Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Mar-2018

بعض التواضع لا يضر - اليكس فيشمان

 

يديعوت أحرنوت
 
الغد- ما نخشاه يأتي لنا. هناك انطباع بان ما سيبقى من قصة الهجوم في دير الزور هو كومة من الفضلات: تشهيرات، ثرثرات واتهامات متبادلة. ففي غضون يوم أصبح الهجوم الصيغة الحديثة لسفينة المهربين الاسطورية اليتالينا. فجأة، بعد سنين، الكل يدعي بأنهم كانوا هناك. كلهم أوصوا، كلهم خططوا، كلهم جلسوا في مقر القيادة، كلهم عرفوا وقالوا شيئا ما لاحد ما في القيادة. لم تكن لحظة لم تسمع فيها أمس كلمة أنا: أنا قلت، أنا قررت، أنا كنت عند رئيس الوزراء، أنا ارسلت، أنا كنت الوحيد الذي علم بأنهم كلهم أخطأوا. أنا وأنا وأنا.
 
من حظنا أن احتفال الأنا المخدرة الذي وقع هنا أمس قطعه للحظة رئيس الموساد السابق، تمير باردو الذي ذكر كم هو الملك عار. إذ ان قضية دير الزور هي أولا وقبل كل شيء فشل استخباري ذريع. فذات الأشخاص الذين كانوا مكلفين بالمعلومات الاستخبارية، واصدار الاخطار، هم الذين كان يفترض بهم أن يمنعوا وضعا تقف فيه إسرائيل أمام خطر وجودي – قد فشلوا.
 
وهؤلاء إلى هذا الحد أو ذاك هم ذات المسؤولين الكبار في هيئة الاركان، الذين كانوا مسؤولين عن "النجاح" المزعوم في حرب لبنان الثانية، بإدارة ذات رئيس الوزراء. فمسرحية أمس كانت فرصة لكل اولئك الذين لم تثني لهم لجان التحقيق القانوني والمهنية لحرب لبنان على نحو خاص كي يحصلوا على نوع من اعادة الاعتبار إلى جانب نصيب من كعكة الحظوة.
 
لقد استثمرت دولة إسرائيل الكثير في الاستخبارات، في العملاء، في الاقمار الصناعية. كل فرقة سورية مشطت بالمجهر. ولكن عن مشروع نووي بني في سورية على مدى ست سنوات، بمساعدة خارجية، لم يعرفوا أي شيء. اما اليوم فالكل يروي بأنهم كانوا يعرفون، كانوا يشكون، وانهم فحصوا ذلك منذ 2004. هراء. فبالصدفة تماما اكتشفوا الكوريين الشماليين. ولولا قسم المباحث في الموساد، الذي استخدم سلسلة من العمليات التي لم تنجح معظمها، ونجح في الدقيقة التسعين في جلب النبأ الذهبي، لكنا عالقين اليوم مع مفاعل نووي سوري. إذن فقليل من التواضع يا سادتي السياسيين، الجنرالات المتقاعدين، النواب، وباقي شركاء السر وبالعي الحظوات.
 
لقد لعبت الرقابة في هذه القصة دور الاداة. فمن اللحظة التي تم فيها التوجه إلى المحكمة العليا قبل نحو سنتين لتحرير مقابلات صحفية اجريت مع اولمرت ودغان للقناة 10، وقفت الرقابة في معضلة. فقد صادقت المحكمة العليا على ابقاء المنع ولكنها اوصت بفحص امكانية السماح بنشر اجزاء من القضية. اما الرقابة فقد سوفت وسوفت، وعندما اعتقدت المحافل المسؤولة عن حماية الاسرار في الأجهزة الأمنية المختلفة بانه لم يعد أي تهديد في النشر، تقرر النشر منذ تشرين الثاني من السنة الماضية. كما ان تنفيذ هذا القرار تأجل وتأجل لاعتبارات مختلفة، وعلى رأسها احداث عملياتية في الشمال كان من شأنها أن تتفاقم في ضوء النشر. كما أن كتاب اولمرت انتظر تنفيذ القرار. وبخلاف ادعاءات النواب اعضاء الكنيست لم تنكشف حاليا تلك الاسرار المتعلقة بالعملية والتي يطلب جهاز الأمن حمايتها، ولكن الضرر للمجتمع الإسرائيلي وقع.
 
لقد أعلن وزير الأمن ليبرمان من رحلاته في افريقيا، بانه يأسف لاذنه للرقابة بتحرير القصة. وهو محق. فقد فكر بتعابير الردع في مواجهة الايرانيين وبتعابير المعنويات قبيل احتفالات السبعين للدولة. ولكنه فقط لم يأخذ بالحسبان بأن إسرائيل، مثلما وصفها ذات مرة قائد سلاح الجو الاسطوري بيني بيليد الرحل، لا تزال ليست دولة بل بلدة شرق اوروبية نائية. ففقط في "شتايتعال" يمكن لحدث له معنى وطني، عملياتي وردعي هام، أن يصبح حدث حسابات صغيرة وكراهية كبيرة.