Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2020

سليماني والحنجرة الإيرانية*د. محمد حسين المومني

 الغد

ابتلع الاقليم والعالم مبالغات إيران بشأن عبقرية وقدسية سليماني. وصل الحد بإيران تصوير سليماني أنه محشور مع الاولياء والصالحين، وقرروا بالنيابة عن الله عز وجل أنه في الجنة لا محالة. قبل مقتله، برعت الآلة الايرانية الترويجية بتصوير هذا الجنرال وغيره على أنهم قدوات مقاتلون مقدامون يجب أن يكونوا مثالاً أعلى للشباب الايراني والشيعي في كل مكان، هم عنوان الثورة وصورتها. من يتابع ردود فعل العالم على مقتل سليماني يعتقد أن مشاكل الاقليم قد انتهت مع مقتله، وأنه من كان وراء كل الفوضى الاقليمية وسلوك إيران التوسعي الذي ألب دول الاقليم والعالم ضد نظام إيران. لكن للاسف سليماني واحد من عشرات، لا هو أكثرهم تشدداً ولا أفضلهم عسكريةً. هو منفذ مخلص لأجندة الثورة الايرانية الشيعية التوسعية، يغسل الادمغة ويقتل ويذبح تنفيذاً لأهداف الثورة. مقتله مهم وفيه رمزية وتحطيم للصورة، لكن ذاك لا يعني بحال تغير سلوك الثورة الايرانية وعودتها للرشد، ولا عدم وجود بدائل أكثر دموية منه.
من زاوية عسكرية أمنية، فإن مقتل سليماني يدلل على قدرة اختراقية واضحة تغلغلت في المنظومة العسكرية الايرانية، لاسيما أن قتله كان ممكناً في السابق وتوافرت المعلومات والامكانات لذلك، لكن القرار السياسي كان بالتريث. ردة الفعل الايرانية المتوقعة ستكون أيضاً ذات دلالات عسكرية لأنها لن تكون بمستوى يحفز رداً انتقامياً، ستكون فقط لغايات حفظ ماء الوجه الايراني الذي استبيح بعد أن كشفت عملية قتل سليماني حجم المبالغات الايرانية بقدراتها العسكرية والامنية. الضربة أثبتت أن إيران نمر من ورق كما تصفها مراكز الابحاث المتخصصة، وأن حنجرتها أكبر بكثير من قدراتها الفعلية، وسليماني بعد قتله تحول عنواناً لفشل ايران وصعفها بدل صلابتها.
الاهم من الابعاد العسكرية هو البعد السياسي لما حدث، فالقرار الاميركي يدلل على رغبة رسم خطوط جديدة للاشتباك، وإظهار قوة ردع لاجمة لإيران بالتزامن مع نظام العقوبات الاقتصادية الصارم، ويدلل أيضاً أن نهج تحجيم وردع وعزل إيران مستمر ولن يتوقف على العقوبات الاقتصادية فحسب. وعلى عكس ما أطلقت حناجر النظام الايراني من أن مقتل سليماني سيكون بداية النهاية لأعداء إيران في المنطقة، فإن الاصح القول أن إيران هي التي ستنحصر وتتراجع في ضوء العقوبات الاقتصادية والردع العسكري المتفوق في مواجهتها.
ما لا تدركة إيران وتتعامى عنه، أن ما حدث ويحدث سببه سياساتها الاقليمية التوسعية المصدرة للثورة واللا استقرار، وأنها لن تتفوق أو تنجح في هذا المسعى لأن ذلك يعتبر مسألة سيادية وجودية من قبل عديد من القوى الاقليمية. نفوذ إيران الاقليمي لن يتأتى الا إذا تصرفت عكس ما تتصرف الآن بأن تكون دولة إقليمية مسالمة لا تتدخل بشؤون الدول الاخرى ولا تعبث بأمنهم. عندها فقط ستكون ذات نفوذ مقبول مرحب به، أما الاستمرار بالعقلية الثورية العسكرية الدموية خدمة لأيديولوجياتها الدينية فهذا ما يحتم المواجهة والصد من قبل دول الاقليم والعالم.