Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Jul-2017

أوراق متعبة - سهير بشناق
 
من أوراق طفلة .
 
الراي - كانت تحتفظ بالعابها في غرفتها تعاند كلماتهم لها ، « انت كبرتي ،اصبحتي صبية ، بدلا من اللعب بالعاب الصغار ستنجبين صغارا ..»
 
لم تفهم معنى كلماتهم كل ما كان يشغلها ان تختلس لحظات من ايامها دون ان يراها احد وتحادث لعبتها وتعيش معها اجمل اللحظات فهي لم تنضج بعد لتكترث لكلماتهم ... لتكتشف حجم ما ينسجونه لها من حياة موجعة بجهلهم وقدرتهم على سرق طفولتها وكيانها ومستقبلها .
 
تذكر جيدا حقيبتها الصغيرة وكتبها ، تذكر مقعدها المدرسي ورفيقاتها التي لم تكن تعلم انها لن تراهم وتشعر بوجودهم بحياتها بعد ذاك اليوم الذي غير ايامها واستبدل الفرح الطفولي بحزن ابدي.
 
ذاك اليوم عادت من مدرستها محملة بقدر كبير من الفرح لتحقيقها تقدما كبيرا في دراستها اخبرت والدتها بانها حصلت على شهادة تقدير وهي تحلم بان تصبح طبيبة تعالج والدتها التي من سنوات وهي تعاني المرض والعجز لكنها كانت دوما تدعم تعليم ابنتها برغم رفض زوجها لذلك واقتناعه بان مكان المراة الطبيعي البيت وحدود احلامها الزوج والاولاد فقط.
 
في ذاك اليوم رأت للمرة الاولى والدتها تبكي بشدة لن تنسى دموعها التي كانت نقطة ضعفها ولن تنسى كلمات والدتها وهي تخبرها بانها لن تذهب للمدرسة بعد اليوم وانها ستتزوج بعد ايام لان والدها يريد ذلك
 
هي ليست باكثر من لحظات لم تتوقف كثيرا عن الزواج والقرار الذي لا تملك امامه اي خيار لكن كل ما عذبها توقفها عن ذهابها للمدرسة واغتيال حلمها بالحياة التي كانت تعيش لاجله.
 
ذهبت الى غرفتها باكية تشتكي للعبتها التي تراها ايضا جزءا من عالمها الطفولي ولم تكن تعلم انها سترحل عنها ايضا مودعة طفولة واحلاما ولحظات جميلة باتت اليوم محرمة عليها لانها ستدخل لعالم النضج قبل أوانه وستغدو زوجة ..
 
زوجة ، كم دفعت ثمن هذا اللقب من ايامها وحياتها بالالام لا يمكنها وصفها او التعايش معها باي وقت كان وسياتي
 
زوجة ، نقلتها بلحظات من كل ما يلف عالم الطفولة من البراءة والقدرة على الحياة والحلم بالمستقبل
 
زوجة ، حرمتها من تفاصيل صغيرة بحياة كل من يكون بعمرها ، كتبها المدرسية ، حقيبتها ، رفيقاتها ، احلامهن الجميلة ، انتظار الغد بتفاؤل وفرح وجودي غير محمل سوى بعبق الحياة
 
لم تملك خيارا بالرفض وهو صورة اخرى من صور الرجولة التي تفرض سلطتها وقوتها على الاخرين خاصة النساء فالرجل باسرتها له حق الخيار والرفض اما هي فلم يكن اماها سوى الخضوع والقبول
 
لم يكن بجانبها سوى والدتها التي عاشت هي ايضا حياة ضعيفة سلبتها خياراتها ووجودها فكان الاسى عنوان حياتها وامسى المرض والعجز عنوان حياتها او ما تبقى منها .
 
هي اليوم بعد مرور سنوات وسنوات على زواجها لم تفقد فقط ذاتها وكيانها ووجودها فهي لم تكن تعلم كيف تخرج من عالمها الطفولي لتربي اطفالا تراهم ضعفا اخر بحياتها
 
اطفال لم تتمكن من الاستمتاع معهم وبهم .. الا بلحظات تراهم بها يلعبون فتستعيد صورة لعبتها التي تشتاق اليها اكثر من اي شيء اخر .
 
كبرت كثيرا .
 
كبرت بتجربتها المؤلمة وبمشاعرها التي لا تعرف منها سوى الالم والحقد والكره للاخرين الذين وضعوها بمكان ليس لها .
 
لكل من حرمها من احلامها ومن لعبتها ومن ايام كثيرة كانت تنتظرها لتحقق كل ما تمنته
 
قلبها لم يعرف الحب وجسدها بلا روح، منذ اليوم الذي لم يرها الاخرون سوى مجرد جسد .... مجرد فتاة ستكون مشروع زوجة وام قبل اوانها رسموا لها حياتها دون ان يكون لها اي خيار بها
 
تالمت كثيرا وفقدت رغبتها بالحياة في اليوم الذي حملت به طفلها لاحدى الطبيبات التي كانت واحدة من رفيقاتها بالمدرسة .
 
حلم عمرها الضائع تراه اليوم بامراة اخرى ، تمكنت من تحقيقه ، وجدت بحياتها من يقدر احلامها ومن يرى بها ابعد بكثير من مجرد امراة مكانها وحدود عالمها الزواج .
 
كم حزنت على ذاتها وهي التي كانت تنتظر اياما واياما ان تكون بمكانها.
 
كم تخيلت ذاك اليوم وعاشت بتفاصيله لترى نفسها بمكان اخر محمل بقدر كبير من الوجع والحسرة .
 
امراة دفعت ثمن اخطاء الاخرين بحقها ... تنازلت دون خيارها عن كل شيء جميل ونقي لتبدو اليوم امراة بلا روح وبلا حياة ... تحيا طالما قلبها ينبض ولا يصلها بالحياة شيء سوى انتظار ان تتنهي علها تجد بعالم اخر راحة وطمأننية لم تعثر عليها بقسوة البشر ... وعذابهم لها .