Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Mar-2018

ترمب إذ يرفع وتيرة «التحرّش».. بـ«الصين»!! - محمد خروب

الراي - يبدو الرئيس الأميركي في عجلة من أمره، تدفعه الرغبة بالهرب إلى الأمام من الأزمات الداخلية التي تربكه وتكاد تطبق على موقعه الرئاسي, بعد أن شقّ المحقِّق الخاص في الملف المزعوم عن التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية الأميركية... طريقه إلى شركات ترمب التجاريّة, وأخذ الجدل بين ساكن البيت الأبيض ومدير الـFBI السابق جيمس كومي يزداد, حيث هدّد الأخير بأن «يستمِع» الشعب الأميركي الى «قصتِه».... فضلاً عن الآثار السلبية التي انعكست على أداء ترمب نفسه, بعد اطاحته المهينة لرئيس الدبلوماسية الأميركية «السابق» ركس تيلرسون، وتعيينه أحد أكثر العنصريين وهو مايك بومبيو... مكانه، المعروف بصقوريته المفرطة وكراهيته العميقة ليس فقط للإسلام والمسلمين, بل هو من أنصار التشدّد وشنّ الحرب على كل مِن إيران وكوريا الشمالية.

ترمب الذي يواصل ارتكاب المزيد من الأخطاء السياسية والدبلوماسية الفاضِحة, التي تعكس ليس فقط جهله وارتباكه بل وافتقاده إلى «بطانة» محترفة قادرة على لجم نزواته، يذهب هذه المرة في اتجاه الصدام مع الصين واستفزازها وتصعيد التوتر معها، سواء في ميله لإشعال حرب تجارية ضارية معها, بعد أن فرض رسوماً جمركية عالية «25 «%على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم من الصين ودول أخرى ( لكنه أعفى كندا والمكسيك منها)، بل عندما أقدم على المسّ بالقاعدة «السياسية» والأساس التي قامت عليها العلاقات الصينية الأميركية منذ سبعينيات القرن الماضي, والتي أفرزتها دبلوماسية «البينغ يونغ» التي قادها «الثنائي» الأميركي هنري كيسنجر، وريتشارد نيكسون (الرئيس الأميركي وقتذاك)، ما شكّل إختراقاً استراتيجياً, راهنت الإدارة «الجمهورية» الأميركية من خلالها على استمالة صين ماوتسي تونغ إلى جانبها, متكئة على احتدام الصراع العقائدي بين موسكو وبيجين، وبخاصة ان واشنطن كانت قد خرجت مهزومة للتّو في حربها الإجرامية على الشعب الفيتنامي.
مبدأ «صين واحدة» هو الذي قامت عليه العلاقات الاميركية الصينية, تلك العلاقات التي شهدت فترات مدّ وجزر في دفئها وبرودتها طوال أربعة عقود ونيف, لكن قطيعة بينهما لم تحدُث, واستطاع الطرفان المحافظة على الحد الأدنى من «الدِفء», لا يلبث التوتّر أن يعود بهذه الدرجة أو تلك, ويُسهم منسوب العلاقات الدولية ولعبة التحالفات والاصطفافات على الساحة الدولية, كما محاولات الصين لتجنّب اي مواجهة مع الولايات المتحدة تحول دون مواصلة صعودها السلمي ورغبتها في بناء نظام دولي جديد ينهض على «تعدّد الأقطاب»... في استمرار هذه العلاقات المتذبذبة مع واشنطن, وبخاصة أن بيجين باتت أكبر «دائن» للولايات المتحدة من خلال استثماراتها التي تفوق التريليون دولار في السندات الأميركية.
ترمب يحاول العبث بمبدأ «صين واحدة», بعد توقيعه على «قانون» ينصّ على تبادل الزيارات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان, التي تعتبرها الصين إقليماً منّشقاً..
كجزء لا يتجزأ من البرّ الصيني، رغم التوضيح غير المقنِع وغير المبرّر الذي اصدره البيت الأبيض بزعم أن القانون «غير مُلزِم»، في الوقت الذي تدرك فيه الصين طبيعة وحجم المراوغة الأميركية في هذا الشأن, ومحاولاتها التي لا تتوقف سواء في عهود الديمقراطيين أم الجمهوريين لـ»الاستثمار» في مسألة تايوان, خصوصاً أن القانون الجديد يُلزِم واشنطن بمساعدة «تايبه» في الدفاع عن نفسها، في الوقت نفسه الذي لا تتوقف الولايات المتحدة عن توريد مختلف أنواع الأسلحة المتقدمة إليها, بل هي مورِّد الأسلحة الرئيسي لهذا الإقليم المُنشقّ.
وإذ طوت الصين مؤخراً صفحة التعديلات الدستورية التي ألغت تحديد ولايات الرئيس الصيني بـ»ولايتين», وأعادت انتخاب الرئيس الحالي «شي جين بينغ» رئيساً لولاية ثانية تستمر لخمس سنوات (تنتهي في العام 2023 (ولم يعد ثمة على جدول أعمال الحزب الشيوعي الصيني سوى المضي قدماً في دعم الرئيس «شي» الذي أقسم على «احترام الدستور بالعمل في سبيل إقامة بلد اشتراكي كبير وحديث»، فإنّ بيجين تتأهب في ما يبدو لمواجهة ترمب, عبر التلويح بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء القرارات العبثية والمؤذية التي يحاول من خلالها المسّ بالمصالح الصينية. إن لجهة التسبب باندلاع حرب تجارية والزعم بأن قراراته تستهدف الحد من الاختلالات في ميزان التبادل التجاري المائل بشدة لصالح الصين, ام لجهة تشكيكه بمبدأ «صين واحدة» واستخدامه ذريعة للتحرّش بالصين وعرقلة صعودها السلمي الذي بات يُقلق واشنطن وحلفائها, وبخاصة في منطقة بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ بشكل عام, والذي تسعى الإدارة الحالية (كما إدارة أوباما التي سبقتها) لحشد كل «خصوم» الصين, للحؤول دون الأخيرة وبسط سيطرتها على تلك المنطقة الاستراتيجية وممر الحركة التجارية الأكبر في العالم.
تهديد بيجين بأن «التعامل مع مثل هذه القضايا (تايوان) بشكل غير لائق، قد يؤدّي إلى تخريب العلاقات الصينية الأميركية بشكل خطير».. ليس مجرد كلمات عابرة, بل يأخذه الأميركيون في الإعتبار, إذ معروف أن الصين في هذه المسألة «تحديداً» لا تساوم ولا تتردّد في الذهاب بعيداً وإلى آخر الشوط لإفشاله ووضع حد له، وهو أمر لا نعتقد أن ترمب وفريقه المرتبِك وغير المنسجم, حتى مع وصول مايك بومبيو للخارجية الأميركية.. في صدّد الاستهانة به أو إدارة الظهر له.
kharroub@jpf.com.jo