Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2019

القبول الجامعي؛ والكم المتزايد ؟!..*صلحي الشحاتيت

 الدستور-لا شك أنّ التعليم من الركائز الأساسية في المجتمع؛ لمساهمته الكبيرة في البناء الحضاري والتنموي الشامل الذي يعتمد اعتمادًا كبيرا على التقدم البشري والتقدم العلمي، ويعد التعليم بأنواعه ومراحله المختلفة من المداخل الأساسية للتنمية، ودائمًا تسعى العديد من الدول المتحضرة والمتقدمة إلى العمل على تجديد وتطوير أنظمتها التعليمية، من خلال مراجعة وتطوير خطط وبرامج منظومة التعليم بشكل مستمر؛ وهذا من شأنه إعداد القوى البشرية المؤهلة للنهوض بخطط التنمية.

تعد الجامعات المغذّي الرئيس لكافة القطاعات العاملة في البلاد، حيث تمر حالياً بمرحلة انعطاف كبيرة؛ فهي تتعرض لمجموعة من التحديات بسبب التغيرات والتطورات في العصر الحالي، ومن أبرز هذه التحديات: القدرة على الموائمة بين مدخلات ومخرجات التعليم العالي، في ظل الارتفاع الهائل في معدلات القبول الجامعي، حيث تعرض القبول الموحد في السنوات الأخيرة لتغيير ملحوظ ومن سنة إلى أخرى، حيث لوحظ اعتماده بشكل كبير على الزيادة الكمية في قبولات الطلبة متناسيا النوع وأهميته! مما أدّى إلى ازدحام الجامعات الحكومية، وهذا من شأنه أن يحدث خللا كبيرا في هيكلة بناء القوى البشرية في المملكة، مما جعل النظام التعليمي نظاما منتجا لعمالة غير قابلة للتوظيف، بالإضافة إلى زيادة معدلات البطالة بين الخريجين، ومن ناحية أخرى وفي سبيل توفير فرص العمل لهؤلاء الخريجين؛ اضطرت الدولة إلى خلق فرص عمل لهم في القطاع العام رغم عدم وجود حاجة حقيقة لهم، وهذا يضخم الإنفاق الحكومي ويؤدي إلى انخفاض معدلات الإنتاجية بشكل كبير، ناهيك عن انخفاض مستوى التوجه للبحث العلمي والذي يشكل القاطرة الحقيقية لدفع عجلة التعليم لمستويات أعلى، سيما أنها تعود بالنفع والفائدة على المجتمع. هذه المشكلة حتمًا ستزداد وتتفاقم خلال السنوات القادمة إذا أستمر الحال كما هو عليه الآن؛ ولو ألقينا نظرة عامة لأغلب الطلبة الذين تم قبلوهم في الجامعات، سنجد أن تأهيل معظمهم لسوق العمل ضعيف، مما سيقودهم لمواجهة صعوبات كبيرة في ميدان العمل، وبالتالى لا يمكن توظيفهم في قطاع عام متضخم.
قد يوجد الكثير من الحلول لحل مثل تلك المشكلة؛ وقد يكون أهمها: النظر في النظام التعليمي العام ككل وليس فقط نظام التعليم العالي؛ إذ يجب التركيز على المناهج الدراسية التي تشكو من الزخم المعرفي الكبير البعيد كل البعد عن الافكار الإبداعية والانتاجية، كما تخلو المناهج من توجيه الطلبة للمسارات المهنية والتشجيع عليها، وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر في نظام القبولات الجامعية، وكنت قد ذكرتُ في مقال سابق عن اختبارات قدرات القبول وأهميتها في توجيه الطلبة للمسارات التعليمية الصحيحة، والتي تعد في العديد من الدول المتقدمة، هذه الاختبارات من شأنها تقديم حلول شاملة متكاملة لقياس المعارف والمهارات وتقويمها بمنهجية عامة، وبالتالي تحقيق العدالة والجودة وتلبية حاجات التنمية، كما تستهدف طلبة المرحلة الثانوية وتسعى للمفاضلة العادلة بينهم، وحينما يدرك الطلبة محدودية فرص القبول في الجامعات من جراء تلك الإختبارات؛ مما يعني لهم أن الحصول على نسبة عالية في الثانوية العامة لا يتيح فرصة للقبول في الجامعة، وسيصبح الطلبة أكثر حرصا على رفع مستوى تحصيلهم ليتمكنوا من تحقيق مستويات أعلى في اختبارات قدرات القبول لتحديد مساراتهم التعليمية الصحيحة؛ فيرتفع بذلك مستويات مخرجات التعليم العام، كما يحد من الانخفاض في مستوى المخرجات، وهنا يتوجب العمل على إعادة هيكلة التخصصات الموجودة بصورتها الحالية لمواكبة التطورات واحتياجات العصر، ومواءمتها لسوق العمل، وبالتالي زيادة توجه الطلبة إلى هذه التخصصات؛ مما يقلل من البطالة والعمالة الراكدة، والوصول إلى التميز الحقيقي والابداعي في التعليم يتطلب الإلتزام بعدة معايير أهمها: تحويل طلبة الجامعات من متعلمين يقتصر دورهم على تلقي المعلمومات إلى عناصر فاعلة في المجتمع، يسهمون بصورة كبيرة في عملية الإبداع والابتكار والاكتشاف وبناء المستقبل.
* قسم الكيمياء - جامعة مؤتة