Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Aug-2017

تعليم جيل الأجهزة اللمسية المهارات الأساسية - أدريان بريدجواتر
 
متخصص في شؤون تطوير البرمجيات وإدارة المشاريع والتكنولوجيا
 
الغد- أدريان بريدجواتر يتحرى تأثير التكنولوجيا على الشباب في العالم العربي، ويتساءل هل ينشأ الشباب على الانخراط في عالم الأجهزة اللمسية بدلًا من التفاعل بشكل صحي مع الآخرين؟
يُستخدم مصطلح جيل طفرة المواليد" لوصف الشريحة الاجتماعية التي وُلدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. فمنذ ذلك الحين، ظهر الجيل "X" بدءًا من منتصف الستينيات، والجيل "Y" (أو جيل الألفية") الذي يمتد من أواخر السبعينيات حتى منتصف التسعينيات، وأخيرًا الجيل "Z" (في الوقت الحاضر) المتعارف عليه عمومًا أنه يشمل الأشخاص الذين وُلدوا قبل الألفية مباشرة حتى يومنا هذا.
ويُطلق على الجيل "Z" عدة أسماء أخرى؛ حيث إنه ما يزال بعض أطفال الجيل "Z" دون سن العاشرة، وبما أن جهاز "الآي باد" واسع الانتشار لم يُطرح سوى في عام 2010، فلا عجب أن الجيل "Z" معروف أيضًا باسم جيل الآي باد" أو في الواقع جيل الأجهزة اللمسية".
الأجهزة اللمسية تطغى
 على تعلم المهارات الأساسية
على موقع يوتيوب" يمكنك العثور على فيديو بعنوان: "المجلة الورقية أصبحت جهاز آي باد عاطل عن العمل A Magazine Is an iPad That Does Not Work". تظهر بالفيديو طفلة تحاول تمرير الصفحات في إحدى المجلات على أمل الحصول على التفاعل الديناميكي الذي يوفره جهاز "الآي باد"، لكن صفحات المجلة المطبوعة جامدة لا تستجيب. وعندما لا تحصل الطفلة على أي استجابة من صفحة المجلة، تفحص إصبعها لتكتشف لماذا "توقف عن العمل"! 
إن هذا التغير الهائل في الإدراك والسلوك البشري يطرح بعض الأسئلة: هل يمنح الانتشار الحالي للتكنولوجيا قدرة أكبر لشبابنا العربي كي يتعلموا ويفكروا ويستنتجوا وفي النهاية ينجزون؟ أم أن الاعتماد على "تلقيمات المعلومات" وأدوات البيانات المؤتمتة يشكل مستوى جديدًا من الخطر على جيل الأجهزة اللمسية؟ 
بصرف النظر عن أي مرشحات وأسئلة إقليمية تحيط بحيادية شبكة الإنترنت، فإنها ساحة رحبة ومفتوحة على مصراعيها! وهذا يعني أنه يمكن لأي شخص استهلاك جميع الأفكار والمفاهيم. إن الإسهام القوي يمكن أن ينتشر انتشارًا واسعًا عن طريق الفكرة المعروضة وليس بسبب مؤهلات أو شهادات صاحب الإسهام. 
تأثير العالم الافتراضي على العالم الحقيقي
نتيجة تعاملاتنا على شبكة الإنترنت، نستطيع اختيار ما نريده بشكل طبيعي وعادي جدًا؛ إذ يمكننا اختيار مقدار تفاعلنا مع كل تطبيق وكل مصدر معلومات وكل مجموعة تواصل اجتماعي. ونتيجة لذلك، ينتهي بنا الحال باختيار المهام والمسؤوليات بدلًا من إسنادها! وهكذا تعوّد الشباب العربي المعاصر على هذه الحرية وسلّم بها تسليمًا. 
لهذا الاعتقاد تأثير ضخم على العالم الواقعي؛ فمراكز النفوذ والسلطة تتآكل إن كان الشباب يكنّ لها "الاحترام" من الأساس. بالتأكيد ليس هذا هو النحو الذي نريد أن يكون عليه هيكل مجتمعاتنا في العالم العربي المعاصر!
لكن ثمة أسئلة أوسع نطاقًا: هل ستفتر همّة شبابنا اليوم بسبب حالة الخمول المسؤولة عنها الشبكة العنكبوتية؟ هل تعمل مسالك ودروب المعرفة والتعلم اللانهائية على الإنترنت على استفزاز قدرات أدمغتهم؟ وهل سيفقد جيل الأجهزة اللمسية بالفعل القدرة على التفاعل مع غيرهم من البشر على مستوى وظيفي معقول؟
هل الجيل "Z" العربي أكثر ضعفًا؟
تذهب الأسئلة إلى أبعد من ذلك لتعود أدراجها إلى منطقتنا. في الواقع، هل تقع على عاتق الشرق الأوسط مسؤولية خاصة لرعاية "جيل الأجهزة اللمسية" وهل الشباب العربي من الجيل "Z" أكثر عرضة للخطر بسبب عوامل خاصة بالمنطقة؟ في عالم تسوده الأخلاقيات الهشة، ولكن مع تعاليم الإسلام وغيره من الأديان والقيم والمبادئ التي نلتزم بها، هل ينبغي لنا أن نفرض بشكل أكثر صرامة الوقت الذي يقضيه أطفالنا من الجيل "Z" على الإنترنت لإعادتهم إلى حصن القيم الأسرية وغيرها من اللبنات الأساسية التي تشكل أساس الحياة المجتمعية في العالم الواقعي؟
من المثير للقلق أن نرى جيلًا من الشباب العربي الذين لا يعرفون سوى العالم الرقمي. فمع الانتشار القوي للإنترنت والهواتف المحمولة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لا توجد وسيلة يسيرة كي نضمن تزويد مواطنينا في العالم الرقمي بالمحتوى الثقافي المناسب ضمن حدود المنصات الاجتماعية الدولية وغيرها من روافد المعلومات المنتشرة في كل مكان. هذا ما صرح به شارلي هاريسون، منظم الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي والرئيس التنفيذي لشركة تطبيق التواصل الاجتماعي وير Where.
يهدف تطبيق هاريسون إلى مقاومة "الانعزال على الإنترنت" من خلال ربط الشباب المتشابهين فكريًا والراغبين في التواصل الاجتماعي وممارسة الأنشطة الرياضية أو من يريدون ببساطة البحث عن الإلهام. ومن الجدير بالذكر أن تطبيق "وير" لا يزال يستخدم منصة للتواصل الاجتماعي كقناة له، لكن التطبيق يهدف إلى تشجيع المستخدمين على المشاركة في تجارب الحياة الواقعية بين الأشخاص.
أضاف هاريسون: "علينا أن نبحث الآن عن وسائل لتثقيف الشباب حول كيفية الاستفادة من التكنولوجيا لتحسين تجاربهم في الحياة الواقعية. ففي منطقة تتعاظم قيمة وأهمية الروابط الأسرية، يجب أن تكون المواقع العربية على الإنترنت شاملة وغنية بالمعلومات وحافلة بالنصائح مع الإعلاء من القيمة الحقيقية للحياة. وعلى مصممي التكنولوجيات الاجتماعية أن يتحملوا المسؤولية عن طريق البدء بإنشاء منصات تمكّن الناس من التواصل مع العالم الواقعي وتكوين علاقات مجدية "في الحياة الحقيقية".
التعلم مدى الحياة
لعل التحدي الذي نواجهه هو جعل وسائل الإعلام الاجتماعي اجتماعيةً بمعنى الكلمة. لكن الأمر ينطوي على أكثر من ذلك! إذا كان الشباب العربي سيتجه إلى شبكة الإنترنت والقنوات الاجتماعية لتعلم كيفية التصرف في العالم الواقعي، فلعل التعلم مشمول أيضًا في هذا التحدي. يقيم كالي ماتيلا في مدينة هلسنكي بفنلندا، ويشغل منصب مدير الاتصالات بشركة ذا نيكست إيرا The Next Era وهي مجموعة تطرح ضرورة ما تسميه التعليم الإلزامي مدى الحياة. 
وفقًا لماتيلا: "قد يسفر التطور السريع في التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والروبوتات عن اختلافات هائلة في القدرات البشرية على مدى العقود القليلة القادمة. والطريقة الفاعلة الوحيدة للحد من هذه الاختلافات هي الاستثمار بسخاء في التعلم مدى الحياة. ولا يمكن الافتراض أن الثمار التعليمية التي تراكمت في المراحل المبكرة من الحياة ستدعم بالضرورة صاحبها طوال حياته، إذ إننا نعيش لأعمار أطول من ذي قبل ونغير وظائفنا بشكل متكرر عما مضى ونحاول التحرك في عالم يتسم بالتقدم التكنولوجي متزايد الكثافة والعولمة الآخذة بالاتساع".
لقد طرحنا الكثير من الأسئلة هنا، فهل هناك إجابة شافية نستخلصها من هذه الفرضيات والتأملات والتكهنات الافتراضية؟ يبدو أن شبابنا العربي الذي يستخدم الأجهزة اللمسية ودائم الاتصال بالشبكات لا يستطيع الاستغناء عن الاتصال بها. فعلينا إذن أن نسعى إلى إبعادهم عن هذا المسار! ولكن يجب أن يتعلموا أيضًا أن يطفؤوا أجهزتهم اللمسية ويتأملوا ما حولهم ويكتسبوا قدرًا من الفضول للتعلم والاختلاط بالأشخاص، وهي الأشياء التي لا يمكن لأي موقع إلكتروني أو منصة تواصل اجتماعي وحدها أن توفرها.
إن القيم التي تنبع من التعاون بين أعضاء المجتمع والتصرفات العفوية بدافع الحب واللطف قد لا يمكن محاكاتها حقًا في تطبيق افتراضي أو "إعجاب" على موقع للتواصل اجتماعي. ولعل الكثير منا يأملون ألا يحدث ذلك أبدًا. 
والآن اتركْ أجهزتك اللمسية واخرجْ وتحدث إلى غيرك من الناس ... ولا تحاول أبدًا استكشاف العالم الواقعي بهذه الأجهزة!