Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Jun-2017

أصـابـع الاتـهــام - د. صلاح جرّار
 
الراي - عندما ننتقد تاجراً فاسداً يغشّ في بضاعته وأسعاره، فالأصل أن ننتقد التاجر والفساد الذي يمارسه وننظر إليه من هذه الزاوية، وليس لنا أن ننتقد العمل في التجارة، لأنّ هنالك تجاراً آخرين أمناء في تجارتهم ويمثلون النموذج الصالح من العاملين في هذه المهنة، فالذي يحدّد موقفنا من هذا التاجر هو فساده وليس تجارته.
 
وكذلك يقال عن الطالب الجامعيّ الذي ينخرط في المشاجرات الطلابيّة ويلحق الضرر بالبيئة التعليميّة، فإنّ انتقادنا له هو بسبب سلوكه المخالف للقيم والأعراف وليس بسبب كونه طالباً، إذ يوجد في الجامعات طلاب آخرون يمتازون بالخلق الرفيع والمثابرة والنشاط العلمي، ولا يمكن أن يكون الانتساب لطلب العلم سبباً في السلوك المرفوض للطالب.
 
وتنسحب هذه القاعدة على سائقي سيّارات الأجرة، فإذا كان بعضهم غير ملتزم بقواعد مهنته ولا بأنظمة السير فإن الانتقاد ينبغي أن يوجّه إلى سلوكه وليس إلى مهنته، إذ يوجد من السائقين من هو صاحب دين وخلق وأدب والتزام واحترام لمن يركبون معه.
 
وهذه القاعدة تنطبق على الوظائف والمهن ومجالات الحياة كافّة، فلا يجوز إطلاق الأحكام السلبيّة على هذه الوظائف والمهن والاختصاصات والمجالات، بل على السلوك المخالف الذي يرتكبه بعض المنتمين إليها، فنحن لسنا الوحيدين على هذه الأرض ممّن لديهم تجار وطلبة وعمال وسائقو سيّارات وغير ذلك، فهذه مهنٌ لا غنى لأمّة من الأمم عنها، ولكن من الناس من يلتزم بقواعدها ويستحق أن يحظى بالاحترام والتقدير، ومنهم من يخالف هذه القواعد ويجب انتقاده ومحاسبته، لا انتقاد مهنته ومحاسبتها.
 
إنّ ما ينطبق على المهن والوظائف والاختصاصات ينطبق أيضاً على الشعوب والأديان والطوائف والبلدان، ولا يجوز الحكم بالسوء على أيّ من هذه الشعوب والأديان والطوائف والبلدان وسواها بسبب سوء تصرّف واحدٍ أو جماعة من أفرادها، بل الأصل أن نحكم بالسوء على من كان سلوكه فاسداً، فإنّ فساد الأفراد والجماعات التي تنتمي لأمّة أو دين أو طائفة موجودٌ في كلّ الأمم والأديان والطوائف، ولذلك فإنّ النقد ينبغي أن يوجّه إلى الشخص الفاسد أو الجماعة الفاسدة وليس إلى الأمّة أو البلد أو الدين أو الطائفة التي ينتمي إليها.
 
وعلى ذلك فإنه يجب على المثقفين وأصحاب الأقلام أن يحذروا من الانزلاق إلى توجيه انتقاداتهم لأمم أو أديان أو طوائف أو بلدان يصدر من أبنائها أو بعضهم إساءات أو ممارسات مرفوضة، فالأصل أن توجه الانتقادات لتلك الممارسات والإساءات وأصحابها، ما لم تكن تلك الإساءات والممارسات ذات طابع رسميّ و صادرة عن دول مارقة كدولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، ففي مثل هذه الحالة يصبح نقد هذا الاحتلال بل ومهاجمته واجباً وطنيّاً وقوميّاً.
 
salahjarrar@hotmail.com