Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2017

يا حوت أطلق قمرنا - ماري حتر صويص

 الراي - تقول الحكاية.. ان كريستوفر كولومبس هدد الهنود الحمر بأنه سوف يسرق القمر منهم اذا لم يمنحوه الطعام والتموين الذي يكفي طاقمه للبقاء على قيد الحياة.ولم يصدق الهنود الحمر حينها ان هذا القرصان العظيم قادر على تنفيذ تهديده.وكان الفلكيون الذين رافقوا كولومبس قد اعلموه ان خسوفا كاملا سيحصل بعد ايام. ولما غاب القمر بالفعل جاء الهنود المساكين يتوسلون كولومبس لاعادته اليهم، بعد ان تعهدوا بتنفيذ أوامره حرفيا. وفي الليلة التالية عاد القمر بدرا مكتملا معتقدين ان كولومبس قام باعادته اليهم. ومنذ تلك الحادثة ربح الهنود طقوسهم الإحتفالية ولا زالوا يقرعون الطبول بعودة القمر ولكنهم خسروا قارة كاملة بثرواتها العملاقة.

هذه القصة تذكرني بواقع وطننا العربي المؤلم، الذي كان ولازال مستباحا عبر التاريخ من الطامعين في كنوزه وثرواته. ينهبونها جهارا نهارا باسم الاستعمار سابقا وحين ادركت الشعوب بشاعة الاستعمار ثارت ناضلت وكان لا بد من مخاض الدم للعبور الى الحرية والاستقلال وصفحات التاريخ الملوثة بالدم تشهد همجية الاستعمار ومن كانوا يدعون الحضارة.
ولان السياسة لا دين ولا ضمير ولا اخلاق لها. عاد الاستعمار الى وطننا العربي بلبوس جديدة منمقة تحت مسميات متحضرة. ديمقراطية حقوق انسان تمكين اقتصادي وتحالف مع المنظمات التي اغدق عليها المال لتفيذ برامجه وتحالف مع قوى الشر والظلام داخل الاوطان بحجة الاخذ بيد الشعوب المقهورة على يد حكامها ودس السم في الدسم في عقول الشباب.
وتحالف الاستعمار مع بعض الحكام لحماية ارثهم في التحكم في موارد اوطانهم بصفقات فاسدة مشبوهة وامسكت خيوط اللعبة فتارة تثير القلاقل باسم الدين واخرى باسم الحريات وأخرى باسم الاقتصاد للتجويع والتركيع. واعطت نفسها الوصاية والسيادة على وجود الشعوب والدول. وتفننت في تأجيج الصراع الديني والمذهبي والعرقي لتشعل فتيل الدمار وتدعم اطراف الصراع لحماية مصالحها ومصالح من يمول ادوات الحرب وتجارتها الرابحة.
يقول العالم والفيلسوف ابن رشد... التجارة بالاديان هي التجارة الرابحة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل فان اردت التحكم في جاهل عليك ان تغلف كل باطل بغلاف ديني. وهذا ما ابدعت في اشعاله سياسات التطرف والارهاب في كل المنطقة العربية التي تقسمت وتشرذمت وقتلت بعضها ودمرت اوطانها لاسباب واهية بعيدة عن الفكر والمنطق.
في ارض الحضارات التي تفوح قداسة وانبياء جعلوا ملهاة الشعوب الدين وعملوا على تجهيل الشعوب مرة اخرى بعد ان تجاوزنا عهود الظلامية والاستعمار العثماني والغربي فاصبحنا نقتل باسم الطائفة كذا والعقيدة كذا وقام بيننا من يؤجج الصراع ويدير المعركة نيابة عن الاستعمار الجديد..
ان هدف من يديرون الحرب هو كسب المال، وثمة ضرورة للمعاناة الانسانية والتضحية بالارواح البشرية، فهم يأخذون ثروات الشعوب ويعيدون لهم المعونات الانسانية ليجملوا قباحةما فعلوا. هذه المعونات الملطخة بدموع الامهات والمصبوغة بدماء العذارى المغتصبات المشردات. وهذه الخيام التي يرتعد فيها الاطفال من البرد ويموت الرضع جوعا وتسحق كرامة الانسان مكتوب عليها الامم المتحدة للظلم وسلب كرامة الشعوب وتوزيع مكاسب الحرب القذرة.
يا اخوتي اتذكرون حكاية الا اني اكلت يوم أكل الثور الابيض، فنحن حينما سمحنا ان تداس حرمة اول دولة عربية واصابنا الهلع من هذا الفرعون الذي لم يجد فينا من يرده.تفرعن وبدأ بأكل الحظيرة وهناك من تكالب في احضانة لاجل بعض المكاسب الرخيصة والمناصب الزائفة، واصبح الفرعون يأكل ولا يشبع وياتي معربدا مزمجرا فنهلل له بالطبول ونقدم فروض الولاء والطاعة.
يا اخوتي لنتذكر حكاية الشيخ والعصي ولنجمع عصينا المكسورة ونلملم جراحنا حفاظا على ما تبقى من كرامة وملح الوجه ونقول.لن تجعلوا من شعبنا. هنودا حمر فنحن باقون هنا.. هذه بلادنا...فيها وجدنا منذ فجر العمر.بحق السماء كفى دما وحربا ودمارا وياحوت اطلق قمرنا.