Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jun-2017

ما قل ودل: المغفلون - د. محمد القضاة
 
الراي - في الحروب الإعلامية بين الدول تسقط الاقنعة وتقرأ أكاذيب وحقائق لا تعرف لها اولا من آخر، وتشعر وانت تتابع السجال بين تلك الأطراف ان الأمور بينهما تتجه إلى الهاوية، ولا تعلم أن الخطوط السرية بين المتخاصمين تجري دون علم المغفلين الذين يتناحرون على نصرة طرف ضد آخر، وما ينطبق على الدول ينطبق على الأفراد؛ فكم مغفل ينبري للدفاع عن شيء لا يعلم تفاصيله ومراميه، وكم مغفل ساقه جهله في الدفاع عن شرف موهوم لا يستحق تعب الحرف الذي كتب فيه، وكم تضحك وانت تقرأ سجالات من ينبري للدفاع بمقالة او تغريدة او غيرها، وتشعر بالأسف لجيش المغفلين الذين يكتشفون أنفسهم بعد حين وقد وقعوا في حبل الآكاذيب والجهل والنفاق دون أدنى اعتبار لاحترام أنفسهم .
 
المغفلون تراهم في كل مكان وزمان، وهم جاهزون للردح والغناء والرثاء، لا يأبهون لحمل اوتارهم من أقصى اليمين لاقصى الشمال، جاهزون لعمل كل شيء، يكثرون في المناسبات والانتخابات وعند وقوع المشكلات، لا يحترمون أية خصوصية، قناعاتهم جيوبهم. وحروفهم وسكاكينهم تقطع في كل اتجاه، وهو ما يذكرني بمرتزقة الحروب، يذهبون لساحات المعارك وهم لا يعرفون حجم النار التي ستحرقهم! وتجد بعضهم يصوب سلاحه عكس قناعاته، وقد تتحول فوهات بنادقهم كلما دفع المشتري ثمنا اعلى، وهذا ما يفعله المغفلون هذه الأيام حين يدافعون عن الشيطان وهم لا يعرفون عن ماذا يدافعون او يبكون!
 
ظاهرة المغفلين تزداد وتيرتها، وترتفع سقوفها وانت تعلم ان أصحابها مجموعة من الدمى تتحرك مع الريح، وتأخذ مجدها في الطبل والزمر كلما حان أوانها. أقول لهؤلاء الذين يعيشون أفراحهم وأتراحهم انظروا ولو مرة في وجوهكم بعد كل ملطمة، لكي تروا كيف تبدو دخانية في مرايا انفسكم؟ وكيف تبدو شاحبة امام المجتمع الذي تختزن ذاكرته بصور الحمقى والمغفلين على مدار التاريخ؟ ولا نبالغ اذا قلنا إن المجتمع الحديث يمتلك الى جانب الذاكرة سجلات حية يستطيع ان يعيدها امام المبالغين كي يعرفوا ان الذاكرة ليست مستباحة الى حد الغفلة، وحين تستيقظ الدول والأفراد وتعود المياه الى مجاريها حينها لا ينفع الندم، وليتأملوا قول الشاعر:
 
نَدِمَ الْبُغاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم
 
mohamadq2002@yahoo.com