Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2016

حول عهد «المواطنة» الأول في مدينة الرسول - ابراهيم العجلوني

 

الراي - كانت «صحيفة» المدينة أول ميثاق للمواطنة في تاريخ العرب والمسلمين، وكانت الغاية منها، كما يقول الإمام محد ابو زهرة في كتابه العظيم «خاتم النبيين» الواقع في ثلاثة مجلدات (دار الفكر العربي في القاهرة) هو تنظيم مجتمع اهل المدينة بتنظيم تعاونهم الاقتصادي والاجتماعي، وتنظيم شؤونهم السياسية، بحيث يكون ثمة تآلف بينهم، وتعاون على اقامة الخير ودفع الشر، ومنع الظلم والتظالم بينهم افرادا وجماعات.
 
وقد اعتُبرت الصحيفة دستوراً نظّم به النبي صلوات الله وسلامه عليه مجتمع المدينة المنوّرة. لا فرق فيه بين مهاجرين وأنصار ولا بين مؤمنين ويهود. وان من يقرأ بنود «الصحيفة» ويتعمق دلالاتها ليجد في تضاعيفها توكيداً لكرامة الإنسان، ولمعنى العدالة المبصرة التي تُعنى بما قد نُسمّيه «روح النص» التي تتخايل وراء كلماته الواضحة المبينة.
 
وتتبدى هذه الروح في العبارات التالية التي تضمنتها الصحيفة:
 
اولاً: إن النصر للمظلوم.
 
ثانياً: ان الله تعالى على أتقى ما في هذه الصحيفة وأَبرِّه.
 
ثالثاً: إن الله جارٌ لمن بَرّ واتقى.
 
رابعاً: إن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل هذه الصحيفة، مع البِرّ المحض من اهل هذه الصحيفة وان البِرّ دون الإثم.. لا يكسب كاسب إلاّ على نفسه.
 
خامساً: ان من تبعنا من يهود فان لهم النصرة والأُسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.
 
سادساً: إن يهود بني عوف «أُمّة مع المؤمنين» لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.
 
سابعاً: إن الله على أيْدِ هذا (أي على الرضا به).
 
ثامناً: إن الجار كالنفس غير مضار.
 
إن هذا الذي تؤسس له «الصحيفة» من كرامة متكاملة العناصر للانسان في مجتمع المدينة المنورة يصلح ان يكون ميزاناً نزن به واقع الحضارة المعاصرة. وهو ميزان قيمي وأخلاقي في الدرجة الاولى قوامه العدل (النصرة للمظلوم) والبر المحض، والتقوى، وحُسْنُ الجيرة (الجار كالنفس)، وان يكون المختلف ديناً (أُمّة مع المؤمنين).. وكُلُّ اولئك مما نأمل أن يتحقق في دول الشرق والغرب على حد سواء، حتى تتجاوز البشرية ما ترتعُ فيه من فِتنٍ وجهالات.