Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jun-2018

النقد البنّاء...لا الانتقاد الهدّام - المحامي الدكتور محمد عبداالله الظاهر

الراي - جاء تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة في ظرف خاص لم يسبق أن شهده تشكيل أي من الحكومات السابقة في عهد جلالة الملك عبداالله الثاني ابن الحسين، فالظرف الاقتصادي العسير والاحتجاجات الشعبية التي طالبت بتغيير الحكومة السابقة ونهجها الاقتصادي، والانحياز الملكي لشعب شكلت بمجملها ذلك الظرف الخاص الذي من رحمه ولدت الحكومة الجديدة، فقد اعتدنا في السابق أن يتم تسمية رئيس الوزراء المكلف حال استقالة الحكومة السابقة أو اقالتها، الا أنه في الحكومة الحالية استغرق اختيار الرئيس والتكليف وقتا وفكرا ودراسة من لدن صاحب القرار جلالة الملك، في دلالة واضحة لا تقبل التأويل بأن التروي والتفكير العميقين كانا حاضرين في اختيار الرئيس المكلف أكثر من أي مرحلة سابقة، وبشكل لا يمكن تفسيره الا استكمالا لانحياز جلالته لشعبه، وهو ما يتضح من خلال كتاب التكليف الذي أكد جلالته من خلاله على ضرورة إطلاق مشروع نهضة وطني شامل، قوامه تمكين الأردنيين من تحفيز طاقاتهم، ورسم أحلامهم والسعي لتحقيقها، وتلبية احتياجاتهم عبر خدمات نوعية، ومنظومة أمان اجتماعي تحمي الضعيف في ظل بيئة

ضريبية عادلة، وذلك من خلال جملة من الاولويات والثوابت تبدأ بإطلاق طاقات الاقتصاد الأردني وتحفيزه
ليستعيد إمكانيته على النمو والمنافسة وتوفير فرص العمل، وتبني الحوار والتواصل وبناء التوافق باعتبار
ذلك من أهم الأدوات التي على الحكومة أن ترتكز إليها في انفتاحها وتواصلها مع السلطات الأخرى ومع
المواطنين.
إزاء ذلك، وعلى وقع ما تمخض عنه اجتماع مكه الرباعي من اتفاق ينص على حزمة من المساعدات الاقتصادية
للأردن يصل مقدارها إلى 5.2 مليار دولار، فقد ولدت الحكومة الجديدة في أجواء تدعو الى الاعتقاد الجازم بأن
الضغوطات الاقتصادية التي اسفر عنها تبني نهج اقتصادي قاس من الحكومات السابقة، قد تراجعت نوعا
ما، وبشكل منح للحكومة الجديده هامشا من الراحة والمرونة في اتخاذ قراراتها خاصة ذات الطابع
الاقتصادي، ووضعها في ظرف افضل مما كان، وهو الامر الذي يتعين معه التفكير بموضوعيه بعيدا عن
الانفعالات والتسرع في اطلاق الاحكام بصورة جزافية، والكف عن محاولات اجهاض الحكومة الجديده في
مهدها، فالعجول مخطئ ولو ملك، والمتأني مصيب وإن هلك، ومن هنا فإن الدعوة للجميع التروي ومنح
الحكومة الجديده الفرصة لاثبات قدرتها على ادارة المرحلة، واعتماد اسلوب النقد البنّاء الذي يستهدف الحقيقة المجردة وتحسين الاوضاع بعيدا عن الانتقاد الهدّام الذي لا يستهدف سوى كسب المواقف واثبات الانتصار الآني بعيدا عن المصداقية، وذلك بالكف عن استخدام المنابر الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي للمناكفات والمهاترات التي لا تتضمن في غالبيتها نقدا موضوعيا بقدر احتوائها على مجرد شائعات واتهامات وأحكام مسبقة لا تتصل بالحقيقة والواقع بأي صلة، ناهيك عن أن النهج المتبع في تقييم أداء الحكومات هو قياس الرأي العام بعد مضي مئة يوم على تشكيلها، باعتبار ذلك الحد الادنى من الوقت الذي يمكن معه الحكم ولو بصورة مبدئية على أداء الحكومة، كذلك فإن الامر يتطلب من مجلس النواب أن يتمتع بالتوازن المنشود عند مناقشاته للبيان الوزاري وجلسة الثقة، وعدم الانزلاق في براثن المناكفات تحت وطأة الاعتقاد بأن ذلك سيشكل سببا لبناء شعبية للمجلس وأعضائه، ولعل القول بخلاف ذلك سيضعنا في حالة من التأزيم غير المبرر، خاصة وأن جميعنا يعي حجم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهنا.
وفي ذات السياق، تجدر الاشارة الى أن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ومنذ تكليفه استطاع ان يلتقط مضامين كتاب التكليف ويضعها موضع التنفيذ الفعلي والفوري، حيث قدم العديد من المبادرات الايجابية ابتداء من الاعلان عن عزمة سحب مشروع القانون الجدلي المعدل لقانون ضريبة الدخل من مجلس النواب بعد حلف اليمين الدستورية مباشرة، وهو ما تم بالفعل، في اشارة صريحة وواضحة الى تبني نهج الحوار الوطني الذي ستنتهجه حكومته، هذا فضلا عن مجموعة القرارات التي اتخذتها الحكومة والتي تدل عل جديتها في مراجعة العديد من القرارات لا سيما الاقتصادية منها والتي كانت محل نقاش خلال الفترة الماضية، ولذلك فقد كان لزاما علينا ان نكون عونا للحكومة الجديدة لا عبئا عليها، في انتظار ما سيتمخض عنها من اعمال ومنجزات، دون الاخلال بممارسة حق الرقابة وإعمال قواعد المساءلة والمحاسبة بالطرق الدستورية من خلال مجلس النواب الذي يمكنه عندها تعزيز دوره الرقابي واثبات قدرته على تحمل مسؤولياته.