Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2018

عن «مھّمة» ترمب... التي «انت َھت»!! -محمد خروب

الراي - كان ينقص الرئيس الاميركي تاجر العقارات و»بطل» تلفزيون الواقع, الغارق في تغريداتِه التي تعكس ارتباكاً ورعباً من ان يتمّ إجباره على مغادرة البيت الابيض, والصفقات المشبوهة, ليس «مُتوَّجاً» بسلسلة من الفضائح آخرها إنكاره ان مُحامِيه دفع «130« ألف دولار لممثلة إباحية شريطة

التزامها الصمت, وهو ما اعترَف به محاميه الذي قام فريق المحقق مولر باقتحام مكتبه وصادَر وثائِق وأجهزة منه, ما اثار «قلق» ساكن البيت الابيض, الذي اراد توجيه الأنظار نحو سوريا وأكذوبة استخدامها «الكيماوي» المزعوم.
نقول: كان ينقص ترمب الهبوط بمظلة على ظهر حاملة طائرات اميركية, ليُعلن انتهاء «مهمة» بوارجِه وطائراته, بالاشتراك مع تابِعَيْه الفرنسي والبريطاني, على ما فعلَه جورج بوش الصغير في الاول من ايار 2013 عند هبوطه بالمظلة على ظهر حاملة الطائرات ابراهام لينكولن, قبالة سواحل
كاليفورنيا.
مشهد تمثيلي هابِط وإعلان أرعن من دمية المحافظين الجُدد, ما يزال العالم يتندر به. وبخاصة انه ليس فقط كان إعلانا مُتسرِّعاً ودعائِياً لتبرير غزوٍ اجرامي خارج ارادة القانون الدولي, وتمرّداً مفضوحاً من قِبل دولة تزعم قيادة العالم الحرّ او المتنوِّر المزعوم, بل وايضا لأنه عكَس جهلاً اميركيا «مؤسّسياً» بثقافة وطبيعة وتاريخ المنطقة العربية ومجتمعاتِها، وبخاصة رفض شعوبها ومقاومتها كل الغزاة والمستعمِرين ودحرِهم.
الامر الذي ترّجَمتْه المقاومة العراقية ببسالة, ولم يكن دعم سوريا لهذه المقاومة وتوفير كل اسباب الصمود والملاذ الآمن لها, وتزويدها بالمعلومات، سوى «الثمن» الذي تدفعه سوريا وشعبها الان, عبرالمؤامرة الكبرى التي تتعرّض لها منذ سبع سنوات. وبخاصة بعد ان اثبتت وقائع الحرب فيها وعليها, صمودها وإفشالها مخطّطات إسقاط الدولة السورية وتقسيم بلاد الشام والمنطقة العربية, والتبشير بعصر الأسرلة والتصهّين وكتابة جدول أعمال المنطقة.. دولها «الطائِفيّة» والشعوب... على حد سواء.
لا يمتلك ترمب الإمكانات الجسدية التي توفَّرَ عليها سابِقه الخائب جورج بوش الابن. والفريق المحيط به لا يرتقي لـ»الهالَة» والنفوذ و»الأيديولوجيا» التي كان يحوزها رهط المحافظين الجدد, مثل ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وريتشارد بيرل (أمير الظلام) وكارل روف ووليام كريستول ودانيال بابيس و»حاخامِهم» الفِكري برنارد لويس، الاب الروحي لمشروع الشرق الاوسط الجديد، دون ان ننسى ريتشارد بولتون والسناتوران جون ماكين وبول وولفوتز كأوقح المحرضين على اجتياح العراق, والانتقال بعدها الى سوريا... كجائزة كبرى, (تذكرون كيف حمَلَ كولن باول «شروطه» الى الرئيس السورِي وكيف رفضها الاخير).
صحيح ان فريق ترمب يضمّ «الان» بعض رموز المحافظين الجدد الاكثر تشدّداً مثل ريتشارد بولتون كمستشار للامن القومي وجيمس بومبيو وزيراً للخارجية ، إلاّ انه فريق يُعاني التصدّع والخلافات وخصوصاً «القلق». كون أعضاء الفريق كلّه يُدركون انهم «يعملون» مع رئيس غير «مؤدّلَج» وغير متّزِن، سريع التقلّب والغضب, لا يمكن توقِّع قراراته اوالتنبّؤ بأفعالِه. فهل «مهمة» ترمب الراهنة «انتهت» فعلاً؟
نحسب انها دخلَت طور التِيه, وعليها المُعتدين دفع «الحِساب» على عكس ما زعموا ان سوريا وروسيا وإيران
وحزب االله قد دفعوا الثمن. ولهذا التوقّع الذي يرقى الى درجة اليقين, مُؤشرات ودلائل ومعطيات, دعونا نضيء على بعضها كـ»أمثلة» وليس حصرا.
اولاها.. القلَق الفوري الذي عبّرَت عنه اسرائيل, مباشرَة بعد التصريحات غير العفوية بل المقصودة بذاتِها ولِذاتها, التي ادلى بها الفريق اول سيرغي رودسكوي، رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الاركان الروسية والتي جاء فيها: «....إننا رَفضْنا منذ بضع سنوات، نظرا للطلب المُلِحّ من قِبل «شركائنا» الغربيين، تزويد سوريا بنظام صواريخ 300-s ،ولكن – انتبهوا هنا – مع الأخذ في الاعتبار «ما حدّث».. سنيعد النظر في هذه المسألة. ليس فقط في ما يتعلّق بسوريا بل وبالنسبة للدول الاخرى». ختَمَ الفريق الروسي الذي لا ينطق من «عِنّدِيّاتِه».
أقوال الجنرال الروسي ليست رسالة فقط,بل «قرار» في ما نحسب, تمّ اتخاذه فور وقوع العدوان, وبع ان اثبت الجيش السوري كفاءة وبسالة باعتراف الجنرال رودسكوي, الذي اعترف «اننا طوّرنا منظومة الدفاع
الجوي السورية, وسنعود الى تطويرها بشكل... أفضَل».
رسالة وقرار التقطتهما اسرائيل, عندما اعترف محلّلوها العسكريون والأمنِيّون (وهم على قربٍ شديد من المؤسستين العسكرية والامنية الصهيونِيّيتن) ان «موسكو ستتجاهل مطالب اسرائيل, وهو ما سيجعل من الصعب على الجيش الاسرائيلي مواصلة العمل في المنطقة». ما يعني ان مؤيدي العدوان الإمبريالي الثلاثي, لا يمتلكون حرية وترف الغزو والعربدة دون ردّ, على النحو الذي تبجّح به رئيس الحكومة الفاشية في تل ابيب عندما «غرّد» في صفاقة واستعلاء: «في ساعة مُبكرة من هذا الصباح وبقيادة اميركية, اظهرت الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة, ان التزامها لا يقتصِر على اعلان المبادئ».
واذا ما اخذنا في الاعتبار, ان اسرائيل باعتراف قادتها والسفارة الاميركية في تل ابيب انها «أُحيطَت عِلماً» بالعدوان قبل حدوثه بـ»اربع وعشرين ساعة», فللمرء التساؤل: مَنْ مِن حلفاء اميركا في المنطقة باستثناء نتنياهو, علِم بهذا العدوان.. قبل حدوثِه؟ واذ لم يُشِر احد في واشنطن وباريس ولندن انه قام بإبلاغ مُسبَقٍ كهذا، ألا يعني اننا امام «قوى شرٍ» إمبريالية لا تقيم وزنا لأحد في المنطقة او لمصالحه؟ بل تضع في المقدِّمة مصالحها الإستراتيجية والإقتصادية وخصوصاً «حضارتها» التي في يُعرِّفونها حصرياً,بأنها... حضارة «يهودية – مسيحية»,على ما يقول قادتها ومفكِّروها وايديولوجيوها؟
مهمة ترمب الاخيرة لم تنتَهِ... بل فشِلَت، لكن العقلية الإمبريالية المُتغطرِسة, تواصِل تخطيطها ونِيّاتِها العدوانية, ولن تعدم وسيلة او فرصة لتكرار وحشيتها ونزعتِها الاستعمارية.
kharroub@jpf.com.jo