Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jun-2017

إلى أين يحملنا قطار ترمب ؟! - محمد كعوش
 
الراي - شهر رمضان منحني مساحة زمنية اوسع أخرجتني من حصار الوقت، اقرأ كثيرا واجلس امام شاشة التلفاز اتابع باهتمام نشرات الأخبار غير السارة ، بانتظار شيء ما غير محدد ، لأننا في زمن الكوارث والدماء الذي تتغير فيه التحالفات بسرعة لتعيد كل شيء الى بداياته بانتظار ما هو أسوأ.
 
هذه المتغيرات المتسارعة التي تحملها حركة التاريخ الحاضر تكرست في عهد الرئيس الأميركي ترمب بشكل لافت ، فهو الرئيس الذي احتفل بعيد ميلاده قبل ايام قليلة ، حيث بلغ 71 عاما ، ولكن بلوغه هذا الكم من العمر لم يمنحه العقلانية والحكمة، فهو ما زال أسير مزاجه المتقلب، مغرور يستخف بمعارضيه، يعشق الأستعراض حتى استحق لقب «الرئيس الخفيف» بجدارة ، متعصب غاضب غير هادىء يضع العراقيل ويزرع الألغام في دربه، يثير الغبار والدخان يشعل الحرائق داخل الولايات المتحدة وخارجها، يعقّد علاقات بلاده مع الدول الاخرى خصوصا في الشرق الأوسط واوروبا واميركا اللاتينية.
 
في داخل اميركا نجح الرئيس ترمب في تكريس الأنقسام الداخلي، بسبب اندفاعه في تغيير قواعد العمل المؤسسي، فبدت تصرفاته الفردية أقرب الى عقيدة رئيس مستبد في نظام شمولي، فهو اول رئيس يبدأ عهده بتدمير كل انجازات سلفه، واشتبك مع الصحافة والقضاء والمؤسسات الأمنية حتى وصلت الخلافات الى صفوف الحزب الجمهوري، والى اضيق دائرة من حوله في البيت الأبيض، وهو اول رئيس اميركي تتم ملاحقته بهذا الكم من الأتهامات والقضايا.
 
في اوروبا فتح جبهة من العلاقات المتوترة والسيئة مع معظم قيادات دول الإتحاد الأوروبي ودول حلف الناتو، خصوصا بعد انسحابه من اتفاقية المناخ ووقف التنسيق المباشر مع القارة العجوز، حول العديد من القضايا الكبرى والتطورات الدولية، فخسر اوروبا الحليفة المخلصة بكل حضارتها وقوتها وديمقراطيتها بعدما كانت مجرد تابع للولايات المتحدة.
 
اما في اميركا اللاتينية، فقد اعلن ترمب عن نيته الغاء الإتفاق الذي ابرمه اوباما لحل الأزمة المزمنة مع هافانا بالإحتواء الناعم ، فقرر إعادة فرض الحصار على الجزيرة. وفي فنزويلا ، واصلت ادارته عملية تحريض المعارضة اليمينية ضد النظام من اجل اسقاط نظام الرئيس مادورو، على الرغم من المزاعم التي اطلقها ترمب خلال حملته الإنتخابية بانه لن يغيير الأنظمة في الدول الأخرى.
 
وعندما وصل الرئيس ترمب الى منطقتنا زاد في اشعال الحرائق، وخلق بؤر توتر جديدة. فهدد باعادة فتح الملف النووي الأيراني، ووضع المنطقة كلها على فوهة بركان. وبالنسبة لمحاربة الإرهاب نحن على يقين بان الولايات المتحدة تعرف منذ البداية مصادر ومنابع تمويل وتسليح وتدريب المنظمات المتطرفة الأرهابية، وتعرف من يقدم الدعم السياسي والإعلامي لهذه التنظيمات ، لأنها هي « الراعي الحصري الممتاز « لهذه التنظيمات التي تحولت الى ادوات محلية تستخدم المقدس لتنفيذ المشروع التقسيمي لبلاد العرب.
 
لذلك لا أرى أي تغيير في سياسات الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط ، وإدارة ترمب ماضية في تنفيذ المشروع الأميركي بقوة وباندفاع واضح فاضح ، فهي غير جادة في محاربة التنظيمات الإرهابية ، لإعتقادها بأن ضرب التنظيمات يصب في مصلحة النظام السوري، لذلك ستبقى داعمة وحامية لهذه التنظيمات لأنها لم تكمل مهمتها حتى الآن خصوصا في العراق وسوريا ، لذلك أدخلت واشنطن قواتها البرية واسلحتها الثقيلة الى سوريا لفرض رسم حدود اقاليم عرقية ومذهبية تحت الحماية الأميركية.
 
اما قضية فلسطين فلها الحصة الأسوأ في جعبة الرئيس الجديد الأكثر تعصبا في تاريخ البيت الأبيض ، واعتقد أنه يدبر ويدير لعبة لإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي بلا مقابل ، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية حسب شروط ورؤية نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة ، ولمواجهة هذا المشروع يجب على الشعب الفلسطيني في الداخل ان يتمسك بالصمود والثبات، ورفض الإحتلال بكل تفرعاته ونتائجه كافة. في النهاية نتساءل.. هذا القطار الذي يقوده ترمب منفردا ، الى أين يقود العالم ؟!