Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2018

‘‘فينيق عمان‘‘.. عمل فني يسعى للنهوض بذاكرة المدينة

 منحوتات جمالية ضمن مشروع "الإنسان والمكان" ترسخ الهوية الفنية

 
إسراء الردايدة
 
عمان-الغد-  لأن الأعمال الفنية جزء من الهوية الانسانية، وتعزز ارتباط الفرد بالمكان؛ جاءت منحوتة الفنان التشكيلي والنحات غسان مفاضلة "فينيق عمان"، لتحول الدوار الأول في الفترة المقبلة لتحفة جمالية مميزة تسر عين الناظرين اليها.
ويأتي هذا العمل ضمن مشروع خاص لـ مفاضلة تحت عنوان "الإنسان والمكان" بغية توطيد العلاقة بين الطرفين، مستمدا قوته من تاريخ المنطقة التي تتمثل هنا بذاكرة عمان.
وفي تصريح خاص لـ "الغد" يبين مفاضلة أن "فينيق عمان" عمل حداثي من حيث التكوين والتشكيل، وينتمي للنحت المعاصر "الخشب"، ومستوحى من ذاكرة عمان التي تقع ضمن الأماكن العريقة، وشكلت هنا "اللويبدة ووسط البلد". 
 كينونية "فينيق عمان
يشكل العمل حوارا بين ما هو تراثي ومعاصر، وتأتي تكوينته الأساسية من الخشب وأعمدة الهواتف السلكية القديمة التي يعود تاريخها لسبعين عاما بطول ستة امتار، وانتشرت في كل المملكة وما زالت حتى الآن. وتم اختيارها لأنها شكلت جزءا من ذاكرة الناس، وباستخدامها تشتد العلاقة بالعمل الفني. ويبين مفاضلة أن العمل الفني حينما يغدو قريبا من الناس ومألوفا لديهم، فإنه يحفز التواصل أكثر، وينطبع بذاكرتهم، وهذا سيتحقق من خلال الأعمدة المعاد تدويرها. 
 الفن في كل مكان  
قيمة العمل الفني تستمد من المكان والذاكرة المتمثلة باستخدام الأعمدة الخشبية للهواتف السلكية وتقع بقطر 3 أمتار ترتكز على قاعدة حديدية، ولها هوية بصرية تتقاطع مع الفضاء العام لمحيط منطقة الدوار ويتغير شكله وفقا للرائي والزاوية التي ينظر منها إليه.
واختار مفاضلة اسم "فينيق عمان" والذي جاء بدعم من أمانة عمان الكبرى؛ ليعكس فكرة الانبعاث والتجدد من جديد كطائر الفينيق الاسطوري من الرماد، كرمز لمدينة عمان ودلالة على الاستمرارية والتجدد.
والرائي لهذا العمل من أحد الزوايا يراه جناح طير، ومن أخرى امتدادا لخيوط شروق الشمس، ومن جهة طاووسا، وهكذا تتغير الرؤية بحسب الحركة الإنسيابية للدوار ضمن مسار دائري، ولا يشكل عائقا بصريا أمام حركة السيارات والمشاة، حيث نظمت الأعمدة باتجاهات مختلفة على الأرضية، لتتقاطع مع الفراغات التي تتخللها.
ويتواجد الفن في كل مكان وفقا لـ مفاضلة، فأعماله التي يطورها يستخدم فيها مواد متاحة ومتوفرة في المحيط ولها وظيفة وغاية ما، وهي مفاد رسالة أن "الفن حولنا"، وبمجرد تشكيل هذه الخامات وانتقالها من شكلها المتعارف لآخر عليه يصبح لها حضور مغاير، ووظيفة أخرى مختلفة وهي "جمالية وتعبيرية  بالدرجة الأولى.
تجميل الأماكن العامة 
ووجود أعمال فنية بالساحات والأماكن العامة يوثق علاقة الناس بها، وتكتسب علامات جمالية كما يبين مفاضلة، للتخفيف من حدة التلوث البصري الذي تحدثه اللوحات والإعلانات الترويجية والمنتشرة بكل مكان، وهذا بدوره يحدث تفاعلا بين المكان والأفراد ويمنح بصمة وهوية خاصة. 
وهذا العمل ليس الأول الذي ينفذه مفاضلة، إذ سبق وقدم أعمالا نحتية في عمان، مثل جدارية "قمر عمان" المشكلة من الحديد ومستمدة من تضاريس المكان نفسه وملامحه بهدف تقريب الناس من الفن والتعامل معه.
وزينت أعمال مفاضلة ثلاث محافظات ضمن مشروع "الإنسان والمكان" الذي نفذه أيضا مع وزارة الثقافة، وبدأت في جرش من خلال عمل حمل الاسم نفسه للمشروع، وفي عجلون "تحليق" وفقا لجبالها وفي الطفيلة حمل اسم "عناق".
وفي عمان قام مفاضلة بتنفيذ جدارية "قمر عمان" في منطقة الدوار الثالث والتي تبلغ مساحتها نحو 400 متر موزعة على الواجهات السبع لنفق الدوار الثالث، وتحاكي بشكل غير مباشر المشهديات الطوبوغرافية والعمرانية التي تتزيّن بها جبال عمّان.
وغدت هذه الجدارية مشهدا بانوراميا مفتوحا على المحيط، وعلى امتداد الواجهات السبع  للجدارية، وتداخلت الرموز والإشارات الدالة على علاقة الإنسان مع المكان، مثل البيت والطريق والجبل؛ لتشكل فيما بينها، حواراً مُطلّا على النسيج البصري الذي تتفرّد به جبال عمّان. 
واستخدم فيها ألوانا ساطعة لكسر حدتها هي؛ الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر، جاءت للتأكيد على أواصر العلاقة بين الشكل والحركة؛ فكانت حركة الحزم اللونية على سطح الجدارية، واحدة من تجليات تلك العلاقة.
ومن المفردات الرئيسية للجدارية؛ البيت والطريق والجبل، وتم اشتقاق حروف كلمة عمان التي توسطتها، لتتداخل معا في الإيقاع والتكوين. ويمثل "قمر عمان" بانوراما تتبع تحولات المدينة وتنوعاتها.
ومن هنا ومن خلال الفن يعمل مفاضلة على ايجاد علاقة تفاعلية بين منحوتاته وبين ساكني المنطقة التي يتموضع فيها نحته، وتحديدا في عمان التي تتنوع تقسيماتها الاجتماعية والحضرية، فالمكان هو الحاضن للإنسان ويتأثر كلاهما بالآخر.
والفنان غسان مفاضلة متخصص بالكتابة في النقد الفني في الصحافة الثقافية المحلية والعربية منذ العام 1988، أصدر كتابا نقديا بعنوان "خزائن المرئي- مشهد نقدي في الفن العربي المعاصر"، وشارك في العديد من المعارض الفنية المحلية والعربية والدولية، كما صمم ونفذ العديد من الأعمال النحتية الميدانية، والجداريات الفنية
وحصل على التفرغ الإبداعي لعام 2017 من وزارة الثقافة عن مشروع نحتي بعنوان "تماثيل عين غزال- الإنسان والمكان".