Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Feb-2019

المتقاعدون* راكز الزعارير

 الغد

شكل المتقاعدون على مر العصور بصفاتهم المدنية والعسكرية طورا وركيزة اساسية من مراحل التطور الحضاري والانساني لأي امة او شعب او دولة. وتعتبر الامم الحية والمتحضرة ان المتقاعدين فيها ثروة وكنوزا وطنية لا تقيم خبراتهم وحكمتهم بثمن، وفي دراسات علم الانسان “الأنثروبيولوجيا” ركز علماء التطور الانساني والحضاري على البناء التراكمي للانجازات البشرية والانسانية ظمن اطوار التطور الحضري على دور الانسان الذي يتقاعد ويسلم مسيرة البناء بعد ان قدم جهوده في زمنه، لتأسيس حياة افضل للجيل الذي يليه، ويفسر العلماء بأن امنيات ورغبات اي انسان على وجه الارض ان يكون ابنه افضل منه، وان ذلك يشمل الأجيال الحالية والقادمة الذين سيستكملون بناء من سبقهم من آبائهم واجدادهم المتقاعدين ويؤسسون عليه، ليكون ابناؤهم وذرياتهم من الأجيال اللاحقة افضل منهم من حيث التطور والتحصيل والمكاسب المختلفة بشقيها الأدبية والمعنوية ثم المادية والعلمية.
ويعتبر الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد بأن المتقاعدين هم القاعدة الأساس التي تبنى عليها الحضارات والرقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، وهذا لا يتناقض البتة مع العصرنة والحداثة والتحضر للاجيال الناشئة، وان التطور هو نتاج عدة مراحل تراكمية من الانجازات الانسانية والنجاحات والاخفاقات خاصة في مجال العلوم والابتكار والابداع في مختلف الحقول العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
اهم ما يميز المجتمعات المتحضرة والقيادات الرائدة والمحترمة لدى الشعوب هي قدرة القيادة والمجتمع على توظيف المنجزات والمكاسب التي حققتها الأجيال السابقة من المتقاعدين باتجاه التطوير والتغير والبناء، حتى تستطيع هذه المجتمعات الولوج الى مضمار الحضارة الانسانية وعجلة التطور البشري، وهي معضلة تواجه انظمة الحكم والقيادات السياسية في العالم العربي، وسبق ان تحدث عنها في اكثر من مناسبة الملك عبدالله الثاني بأن الغاية والهدف هو خلق ابداع أردني مبني على إرث وبناء الآباء والاجداد، لإعطاء الاجيال الأردنية في الحاضر والمستقبل فرصة الولوج والمساهمة في التقدم الحضاري والتكنولوجي والأمن والسلم الانساني والدولي.
المجتمعات والدول المتحضرة بنت كل تطوراتها وحداثتها على انجازات حققتها اجيال سابقة من المتقاعدين العسكريين والمدنيين، حيث شكل العسكريون والمحاربون القدامي السياج الحامي والآمن للدولة والمجتمع، وقامت مؤسسات الدولة المدنية بكل مكوناتها وسلطاتها التنفيذية والتشريعة والقضائية وكوادرها المختلفة من اصغر موظف او رتبة الى اعلى سلم القيادات بالبناء والتطوير في مختلف الحقول الانسانية والعلمية دون وجل او تهديد او خوف من تدمير من قبل الاعداء الخارجيين الذين يهددون كيان الدولة وتماسك ووحدة المجتمع.
يلعب المتقاعدون دائما من خلال خبراتهم التراكمية دورا مهما وبارزا في توجيه الجيل الجديد وترسيخ جزء كبير ومهم من مبادئ وقيم وثقاقات عريقة في عقليتهم وتفكيرهم لا تستطيع ان تصنعه الوسائل والمؤثرات الاخرى في بناء ثقافتهم، وان الآباء والامهات المتقاعدين مدنيين وعسكريين هم المرجعية الاولى لأبنائهم والجيل الناشئ في التوجيه والتفسير لأحداث الحاضر وتوجهات المستقبل على المستوى الاجتماعي والاسري والتربية الوطنية وقيم الولاء والانتماء للوطن والمجتمع و للدولة ومؤسساتها ونظامها السياسي ومسيرتها والبناء على كل تلك المبادىء والقيم.
في الأردن يأتي يوم الوفاء للمحاربين القدامى 15/2/2019 من كل عام، بمبادرة من قائد الوطن تكريما وتذكيراً للاجيال، بان بناء الوطن بأطواره ومراحله المختلفة كان قائما على جيل المتقاعدين العسكريين والمدنيين من جميع ابناء الوطن رجالاً ونساءً ومن كل اطيافه ومكوناته واصوله ومنابته.
في هذا الاطار جاءت زيارة الملك عبدالله الثاني مؤخرا لأحد المتقاعدين العسكريين المصابين تكريما من الملك لكل المتقاعدين من مدنيين وعسكريين الذين بنوا على بناء الأجداد وسلموا الراية للجيل الجديد، لتكتمل المسيرة ببناء الانسان الأردني ورفعة الوطن ليكون نموذجا في الاصالة والحداثة والمعاصرة.