Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2017

البرنامج الموازي في الجامعات - د. كميل موسى فرام
 
الراي - أصبح الحديث عن البرنامج الموازي في الجامعات محورا رئيسيا في البحث والحديث والفتوى، فذهب البعض بنتيجة اتهام ظالم لهذا البرنامج بالتسبب بتدهور مستوى التعليم الجامعي وزيادة أعداد العاطلين عن العمل، بل اجتهد أصحاب خبرات تربوية بتصنيفه بمخالفة دستورية، والمؤسف أن الحديث يرتكز على الجوانب السلبية لهذا البرنامج مقارنة بإيجابياته الكثيرة على مختلف مستويات أركان المعادلة التعليمية، فولادة البرنامج في مهده كانت فكرة عظيمة ساهمت بحلول واقعية، بدأت على مستوى جامعة واحدة قبل أن تمتد لتحجز مكانة في معظم الجامعات، والحديث عن انعدام العدالة بين الطلبة يعتبر شكلا من أشكال العزف على وتر الوطنية بنغمة تفتقد لروح التجانس، وإلا كيف نفسر أن أبناء المسؤولين يورثون المناصب والوظائف العامة بدون تعب الانتظار بقوائم ديوان الخدمة المدنية أم أن ذلك لا يصنف بمخالفة دستورية؟
 
ساهم برنامج القبول الموازي بتقديم خدمة وطنية عندما منح مساحة لفئة مقتدرة بالحصول على المقعد الجامعي مقابل رسوم جامعية عالية، ساهمت بدخل مادي يساعد بتغطية نفقات الجامعات خصوصا أن الظروف الاقتصادية الصعبة في سنواتنا شكلت حاجزا عن تقديم الدعم الحكومي للجامعات، بل هناك مطالبات متكررة بضرورة اعتماد الجامعات على توفير مصادر دخل لأداء مهمتها شريطة عدم التأثير على مستوى التعليم الجامعي بمنطق يضاعف من مهمة الادارات الجامعية للتوفيق بين أداء رسالتها بالصورة الصحيحة بالتوازي مع توفير السيولة المادية التي تسمح لها بإجتياز الامتحان بتفوق، مبررا لولادة الفكرة وتطبيقها، فتطور البرنامج الموازي بالشكل الذي سمح له بالمنافسة مع البرنامج العادي، بعامل مشترك بينهما يتمثل بخطوة التنافس بين أصحاب المعدلات المؤهلة لدخول كليات جامعية تحتل بؤرة الاهتمام بين الأهل والطلبة، ويأتي العمل بنظام البرنامج الموازي في الجامعات الرسمية الأردنية حسب قناعتي، انطلاقاً من واجب هذه الجامعات كمؤسسات تعليمية وطنية، وتحقيقاً لأهدافها الرامية إلى إتاحة فرصة التعليم الجامعي وتوفيرها لأكبر شريحة من الطلبة الأردنيين ضمن مساحة حدود الوطن تسمح للأهل بمراقبة أداء الأبناء في عصر اختلطت فيه معايير الاجتهاد والتفكير وانحصرت أحيانا بمجالات ترفيهية ضيقة ضمن أفراد الجيل الحالي من الأبناء، خصوصا أن الأوضاع السياسية والحروب المستعرة بدول الربيع العربي قد دمرت بيوت العلم التي مثلت في سنوات القرن الماضي ملاذا آمنا لأبنائنا، وأغلقت الطريق أمام نسبة معتبرة من الأبناء لاكمال دراستها الجامعية تحقيقا لواحد من أبسط الحقوق التي يناضل من اجلها كل منا، فاحتضنت جامعاتنا نسبة من هؤلاء الطلبة لاكمال مشوار التعليم مقابل رسوم جامعية تدخل في برنامج الدوران الوطني دعما للاقتصاد، فهذه المبالغ المادية كانت ستستنزف جزءا من العملات الصعبة وتحويلها للخارج لهؤلاء الطلبة لاكمال دراستهم وتحقيق طموحاتهم.
 
بعد استكمال إجراءات القبول الجامعي، يصبح التجانس بين فئات الطلبة على مقاعد الدراسة وحدة متكاملة ويخضع الجميع لنفس الظروف الجامعية بدون تفريق بجميع الأمور المتعلقة بالدراسة والبحث والامتحان، خصوصا أن معدلات القبول الجامعية بين الفئتين متقاربة لدرجة كبيرة، وللتوضيح، فإن النسبة الأعلى من طلبة القبول بالبرنامج الموازي تنتسب لمجموعة الكليات الطبية والهندسية بمعدلات تنافسية، ساعدت على توفير سيولة لضمان أداء الجامعات الرسمية لرسالتها الوطنية، وبالرغم من ذلك فإن معظم الجامعات تعاني من ضائقة مالية وتبحث عن حلول على رصيف الأمل والفرج. أن البرنامج الموازي لا يختلف عن البرنامج الذي تطرحه الجامعات للطلبة المقبولين على أساس التنافس والقبول الموحد، باستثناء الاختلاف في الرسوم الجامعية ورسوم الساعات الدراسية فقط، فجميع طلبة الجامعة ملزمين بنفس الخطط والبرامج الدراسية، ويدرسون في نفس القاعات والمختبرات وعند نفس أعضاء الهيئة التدريسية، كما ويخضعون لنفس التعليمات في الامتحانات والدوام وطرق التقييم بالإضافة إلى متطلبات وشروط التخرج والحصول على الشهادة. البرنامج الموازي بريء من تهمة المساهمة بتراجع مستوى التعليم الجامعي أو زيادة وتيرة العنف الجامعي ولا علاقة سببية له إطلاقا، وربما من باب الأمانة أن أذكر أن زيادة أعداد الطلبة المقبولين هو أمر طبيعي بسبب زيادة عدد السكان التي تتطلب أعدادا متزايدة من أصحاب المهن، والظروف المادية والأسرية لا تسمح أبدا بزيادة رسوم الدراسة الجامعية للمقبولين بالبرنامج العادي، ناهيك عن وجود نسبة من طلبة الابتعاث التي تساعد بزيادة المبالغ المستحقة للجامعات والمحفوظة تحت بند الديون المتهالكة، وعلينا أن نتمتع بجرأة المقارنة للدول التي تحاول استقطاب الطلبة للدراسة الجامعية بتسهيلات تشكل بمجملها ملفا مليئا بالمخاطر على سنوات المستقبل، خصوصا أن نضوج البرنامج الموازي بمراحله التنافسية يسمح له ويضمن بقاءه بابا منطقيا للدخول عبر البوابة الجامعية، فربما يهدف البعض من محاربة البرنامج لارغام الطلبة بالتوجه للجامعات الخاصة التي تستقطب الطلبة لأهداف حصرية ويملكها مستثمرون، وربما وسيلة ضغط لمتنفذين للحصول على تراخيص جامعية للكليات ذات محور الاهتمام فيبدأ النزف العلمي وانحدار المستوى.