Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2018

بلطجة بهلوانية* كمال زكارنة
الدستور -
عندما تغيب المبادئ والقوانين والثوابت، والالتزام بالاسس التي تقوم عليها العدالة الدولية، فان عمليات التصويت التي تتم بمشاركة الدول، على مستويات جماعية، ربما تخضع للاستمالات والاغراءات وتبادل المواقف، والقرضة والدين على طريقة وحدة بوحدة، او قد تحدث تكتلات دولية بشأن قرارات معينة، وغير ذلك من اساليب كثيرة يتم التعامل بها، لكن ان تصل الامور الى حد التهديد المباشر، لدول العالم الاعضاء في الجمعية العامة للامم المتحدة، بأن عليهم ان يصوتوا لصالح مشروع قرار امريكي في الجمعية، يدين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ويتهمها بالارهاب والاعتداء على المحتلين، والا سيواجهوا بغضب امريكي شديد ولن يسمح للجمعية العامة، بالتدخل في عملية السلام بين الفلسطينيين والمحتلين، على اعتبار ان هناك عملية سلام، فان هذا تجاوز لحدود البلطجة بكل انواعها وللخطوط بجميع الوانها، وفرض السيطرة والهيمنة على الامم المتحدة بالقوة، والغاء واضح لاحكام القانون الدولي وقواعد العلاقات الدولية من اساسها.
اذا كانت مشاريع القرارات الامريكية، التي تعرض على الجمعية العامة للامم المتحدة، يجب ان تمر على شكل اوامر عسكرية، لا يمكن رفضهتا او حتى مناقشتها، فمن حق دول العالم ان تتساءل عن اسباب استمرار الجمعية العامة بعملها، في ظل هذه العنجهية والكابوي الامريكي، الذي يمارس في اهم مؤسسة دولية، وجدت لفض النزاعات بين الدول ونزع فتيل الازمات واطفاء الحرائق في العالم، وتحقيق الامن والسلام والاسقترار، ورفع الظلم والاضطهاد والاستبداد عن شعوب العالم.
محاولات التفرد والغاء الاخرين والتنصل من المسؤوليات الدولية، التي تقوم بها اقوى دولة في العالم عسكريا واقتصاديا، ونسف مباديء التوافق الدولي، بدأت نتائجها تظهر من خلال الحرائق التي تشتعل في اوروبا، بعد ان أتت على الاخضر واليابس في بعض دول منطقة الشرق الاوسط، واعمال التخريب ما تزال مستمرة.
القوة الاقتصادية والعسكرية المسخرة لخدمة الاحتلال، تقلب الموازين الاخلاقية يوميا، ليصبح الشعب الخاضع للاحتلال الذي يتلقى ضربات المحتل دون توقف، مدانا والاحتلال ضحية يجب الدفاع عنه ومساعدته، «تشقلبت» صورة العالم الحر، وتغيرت المفاهيم او رحلت وحلت مكانها عناوين مغايرة تماما للانسانية والحرية والديمقراطية، كل ذلك بفضل حرص الادارة الامريكية على مصالح ووجود واستمرار الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية والعربية.
اذا استسلم الاعضاء في الامم المتحدة للرغبة الامريكية، وفرض رأيها عليهم وتوجيههم بالاجبار لخدمة مصالح الاحتلال الصهيوني، وقلب الحق الى باطل والباطل الى حق، فان الجمعية العامة سوف تفقد مضمونها واسباب وجودها، والعالم سيصبح بلا مرجعية حقيقية قادرة على ضبط الحد الادنى من التوترات بمختلف انواعها واحجامها.
اقل ما يقال بالسياسة الامريكية الجديدة في العالم، بأنها بلطجة بهلوانية غير مضمونة العواقب والنتائج، وتجرّ العالم الى المجهول والظلام.