Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2019

في قضية السلاح مرة أخرى* ماجد توبة

 الغد-جدل واسع شهدته مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الصحف والمواقع الإلكترونية حول مشروع قانون الذخائر والأسلحة المعدل، الذي تنص تعديلاته على مكافحة انتشار السلاح غير المرخص وجمعه، وسط نشر أرقام صادمة أعلن عنها في قضية السلاح مرة أخرى.

وزير الداخلية مؤخرا يقدر حجم قطع السلاح المنتشرة بين أيدي المواطنين بنحو عشرة ملايين قطعة، طبعا الكثير منها أسلحة أوتوماتيكية لا يحملها حتى رجل الأمن في الظروف العادية.
ونفهم اختلاف الآراء حول الحق من عدمه للمواطن بامتلاك سلاح فردي للدفاع عن نفسه وعائلته بحيث يكون مرخصا وسلاحا خفيفا، لكن ما يستوقف المتابع في الجدل الواسع حول هذه القضية محاججة البعض عن وجهة النظر الرافضة لجمع السلاح غير المرخص بالحديث عن ارتباط السلاح بهيبة المواطن واعتباره تقليدا وتراثا أردنيا. وأيضا ربط التوجه لمكافحة انتشار السلاح بأبعاد سياسية لها علاقة بالتمهيد لسحب قدرة المواطنين على الدفاع عن وطنهم بوجه أطماع إسرائيلية وخارجية.
أرى أن سحب النقاش والجدل إلى هذه المسارات من الحجج والتبريرات لمعارضة جمع السلاح غير المرخص خطأ واضح، وينزلق بالجدل إلى مرحلة حادة من التخوين والمزاودة على وطنية الآخرين المؤيدين لمكافحة الانتشار الكبير للسلاح في المجتمع وتسببه بوقوع مئات الضحايا الأبرياء سنويا، سواء في الأفراح والمناسبات أو في المشاجرات الفردية والجماعية أو في التصدي لقوات الأمن عند قيامها بواجباتها بتطبيق القانون وحفظ الأمن.
وقد يكون الأكثر غرابة هو في تبنّي العديد من المسؤولين السابقين من مرتبة وزير وحتى ما هو أكبر لمعارضة التوجه الرسمي بمكافحة انتشار السلاح والاستناد إلى قصة الهيبة والتراث والخطر الخارجي، ومحاولة التقليل من خطورة المشكلة في الأردن، وكأنّ الأرواح العديدة التي تزهق ظلما وبهتانا بالرصاص الطائش بالمناسبات وحفلات التباهي، أو الرصاص المقصود بالجرائم والعمليات الإرهابية ومن قبل عصابات المخدرات أو في المشاجرات والعنف المجتمعي، كلها تقع على هامش المشكلة ومن الأعراض الجانبية لها مقابل ما يحققه امتلاك السلاح وانتشاره الكبير من “هيبة” و”عنفوان” وطني، واستعداد لمقبل الأيام عندما يحتدم الاشتباك مع العدو بساحات الوغى.
أحيانا تشعر أن معارضة مكافحة انتشار السلاح تحت مثل هذه الحجج غير المعقولة هو مجرد مناكفة للحكومة والجهات الرسمية ما يعيدنا لقصة تراجع الثقة الشعبية بكل خطاب رسمي باعتباره مشكلة شبه مستعصية اليوم جراء تراكمات وتعقيدات كثيرة اشبعت تحليلا وتفسيرا، وأحيانا أخرى تشعر أن البعض، خاصة من مسؤولين سابقين، لا يهمه سوى تقديم خطابات شعبوية حتى لو كانت نتائجها ضد مصالح الناس والمجتمع، وقد يكون الأخطر أنها قد تعكس حقا مستوى الوعي السياسي والعام الذي يمتلكه هذا المسؤول السابق.
أعتقد أن الأساس الذي يجب أن ينطلق منه النقاش لهذه القضية ليكون منتجا، هو تقديم قراءة حقيقية وغير زائفة لمشكلة انتشار السلاح في الأردن.. مظاهرها ومعطياتها وأسبابها.. ومن ثم تجلياتها وانعكاساتها على الأرض وفي الواقع ومآلات عدم معالجة المشكلة حاليا إن أقررنا أصلا بوجودها. الوعي بالمشكلة والاعتراف بها دون تجميل أو تضليل ذاتي مفتاح النقاش العام المنتج للقضية والذي يمكن أن يقود لحلول تنفع الناس وتمكث في الأرض.