Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2016

دَعْوى لا قِوامَ لها - ابراهيم العجلوني

 

الراي - حين تكثُرُ الأسرارُ في عقيدةٍ ما تصبح وَجْداً خاصّاً مقتصراً على جماعة بعينها، وتنأى عن ان تكون دعوة عامة للبشر او مَظلةً قيميّة يفيئون اليها جميعاً.
 
من اجل ذلك يشكك بعض الباحثين في كثير من الاقوال المروية عن بعض أئمة آل البيت الكرام، مثل ما يُروى عن الإمام جعفر الصادق من قوله: «قضيتنا سِرٌّ في سرّ، سرٌّ أمر دائم السّتر، سرٌّ لا يكشفُ عنه إلاّ سرٌّ آخرُ. إنّه سرٌّ على سرّ»، ومثل ما يُروى عن الإمام علي زيد العابدين من قوله:
 
إنّي لأكتم من علمي جواهره كي لا يرى الحقَّ ذو جهلٍ فيفتننا
 
فربّ جوهر علم لو أبوحُ به لقِيلَ لي أنت ممّن يعبدُ الوثنا
 
ولعل هذا السر او «بان الباطن المستور ابدا» ان يكون ابعد شيء عن الشجاعة الادبية التي تحلى بها آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على مدى التاريخ الاسلامي، اذ هم قوم يصدعون بما يؤمرون، ويدعون الى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويبينون للناس ما يحييهم من هدي ومكارم اخلاق، وهم السابقون الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة شعائر الله، ولا يكون شيء من ذلك كله في خفاءٍ او كتمان، ومن يقرأ «مقاتل الطالبين» لأبي الفرج الاصفهاني يطّلع على شواهد كثيرة لهذه الشجاعة الادبية التي تمتع بها أئمة آل البيت، وعلى ما تأدت اليه من تضحيات جسام، ناهيك بما اوتوه – وهم ورثة البيان وقوة الجنان – من قدرة على الدعوة المبينة الى نور الاسلام، بعكس ما تم عليه الروايات المنتحلة من كتمانهم للشهادة طلباً للسلامة او تعالياً بعلم مكنون او بغير ذلك من تعلاّت اصحاب تلك الروايات التي احسب ان معظمها جاء في سياق تسويغ النزعات الباطنية التي استترت بها «الشعوبيّة» قديماً وحديثاً..
 
إنّ كتاب الله الكريم «بيانٌ للناس» لا سرٌّ محجوب عنهم. وأئمة آل البيت الكرام هم اولى الناس بتبيانه لغيرهم وايضاح معانيه والعمل بمقتضى احكامه. ولقد كانوا خير حملةٍ لهذه الامانة (الشهادة) فلم يكتموها بحال، وكانوا في ذلك خير خلف لجدّهم «السراج المنير»، على الرغم ممّا قاسوه جرّاء ذلك، فأيّ سرّ في ذلك وأي باطن و(باطن باطن) وأشياء لا يُباحُ بها؟.
 
ألا إنها دعوى عريضة لا قوامَ لها في منطق الاسلام الواضح الجلي، وهي دعوى تظاهرت اسباب متكثرة على تفشيها: اغلبها مبعثه شعوبي، والذين يتوّلون كِبرها يتناسون أن القرآن تنزّل بلسان عربي مبين، وأن النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه عربي صميم وأنه وآل بيته أشجع العرب وأفصحهم، وأصدقهم وفاءً بعهد: «ولتبينّنه للناس ولا تكتمونه»، فأيّ أسرار وأي مكنونات وراء ذلك، وأي «بيان للناس» بعده؟!.