Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Dec-2019

امــرأة مــن شــاكـلتـكـــم قد تحكمكم يومًا!*رمزي خوري

 الدستور

في العام 1976 كانت مارغريت ثاتشر زعيمة المُعارضة في المَملَكة المتحدة فأَلقت خِطاباً عَرمرَمِّياً تطلب من بريطانيا أن تستفيق لخطر هيمنة الاتحاد السوفيتي للعالم. فردَّ عليها صحفي سوفيتي بمقال يُشَبِهُها فيه بالقائد التاريخي «أوتو فان بسمارك» المؤسس للحرب العالمية الأولى والملقّب بالرجُل الحديدي بسبب استخدامه المُتكرِر بخطاباته لمُصطَلح «الحديد والنار.»
الصحفي بمجلة «النجمة الحمراء» يوري جافريلوف نشر مقاله بعنوان «المرأة الحديدية تُثير المَخاوِف» فقامت جريدة «الساندي تايمز» البريطانية بإعادة نشر المقال في اليوم التالي من صُدوره. لم يمضِ أسبوع حتى وقفت تاتشر أمام مُريدي حزبها بدائرتها الانتخابية لتُعلن: «أقِفُ أمامكم هذا المَساء بفُستاني المصنوع من شيفون النجمة الحمراء، وجهي مُجمَّل بلُطف وشَعري الأشقر مُجعَّد بلُطف: المرأة الحديدية بالغَرب.»
وهكذا وُلِدَت «المرأة الحديدية» التي نَجحَت بالانتخابات وتربَّعت على مقعد 10 داونينغ ستريت إحدى عشر عاماً من الخَصخَصة والتعبِئة بالحرب الباردة بين الأقطاب شريكة أمريكا بقيادة المُحافظ جِداً رونالد ريغن. كانت حليفة واشنطن الحديدية حقاً مُرعبة على الصعيد العالمي وعلى الصعيد المحلي حيث انقسم الشعب البريطاني إلى من يتبع فكرها المحافظ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً والمُغالي بالوطنية وبين من يريد أن يُنقذ البلاد من «قاسية القلب» الأبرد من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
يُوجد أمثلة عديدة على قسوة ثاتشر وخاصة عندما كان الأمر يتعلق بإيرلندا وشعبها المُطالب بحرّيته ووحدته ومِنها ترك عشرة سُجناء يموتون بإضراب عن الطعام على رأسهم القائد الإيرلندي الشهير «بوبي ساندز» الذي كان قد نزل بالانتخابات وحَصَد أصواتا أعلى من عدد الأصوات التي أوصلت ثاتشر للحُكم. قرَّرت مَجموعة «الجيش الجمهوري الايرلندي» اغتيالها بتفجير فُندق برايتون ب1984 قبل يوم واحد من انعقاد مُؤتمر حزب المحافظين فيه وبعد التأكد أن ثاتشر بنفسها كانت بداخله. قُتل خمسة فقامت المرأة الحديدية بعقد المؤتمر بميعاده وكأن شيئاً لم يكُن.
ثاتشر كانت أوَّل امرأة تقود حزب رئيسي مُعارض ببريطانيا وأول امرأة تُصبح رئيسة وزراء ببريطانيا وصنعت فلسفة سياسية جديدة باسمها: الثاتشرية. ومع هذا، عندما توفيت عن عمر يناهز 87 في العام 2013 وقررت الحكومة تكريمها بجنازة رسمية قام الشعب ولم يقعد! أحد الأسباب كانت الكلفة الباهظة للجنازة، 3.6 مليون جنيه استرليني، لشخصية خلافية بامتياز. 3.1 مليون صُرِفَت على الأمن خوفاً من أن يقوم طرف ما بمحاولة اغتيالها مرة أخرى قبل مواراتها الثرى.
لن أتكلم هنا عن نِساء أُخريات من أهَّم قيادات العالم كأنديرا غاندي، مثلاً، ولا يوجد مُناسبة خاصة للكتابة عن ثاتشر اليوم غير خبر أن فنلندا قامت بانتخاب حكومة تقودها خمسة من النساء على رأسهم أصغر رئيسة وزراء بالعالم، سانا مارين، البالغة 34 ربيعاً أخضر جميلاً. أربعة من الخمسة نساء تقل أعمارهم عن 35! قامت فنلندا بانتخاب شابات لقيادة البلاد وما أدراك ما الشباب الذي «ليت أن يعود»؛ اذا كنت ذكراً، بالطبع.
وبما أن هذا الخبر قد يكون وقعه ثقيلاً على أنفاس تلك الفئة من شعبنا التي تعتبر أن فكرة قيادة المرأة (الجنس اللطيف) لشعبها هرطقة مرعبة كتبت لهم عن ثاتشر. فقصة ثاتشر هذه قد تُوضِح بأنه يُوجد نِساء من القسوة والقدرة والحديدية بمكان لتمثيل فكرهم المُحافظ والقاسي بامتياز مع أن وجه هؤلاء النساء مجمَّل بلُطف وشعرهم مُجَّعد بلُطف.
شخصِياً، أُفضِّل أن تحكمني شابة من وسط اليسار تتمتع بجمال تلك النساء اللواتي يركُض إياهم خلفهم بالشوارع، إن كانت مِن العَقل والمَعرِفة والحِكمة ونَظافة اليَد.