Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2019

الجماعات المسلحة الموالية لتركيا على الأراضي السورية

 الغد-بُراق تويغان* – (أحوال تركية) 16/6/2019

احتدمت الأزمة مع الهجمات التي بدأها الجيش السوري في أواخر نيسان (إبريل)، مدعوماً من روسيا، على منطقة ريفي حماة وإدلب، وتغيَّر مسار المعركة بشكل كبير بعد معلومات بشأن قيام تركيا في شهر أيار (مايو) الماضي بإرسال أسلحة متطورة إلى بعض الجماعات المعارضة هناك. أضف إلى هذا دخول الولايات المتحدة الأميركية إلى ساحة المعركة، وتزويدها الجماعات المؤيدة لتركيا بالأسلحة كذلك.
ومن ناحية أخرى، ساعد الاتفاق بين روسيا وتركيا في اجتماعهما في سوتشي في 3 آذار (مارس) 2017، بشأن فرض منطقة منزوعة السلاح في بعض المناطق، في تمهيد الطريق أمام القوات السورية للتقدم هناك.
استطاع الجيش السوري بعد هذا الاتفاق، الذي أبرم نتيجة اقتراح روسي من الأساس، أن يفرض سيطرته على مناطق الغوطة الشرقية وحِمص والمنطقة الجنوبية الغربية من سورية، بعد اشتباكات عنيفة استمرت طوال العامين الماضيين.
وحقَّق الجيش السوري، الذي لا يملك القدرة على القتال على عدة جبهات، تقدماً كبيراً بفضل الدعم الجوي الروسي المتفوق، وأدى هذا التقدم السريع للجيش السوري إلى تضييق الخناق على جميع الجماعات المسلحة في إدلب وضواحيها.
يقاتل الجيش السوري، مدعوماً بالقوات الروسية في هذه المنطقة، التي يقطنها ما يزيد على 3 ملايين مدني، عشرات الفصائل التي يمكننا تصنيفها ضمن خمس مجموعات رئيسة، ولكن مع دخول تركيا على خط المواجهة اتحدت هذه الجماعات معاً، بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من قوتها خلال صداماتها مع بعضها البعض في الماضي، واتخذت من القوات الروسية والسورية عدواً مشتركاً لها، الأمر الذي اعتبر بمثابة ضربة عنيفة للتقدم الروسي السوري هناك. السبب الآخر لنجاح المعارضة هناك هو رغبة تلك الجماعات، التي كانت تؤيد تنظيم القاعدة في الماضي، في قتال الجيش السوري، من خلال فرض سيطرتها على جميع الجماعات المعارضة الموجودة على الأراضي السورية. ومع ذلك، كان تحرك هيئة تحرير الشام، التي أعلنت قطع علاقاتها بالقاعدة، ووقوفها إلى جوار الجماعات الأخرى، داعماً كبيراً لها.
حققت الجماعات الجهادية المتشددة تفوقاً كبيراً على القوات السورية قبل 2016 بفضل اتباعها استراتيجية موحدة في صراعها مع قوات الأسد. ويمكن إدراج الجماعات التي تقاتل قوات الأسد في الوقت الحالي تحت خمسة عناوين رئيسة:
الجبهة الوطنية للتحرير
الفصائل الرئيسة فيها: فيلق دمشق؛ وجماعة أحرار الشام؛ وحركة نور الدين زنكي؛ وألوية صقور الشام؛ والجيش الحر؛ وجيش إدلب الحر؛ والفرقة الأولى الساحلية؛ والفرقة الثانية الساحلية؛ وجيش النخبة؛ والفرقة الأولى مشاة؛ وجيش النصر؛ والفرقة 23؛ ولواء شهداء الإسلام؛ وتَجمُّع دمشق.
تأسست جماعة الجبهة الوطنية للتحرير في أيار (مايو)ٍ 2018 ، وبدأت في خوض مقاومتها، بشكل موسع، في آب (أغسطس) 2018. وتعتبر هذه الحركة نفسها جزءاً من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا. وقد تلقَّى معظم أعضاء جماعة الجبهة الوطنية للتحرير دعماً مباشراً من وكالة المخابرات المركزية الأميركية في الفترة من 2013 إلى 2017.
يتكون هيكل جماعة الجبهة الوطنية للتحرير من جماعات أخرى تتبنى أيدولوجية جماعة الإخوان المسلمين والفكر السلفي، مثل جيش إدلب الحر وجيش النصر وفيلق الشام وأحرار الشام.
ومع ذلك، تراجع تأثير الجبهة الوطنية للتحرير مع الصعود السريع لهيئة تحرير الشام التي كانت تطلق على نفسها قبل ذلك اسم “جبهة النصرة”. وعلى الرغم من أنه من غير المعروف على وجه التحديد عدد أعضاء الجماعات والمنظمات الأخرى التي تعارض سياسة هيئة تحرير الشام وأيدولوجيتها، إلا أن البعض يقدرها بحوالي 30 ألف فرد.
جيش العِزَّة (تجمع العِزَّة سابقاً)
تمارس هذه الجماعة نشاطها بشكل رئيسي في شمال حماة، وكانت من بين الجماعات التي دعمتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في السابق، ولكن ما لبثت أن أعلنت في الآونة الأخيرة أنها لا تريد البقاء تحت مظلة الجبهة الوطنية للتحرير.
على الرغم من وجود علاقة وثيقة تجمع بين تركيا وهذه الجماعة، إلا أنها لا تلتفت كثيراً إلى التوجيهات التي تأتيها من تركيا. وأفضل مثال على ذلك هو رفضها الانصياع لكافة الضغوط التركية لفرض منطقة منزوعة السلاح، كما أنها ترتبط بعلاقات وثيقة للغاية بهيئة تحرير الشام، مقارنة بعلاقتها بجماعة الجبهة الوطنية للتحرير. وتتراوح أعداد المقاتلين المنضمين لهذه الجماعة بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل.
الجيش الوطني السوري
هو أحد الجماعات الرئيسة التي تتخذ من إدلب وشمال حماة مركزاً لها. وتتألف جماعة الجيش الوطني السوري من لواء شهداء بدر، والجبهة الشامية، وأحرار الشرقية وأحرار الشمال (فيلق الشام).
ويعد الجيش الوطني السوري من أهم الجماعات المسلحة في سورية التي دعمت تركيا في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون اللتين نفذتهما تركيا في الشمال السوري بين العامين 2016-2018.
تأسست هذه الجماعة في العام 2017، وتضم في هيكلها ما يزيد عن 30 فصيلاً آخر. ويقدَّر أن يكون لديها من 20-25 ألف مقاتل، معظمهم من العرب والتركمان. ولا تتمتع هذه الجماعة بسمعة حسنة بين سائر الجماعات الأخرى؛ بسبب انصياعها الكامل للتوجيهات التي تأتيها من أنقرة، ومعاملتها السيئة للأكراد في المناطق التي تسيطر عليها. ولعل هذا هو السبب الرئيس لوقوع خلافات وانشقاقات كبيرة داخلها.
تبيَّن قيام تركيا خلال شهر أيار (مايو) الماضي بإمداد جماعة الجيش الوطني السوري بالأسلحة والذخيرة لمساعدته على التصدي لجماعة الجبهة الوطنية للتحرير. وهناك من ينتقد ذلك التحرك التركي بقوله إن تركيا دخلت بهذه الخطوة إلى خط المواجهة المباشرة مع كل من سورية وروسيا.
هيئة تحرير الشام
كان يُطلق عليها في السابق اسم “جبهة النُصرة”. أعلنت هذه الجماعة انفصالها رسمياً عن تنظيم القاعدة حتى تسلم من الانتقادات المحلية والدولية التي وجهت إليها، وأطلقت على نفسها اسم “فتح الشام”، ثم استبدلته مرة أخرى بإسم “هيئة تحرير الشام” في 8 كانون الثاني (يناير) من العام 2017. وكان استيلاؤها على مستودعات الأسلحة التابعة لتنظيم القاعدة مؤخراً تعبيراً صريحاً عن الأيديولوجية التي تبنتها هذه الجماعة.
زعيم المنظمة هو الشاب أبو محمد الجولاني، الذي يقود حركة جهادية سلفية يمكن اعتبارها النسخة السورية من طالبان. وتقوم أيدولوجيتها على الدفاع عن وحدة الأراضي السورية.
وعلى العكس من أيديولوجية القاعدة، تسعى هذه الجماعة إلى التواصل مع دول المنطقة وأوروبا. ويمكن وصف علاقة هذه الجماعة مع تركيا، ورغبتها في فتح قنوات اتصال معها، بأنها علاقة نفعية بحتة أكثر من كونها علاقة صداقة؛ فهي تبذل جهوداً كبيرة حتى لا تصبح عدوة لتركيا فحسب.
تمتلك هذه الجماعة ما يقرب من خمسة عشر ألف مسلح. وعلى الرغم من أنها نشطة للغاية في بعض المناطق في شمال غرب سورية، إلا أنها لا تحظى بشعبية كبيرة بين 3 ملايين شخص يسكنون إدلب.
قامت هيئة تحرير الشام، التي توصف بأنها أقوى الجماعات المسلحة في الوقت الحالي، باتخاذ خطوات جادة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية باتجاه تدريب قواتها، وإمدادهم بالأسلحة الحديثة والخوذات والسترات الواقية من الرصاص.
أنصار القاعدة
الفصائل الرئيسة فيها هي: تنظيم حرَّاس الدين؛ والحزب الاسلامي التركستاني؛ وأجناد القوقاز؛ وألوية الفتح؛ وجبهة أنصار الدين؛ وجماعة أنصار الدين؛ وكتائب الإمام البخاري.
وتزامن مع انفصال هيئة تحرير الشام عن تنظيم القاعدة تكوين عدد آخر من الجماعات الصغيرة في شمال غرب سورية، والتي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة. وأقوى هذه الجماعات بلا منازع هي منظمة أطلقت على نفسها اسم “حماة الدين”. ويعمل تحت راية هذه الجماعة العديد من مقاتلي القاعدة، وتتلقى تعليماتها من زعيم القاعدة أيمن الظواهري شخصياً.
تعارض هذه الجماعات الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني السوري، وتوجه انتقاداتها إلى هيئة تحرير الشام أيضاً. ومع ذلك، فإنها تمتنع عن الدخول في صراع مباشر معهم. وتشير التقديرات إلى أن أعداد مقاتليها تربو عن أربعة آلاف مقاتل، وهي لا تفضل الدخول في تحالفات مباشرة مع الجماعات الأخرى.
ينشط الحزب الإسلامي التركستاني أيضاً في المنطقة الشمالية الغربية من سورية بشكل أكبر من منطقة الأويغور على الأراضي الصينية. وهناك الكثير من المسلحين التابعين له، والذين يقاتلون الآن ضد القوات السورية إلى الشمال من حماة.
على الرغم من وجود خلافات بين هذه الجماعات، وحتى داخل كل واحدة منها، إلا أن عدم ظهور هذه الخلافات على السطح ساعد بشكل كبير في تحقيق الكثير من النجاحات أمام روسيا وسورية مؤخراً.
ومع ذلك، يمكن القول بأن استمرار هذا التعاون بين الجماعات المتشددة في سورية مرهون بشكل كبير بالتحركات وبالدعم التركي لها على الأراضي السورية.
لا شك في أن نشاط تركيا على وجه الخصوص على الساحة السورية، ودعمها للجماعات المتشددة هناك سيُقابل حتماً بردة فعل عنيفة من جانب روسيا، حتى وإن لم تُصَعِّد الأخيرة من ردود فعلها بدرجة خطيرة حتى الآن.
 
*كاتب تركي.