوربان، شريك ميركل كصديق للمحكمة؟.
هنا يجب توجيه سؤال لالمانيا: اذا لم تكن المحكمة في لاهاي فمن بالضبط يجب عليه التحقيق في احداث غزة، بين يوم الجمعة الاسود في رفح وقتل المتظاهرين على الجدار؟ الجيش الاسرائيلي؟ “الايباك”؟ أم ربما الخبير المعروف في القانون الدولي دونالد ترامب، عن طريق صهره، الوسيط النزيه، غارد كوشنر؟ لقد استمر فحص المدعية العامة فاتو بنسودا خمس سنوات، الى أن توصلت الى استنتاج بأن هناك شكوك حول ارتكاب جرائم حرب في المستوطنات وفي عملية الجرف الصامد وفي تفريق المظاهرات على الجدار. هل حكومة ميركل تعتقد أن هذه الشكوك لا يجب فحصها؟ لماذا؟ هل لأن المتهمة هي اسرائيل؟.
بعد قرار البوندستاغ الذي نص على أن الـ “بي.دي.اس” هو منظمة لاسامية، جاء الوقوف في لاهاي الى جانب الاحتلال الاسرائيلي ليلقي بظلال اخلاقية ثقيلة على المانسا. من واجب المانيا أن تفعل كل ما في استطاعتها من اجل أمن اسرائيل، وحتى ازدهارها. وهي يجب عليها أن تكون حذرة في انتقادها، أكثر من أي دولة اخرى. ولكن القفز الى مقدمة صف مقدمي الحصانة المطلقة لاسرائيل هو خطوة بعيدة جدا تخالف دروس الكارثة. ومن أوجدوا المانيا الاخرى سيخجلون. وولي برانت لم يكن ليؤيد هذه الخطوة. نظيره النمساوي برونو كرايسكي، ايضا لم يكن ليكن بلاده في وقوفها الى جانب المحتل وضد ضحيته.
المانيا قالت لاسرائيل: وسعي المستوطنات كما تريدين. اقصفي غزة كما تريدين. واصلي قنص المتظاهرين بدون قيود. فأنت محصنة من أي انتقاد، وبالتالي أنت محصنة من المحاكمة في لاهاي. فلاهاي هي للضعفاء وليس للسياسيين والضباط الاسرائيليين. وقالت لها ايضا: أنت دولة فوق كل تهمة. وقد قاد الشعور بالذنب السياسي الاكثر تنورا في اوروبا بعيدا جدا. وفي كل ما يتعلق باسرائيل فان ميركل تشبه ترامب، ليس أقل من ذلك.