Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2017

59 صاروخا تغير المشهد - احمد ذيبان
 
الراي - يستحق النظام السوري الفوز بجائزة دولية في» الغباء السياسي»، لندع العذابات التي سببها للشعب السوري وما ألحقه من دمار وتخريب للبلد خلال السنوات الست الماضية، لكن كيف يمكن تفسير لجوء النظام لاستخدام السلاح الكيماوي لقتل المدنيين وجلهم من الاطفال والنساء في منطقة خان شيخون قرب إدلب ، في الوقت الذي صدرت تصريحات اميركية عديدة عن ادارة ترامب كانت لافتة للانتباه تنأى بنفسها عن اشكالية اسقاط نظام الاسد والتأكيد على ان هذه قضية يحددها الشعب السوري وهي جملة هلامية في ضوء ما يحدث من سوريا من حرب عالمية يختلط فيها الحابل بالنابل. ولم يبق غير ان يعلن ترامب انه سيرسل مبعوثا الى الاسد لتطبيع العلاقات ! لكن جريمة خان شيخون التي هزت العالم بوحشيتها نسفت هذا التطور ،وقدمت مبررا قويا لواشنطن للقيام بعمل عسكري بقصف مطار الشعيرات قرب حمص ب59 صاروخ توماهوك، وتدمير في ما يحتويه من طائرات عسكرية ومنشات وقتل وجرح عدد من الضباط والعسكريين وهو المطار الذي انطلقت منه طائرات النظام التي نفذت الهجوم الكيماوي على خان شيخون!
 
كانت جميع الطرق مغلقة امام النظام للهرب من مسؤوليته عن الجريمة، باستثناء الحليفين الروسي والايراني اللذين يقومان بحمايته، فاضطر النظام وروسيا امام المعطيات الرهيبة والنتائج الكارثية على الارض الاعتراف بالجريمة، لكن الأطرف من ذلك ان روسيا التي تتصرف كوصي على النظام تولت تفسير ما حدث ، بأن طائرات تابعة للنظام نفذت ضربة جوية على مخزن أسلحة كيماوية تابع لقوات المعارضة، وبالنتيجة انفجر مستودع الاسلحة الكيماوية المزعوم وتسبب بالكارثة، ولم يوضح الروس حتى لو افترضنا صحة هذه الرواية كيف يمكن قبول قصف مستودع أسلحة كيماوية بشكل متعمد في منطقة مأهولة بالمدنيين دون التحسب للنتائج التي سيسببها القصف ؟ هل يمكن ان يكون القصف «ذكيا» ؟ والاكثر اثارة للسخرية ما تحدث به بعض المحللين والسياسيين المدافعين عن النظام بان هذه الاسلحة حمل تهريبها من ليبيا الى سوريا عبر البحر بعد سقوط نظام القذافي ،وكأن البحر المتوسط لا يوجد فيه اساطيل وبواخر ورقابة اميركية واسرائيلية ! وكانه طرد مواد غذائية وأي انسان جاهل يدرك ان تفكيك ونقل اسلحة كيماوية وتهرييبها ونقلها سرا عبر سفن مدنية يحتاج الى خبراء وامكانيات فنية وتقنية ولوجستية يصعب تصور وجودها في الحالة الليبية ! النظام قدم لادارة ترامب هدية ذهبية ،التي بدت مرتبكة في صياغة سياسة واضحة ازاء العديد من الملفات حتى بعض القرارات التنفيذية التي اتخذها الرئيس ترامب المتعلقة بالهجرة تعرضت لنكسة نتيجة لتعطيلها من قبل القضاء الاميركي! وجاءت جريمة خان شيخون لتقدم مبررا لترامب يعيد الاعتبار لهيبته كرئيس قوي يستيطع اتخاذ قرارات حاسمة بشان ازمات اقليمية خطيرة، بل ويتحدى روسيا ويمس هيبتها و غطرستها وهي التي تفرض هيمنتها العسكرية وتوفر الحماية للنظام فيما تسميه محاربة الارهاب ،لكنها تقف عاجزة عن الدفاع عنه في مواجهة ضربات اميركية او اسرائيلية كما حدث مؤخرا.
 
قد تكون الضربة الاميركية تحمل طابع استعراض القوة وايصال رسالة سياسية ، لكن رد فعل موسكو وهي معنية مباشرة وطرف اساس كان اقرب الى الاستعراض الاعلامي والسياسي ، بوصف ما حدث بانه انتهاك للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ويذكر بغزو العراق والاعلان عن وقف التنسيق الجوي بين موسكو وواشنطن في سوريا، واذا علمنا ان واشنطن أبلغت موسكو بقرارها توجيه ضربات صاروخية لقوات النظام ، لا احد يتوهم ان القوتين يمكن ان تذهبا الى مواجهة عسكرية مباشرة بينهما تعرض أمن العالم للخطر. المشهد معقد ويثير البكاء، فالخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الضربة الاميركية ،وبضمنها تدمير 15 طائرة مقاتلة للنظام هي في الواقع خسارة للشعب السوري فهذه مقدرات وطنية يفترض ان توظف لخدمة الامن الوطني، وفي المقابل فان جريمة الكيماوي في خان شيخون وقبلها مسلسل متواصل من الجرائم وقتل مئات الالاف من المواطنين وتهجير الملايين وتدمير مقدرات البلد اليس ذلك جرائم تستحق،وفي كل الاحوال فان الضربة يفترض انها تكتيكية تشكل عنصر ضغط باتجاه تسريع العملية السياسية حيث لا حل عسكريا للازمة وعلى النظام السوري ان يدرك ان حكاية محاربة الارهاب التي يتاجر بها لن تنقذه من النهاية المحتومة اذ لا يمكن له البقاء في الحكم بعد كل هذا الكم من الجرائم التي ارتكبها!
 
Theban100@gmail.com