Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jun-2017

«البعث» والمعارضة العراقية !! - صالح القلاب
 
الراي - لأن هناك نية لأن ترعى الأمم المتحدة، كخطوة نحو تسوية في العراق، مؤتمراً دولياًّ تشارك فيه العديد من الأطراف العراقية غير الطائفية وغير المرتبطة بأي جهات خارجية لا دولٍ ولا مرجعيات مذهبية فإنه لا بد من إعادة النظر بالكثير من القرارات المتسرعة التي اتخذت في عام 2003، بعد الغزو الأميركي وبعد إسقاط النظام السابق، نظام «البعث» ونظام صدام حسين لا فرق، في ذروة الفترة «البريمرمية» وحيث كانت النزعة الثأرية في أوجها وبخاصة بالنسبة للذين عادوا خلف الدبابات الأميركية من المنافي البعيدة والقريبة والذين صبوا جام غضبهم على العرب السنة الذين أُعتبروا في «العهد الجديد» الأقلية المهيضة الجناح والذين تدنت نسبتهم في المكون الوطني أو السكاني العراقي إلى أقل من عشرين في المئة وهذا بالطبع تجنٍ على حقائق الأمور وإنتقامٍ قد ولَّد مرارة جعلت كثيرين يسوقهم الإضطهاد البدائي إلى الإحتماء حتى بهذا التنظيم الإرهابي الذي إسمه «داعش» !!.
 
ولينْجح هذا المؤتمر الموعود، الذي لا يزال إنعقاده في عالم الغيب، فإنه لا بد من التفاهم ومنذ الآن على إبعاد الإيرانيين وصنائعهم ومخابراتهم وإستخباراتهم عنه وذلك لأنه لا مشكلة بين العراقيين حتى قبل عام 2003 إلاّ مشكلة التدخلات الإيرانية وإلاّ التنافس السياسي والصراعات الحزبية وإلاّ، وهذا يجب أن يقال، مشكلة غياب الحريات العامة والقمع الذي وصل حدوداً لا تطاق والتصفيات المتلاحقة التي لم توفر حزب البعث نفسه.. وهنا فإنه مهما قيل ضد هذه المرحلة، منذ سقوط أو إسقاط الأميركيين للنظام السابق، فإنها ورغم ما عانته من عيوب وأخطرها وأبشعها العيوب المذهبية والطائفية إلا أنها أرست قواعد ديموقراطية بالإمكان البناء فوقها للتخلص من هذا الداء الطائفي وليصبح هذا البلد العظيم العريق في مستوى خيرة الدول الديموقراطية.. وهو مؤهل لهذا وأكثر منه.
 
كان أخطر قرار إتخذه المندوب السامي الأميركي بول بريمر هو «شطب» الدولة العراقية وحلِّ أجهزتها الأمنية وإلغاء جيشها والبدء من الصفر ولعل ما يتفق عليه العراقيون كلهم الآن، بإستثناء الإستثناءات الطائفية المعروفة، هو أن كل هذا الذي جرى كان جريمة لا تغتفر إذْ أن تجارب الشعوب شهدت إسقاط أنظمة كثيرة لكن الدول التي أسقطت أنظمتها بقيت قائمة إن بهياكلها الأساسية ومؤسساتها وجيوشها وأجهزتها الأمنية وبأحزابها حتى منها الأحزاب الحاكمة.. وهذا مع إستثناء التجربة النازية والتجربة الفاشية.
 
وبصراحة لقد كان القرار الذي وصلت بشاعته إلى حد بشاعة «فرط» الدولة العراقية بكل مؤسساتها وأجهزتها وهيئاتها هو قرار:»إجتثاث» حزب البعث فهذا الحزب ومع الوقت منذ عام 1968 وقبل ذلك أصبح يضم معظم الكفاءات العراقية وعلى كل المستويات وهذا الحزب كان قد عانى خلال فترة حكم صدام حسين أكثر مما عانته كل الأحزاب المعارضة السرية كلها وبدون إستثناء وهذا الحزب كانت فيه توجهات وأجنحة معتدلة وديموقراطية وليبرالية وتؤمن بالتعددية وباللجوء إلى صناديق الإقتراع لإنتخاب برلمان حقيقي وإنتخاب حتى رئيس الجمهورية.. ولعل المعروف حتى لدى الذين جاءوا مع بريمر أو جاء بهم بريمر أن هناك «بعْثين» آخرين هما بعث ما يسمى:»جماعة صلاح جديد» وهذا «البعث» الذي يرفع شعاره فوق كل هذه الجرائم التي ترتكب في سوريا.
 
المفترض أن الأمم المتحدة تعرف ومعها كل المعنيين بإخراج العراق من المستنقع الطائفي الذي بات يغرق فيه ومن التسلط الإيراني أيضاً أن حزب البعث رغم كل هذه الضربة التي تلقاها في عام 2003 فإنه لا يزال القوة الرئيسية المنظمة غير الطائفية في العراق وبالتالي فلا غنى عنه لعقد هذا المؤتمر الآنف الذكر وللإنطلاق بمسيرة بناء جديدة في هذا البلد وبخاصة وأن هذا الحزب قد مارس نقداً ذاتياً صارماً لتجربته في الحكم و إعترف بكل أخطاء المرحلة الماضية.. وتبرأ منها.. وهنا فإن المفترض أن هذا «البعث» صاحب التجربة الطويلة قد بادر بعد إسقاط نظامه إلى الإقتداء بتجارب دول أوروبا الشرقية ومن بينها بلغاريا بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي حيث بادرت الأحزاب الشيوعية في هذه الدول إلى إستبدال أسمائها وإلى تغيير برامجها ومنطلقاتها ولذلك فإن بعضها لا يزال في الحكم أو يشارك فيه حتى الآن.
 
لا يمكن إخراج العراق من كل هذا التمزق ومن كل هذه الأوضاع المأساوية التي عنوانها:»الإحتلال الإيراني» وأتباعه وأذنابه إلا بالتخلص من إرث الماضي ونهائياً ومن ضمنه إسم «البعث» وإقامة جبهة وطنية عريضة تضم كل القوى والأحزاب والمرجعيات الدينية، «الشيعية» تحديداً، التي تتمسك بوحدة هذا البلد وبنظام تعددي ديموقراطي وبعلاقات مصالح مشتركة مع كل الدول المجاورة وفي مقدمتها الدول العربية.