Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2019

حتى لا نفقد البوصلة: القدس عربية وفلسطين عربية*علي ابو حبلة

 الدستور-في القضية الفلسطينية يتداخل: الديني مع السياسي ،التاريخ مع الحاضر، والوطني مع القومي مع الديني مع الدولي، الأمر الذي يجعل القضية الفلسطينية أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأكثر تعقيدا من بين كل الصراعات في عالمنا المعاصر. 

المكانة الدينية لمدينة القدس عند الديانات السماوية الثلاثة أضفى طابعا دينيا على مجمل القضية الفلسطينية وعلى الصراع مع إسرائيل ،مما جعل القضية الفلسطينية تتبوأ مكانة خاصة عند كل المسلمين والعرب، ولهذا اعتاد الخطاب السياسي الفلسطيني والعربي والإسلامي الحديث عن البعد الديني للقضية الفلسطينية. إلا أن الخطاب السياسي والحديث عن هذا البُعد لم يكن منسجما أو متوافقا مع الممارسات على أرض الواقع، فعلى العكس من منطوق الخطاب وما يتطلبه من ممارسة عقلانية حضارية تقطع الطريق على إسرائيل التي تسعى لإضفاء بعد ديني على الصراع لتمرير رؤيتها ليهودية دولة إسرائيل ، فإن بعض الحكومات والجماعات الإسلامية وظفت البعد الديني لخدمة سياسات ومصالح هذه الأطراف ،وأحيانا كانت المبالغة في توظيف البعد الإسلامي تؤثر سلبا على البعد الوطني من خلال مراهنة أحزاب فلسطينية على الجماعات والأنظمة التي ترفع رايات الإسلام بدلا من المراهنة على الذات الوطنية.
المكانة الدينية والتاريخية لمدينة القدس بالنسبة للديانات السماوية الثلاث لا يلغي أنها مدينة فلسطينية وعاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة . أيضا البعد الديني للقدس لا يلغي أو يسقط المسؤولية الوطنية الفلسطينية عن المدينة ،والبعد الديني أو الصفة الدينية للقدس ليس بديلا عن بُعدها الوطني.
التداخل بين الديني والسياسي في الصراع مع إسرائيل وحول القدس لم يقتصر على الفلسطينيين بل حاضر أيضا عند الحركة الصهيونية التي وظفت الدين وفكرة العودة إلى القدس (أورشليم) كأداة استقطاب ليهود العالم وللدول والشعوب المسيحية وخصوصا الانجليكيين الذين يؤمنون بفكرة أن عودة المسيح المنتظر مرتهنة بقيام دولة إسرائيل .
بسبب هذه المكانة الدينية للقدس فقد ارتأت الأمم المتحدة منذ اندلاع الصدامات بين اليهود والفلسطينيين أن تضع القدس تحت الوصاية الدولية وهذا ما تضمنه قرار التقسيم عام 1947 الذي نص على تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب ووضع مدينة القدس تحت الوصاية الدولية وأن تكون مفتوحة لأصحاب كل الديانات، إلا أن إسرائيل احتلت القدس الغربية في حرب 1948 ثم احتلت القدس الشرقية وكل الضفة الغربية لنهر الأردن في حرب يونيو 1967 . 
جاء قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالمصادقة على قرار الكونجرس الامريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل اليهودية ونقل السفارة الامريكية للقدس ليؤجج مجددا التوتر في المنطقة في بعده الديني، ذلك أن هذا القرار يعتبر تجاوزا ليس فقط للحقائق والوقائع التاريخية التي تؤكد أن القدس مدينة عربية إسلامية فلسطينية مفتوحة لكل اصحاب الديانات السماوية بل تجاوزا أيضا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي تلحظ للقدس مكانة خاصة ، أيضا هذا القرار يتعارض مع مرجعيات التسوية السياسية التي انطلقت منذ مؤتمر مدريد 1991 كما سيُعطل أية تسوية جديدة.
من المؤكد أن « صفقة القرن» والتبدلات الرسمية العربية خاصة من بعض أقطاب بعض دول من الخليج تجاه فلسطين وتجاه مدينة القدس لعب دورا في إذكاء الصراع وأدى إلى التعنت والتعسف الإسرائيلي بعد قرار ترمب الاعتراف في القدس عاصمة لإسرائيل وزادت من وتيرة الاعتداءات على المسجد ومحاولات تهويد المسجد الأقصى تحت وهم وتبرير اقامة الهيكل محل المسجد  الاقصى ،  وهنا تكمن أهمية الموقف العربي والإسلامي لدعم الحقوق الوطنية الفلسطينية ودعم الأردن بصفته صاحب الولاية والوصاية على الأماكن المقدسة مما يتطلب تحركا دوليا لجمح التطرف الاسرائيلي ووضع حدود لتماديها وجرها المنطقة برمتها لحرب دينية تعتبر امتداد للحروب الماضية كما صرح بذلك جورج بوش الابن بتبرير حربه على العراق وافغانستان.