Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2018

نحن واللاجئين الأفارقة - نير حسون

 

هآرتس
 
الغد- في مقال "توقفوا عن المقارنة بين طرد المتسللين وجرائم النازيين" (هآرتس، 16/3)، يوبخ غادي طاوب ونسيم سوفر الاشخاص الذين يساوون بين سياسة الطرد التي تتبعها إسرائيل ضد طالبي اللجوء الأفارقة وبين العلاقة تجاه اللاجئين اليهود قبل الحرب العالمية الثانية.
لقد دعا طاوب وسوفر إلى "اعادة النقاش إلى ارض الواقع"، وحسب اقوالهما لا يوجد أحد من الذين يتعاملون مع هذا الموضوع يدعي أن المطرودين ينتظرهم الموت، أو التعذيب والاغتصاب في الدول التي سيذهبون اليها في الطرد المخطط له... في هذا الشأن، ببساطة لا توجد نظرة واقعية"، كتبا.
من هنا يمكن الاستنتاج بأنه إذا لم يكن ينتظر المطرودين مصير الموت والاغتصاب – فإن اعادة طرد 40 ألف طالب لجوء إلى افريقيا هو على الاقل أمر معقول. لكن طاوب وسوفر وجزء كبير من النقاش الجاري حول سياسة الطرد يغيب عن بالهم السؤال المركزي. السؤال هو ليس لماذا لا نطرد، بل لماذا لا نستوعب. إذا طرحنا السؤال بهذه الصيغة فإن المقارنة مع سنوات الثلاثينيات في اوروبا، تتحول إلى أمر ذي صلة. 
ازمة اللاجئين الأفارقة هي ازمة عالمية، ومعظم الدول الغنية والمتنورة في العالم تضطر إلى مواجهتها. النقاشات حول سياسة الهجرة تعصف بالدول الاوروبية، لكن ليس هناك تقريبا خلاف على أن نسبة معينة من اللاجئين سيتم استيعابهم في اوروبا. في معظم الدول الاوروبية تتراوح نسبة اللاجئين بين 1 – 2 في المائة من السكان. وبحساب معين، يتضمن مثلا لاجئين استوطنوا وحصلوا على اقامة قبل سنوات، يمكن أيضا أن نصل إلى نسبة 5 في المائة. 
دول بحجم إسرائيل مثل السويد وفنلندا والنرويج وغيرها استوعبت لاجئين بنسب اعلى بكثير من إسرائيل. في السويد التي يعيش 10 ملايين مواطن، واستوعبت 481 ألف لاجئ. في بلجيكا استوعب 229 ألف لاجئ، وفي النرويج 118 ألف. الأفارقة الذين وصلوا إلى إسرائيل يشكلون 0.5 في المئة من عدد السكان – يبدو أنها النسبة الاقل بين الدول الاوروبية الغربية. السؤال الذي يجب طرحه هو هل دولة إسرائيل، وهي الدولة القوية والغنية حسب كل الآراء، لا تستطيع الاسهام في الجهد العالمي هذا، ولو بالحد الادنى.
مواطنون متنورون في دولة متقدمة عليهم أن يطالبوا دولتهم بالمشاركة في الجهود العالمية، مثلا، خفض انبعاث غازات الدفيئة أو الحفاظ على التنوع الحيوي. هم أيضا يمكنهم مطالبة دولتهم بالاسهام في الجهود العالمية لاستيعاب البائسين من افريقيا. مواطن إسرائيلي من حقه أن يسأل هذا، لا سيما على خلفية حقيقة أن دولته تتوقع من دولتين فقيرتين ومتخلفتين، اوغندا ورواندا اللتان فيهما الناتج القومي الاجمالي المحلي هو عشر الناتج في إسرائيل، الاسهام في تحمل هذا العبء بدلا منها. لماذا بالاساس، هل لأن للمواطنين فيهما لون جلد يشبه لون جلد من نريد طردهم؟.
إن تدفق اللاجئين إلى إسرائيل كان حدث لمرة واحدة، توقف في اعقاب اقامة الجدار على الحدود مع مصر. لذلك، من غير الواضح أيضا ما هو الضرر بالضبط الذي سيتسبب للمجتمع الإسرائيلي من الاستيعاب، المؤقت أو الدائم، لعشرات الآلاف هؤلاء – إذا تم القيام بهذا الاستيعاب بصورة مناسبة ومخططة وليس على حساب سكان جنوب تل ابيب. في الخطاب المتقدم في اوروبا هناك أيضا من يرون مزايا اقتصادية وثقافية. لقد حان الوقت لفحص هذه المسألة في إسرائيل أيضا. تقرير أعده مركز "روفن" ومعهد "إي.آر.آي" اللذان فحصا هذا الموضوع، يشير إلى امكانية اقتصادية كامنة كبيرة موجودة في استيعاب اللاجئين.
في هذا السياق يمكن العودة إلى المقارنة. إسرائيل ليست المانيا النازية، وليست مثل الدول التي اغلقت ابوابها امام اللاجئين اليهود القادمين من اوروبا. ولكن إسرائيل انشئت، ضمن امور اخرى، بقوة الطلب الانساني الذي برز في اعقاب ضائقة اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية الثانية، وميثاق اللاجئين صيغ كاستنتاج مباشر من مصير اللاجئين اليهود هؤلاء. وإذا لم يكن هناك مكان للمقارنة المباشرة، ألا يجب على إسرائيل الاسهام بنصيبها في الجهود الانسانية الدولية من اجل اللاجئين كاستنتاج من هذا التاريخ؟ هل من الاكثر عدالة أن تتحمل اوغندا ورواندا هذا العبء بدلا منا؟.
في نهاية النقاش في المحكمة العليا في الاسبوع الماضي قارن الكاتب دافيد غروسمان بين مصير جدته وبين مصير اللاجئين الأفارقة. بروح مقال تاوب وسوفر يمكن الجدال على النصف الاول من اقواله: "قبل اربعين سنة قام ملاح إسرائيلي برمي مسافر اسود من فوق ظهر سفينته أمام شواطئ موزنبيق. عندها ضجت الدولة. الآن نحن ننوي رمي 40 ألف شخص إلى البحر، لأسماك القرش". ولكن لا يمكن في الحقيقة الجدال مع النصف الثاني: "جدتي طرقت ابواب هذه البلاد، والجميع كان لديهم جد أو والد جد طرق الابواب، ولم يكن هناك من يفتح، والآن نحن ندير ظهرنا ونتصرف بفظاظة وقسوة. ادارة الظهر تقول إنه في الحقيقة كان هناك منطق بالشكل الذي تصرفوا فيه مع آبائنا".