Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Feb-2017

العراق .. وسطوة النكران ! - محمد كعوش
 
الراي - لا أحد أحس بالعار أمام مشهد التدمير الذاتي في أكثر من بلد عربي . ولا أحد أحس بالعار عندما ثبت أن بعض العرب يدافع عن مشروع الظلام ويمجد الحماقة والفوضى وألأرهاب .أما في الغرب فيتلذذون بمشاهدة عمليات السبي والقتل والتهجير والتدمير العشوائي ، ويشعرون بالسعادة وهم يرون المنظمات المسلحة المتطرفة تستخدم كل أدوات قمعها من اجل التحول الى سلطة ارهابية متخلفة تهدد ألأمن والأستقرار في بلاد العرب .
 
وهم ، وأعني العرب وأهل الحكم في الغرب ، يعرفون من يزود المنظمات المسلحة المتطرفة بالسلاح ، ومن يمولها ويعزز قواتها بالعتاد والرجال ، ومن يدعمها سياسيا واعلاميا ، كما يعرفون أن القضاء على هذه المنظمات الأرهابية يتم بتجفيف منابع التمويل والتسليح ، وهي وسيلة أسرع وأسهل من الحسم العسكري في محاربة الآرهاب ، لأن الأنتصار العسكري في المعارك ليس هو النجاح التام ، فالنجاح الحقيقي هو أن تجرد هذه التنظيمات من قوتها وتكسر ارادتها وقدرتها على القتال .
 
وفي نهاية كل حرب يتم الحل بشروط المنتصر أما في الحروب الداخلية ، أو الأقتتال الأهلي ، ينتهي الأمر بالجلوس حول طاولة المفاوضات لحل الأزمة بالحوار والتوافق والمشاركة . وهذا الواقع يقودنا للحديث عن الصراع في سوريا والعراق ، ففي سوريا يختلف الصراع عنه في العراق في الشكل والمضمون والأهداف ، لأن الحرب في سوريا هي أٌقرب الى الحرب الكونية تشارك في وقائعها أطراف عربية ودولية عديدة ، أي انها حرب متعددة الجنسيات ساحتها سوريا بهدف تقسيم البلاد والعباد ، على قاعدة عرقية وطائفية .
 
اما في العراق فالمسألة مختلفة ، حتى أن التحالف الدولي الذي يقاتل ضد النظام والجيش والدولة في سوريا ، هو الذي يقاتل الى جانب الجيش في العراق ضد تنظيم داعش . كما ان العراق تم اختطافه من قبل القوات الأميركية منذ احتلال بغداد ، فادارة الأحتلال هي التي وضعت الدستور وشكل الحكم وصياغة مستقبل بلاد الرافدين ، وهي التي فجرت الخلافات العرقية والمذهبية في العراق ، وهي التي شجعت على انتشار ثقافة الفساد والنهب والسمسرة .
 
لذلك أثار تصريح وزير الدفاع الأميركي الأستغراب والدهشة ، لدى زيارته الأخيرة الى بغداد ، عندما نفى أن يكون الوجود العسكري الأميركي في العراق بهدف الأستيلاء على النفط ، لأننا نعرف أن الولايات المتحدة نهبت كل ثروات العراق بعد الأحتلال ، ولا تزال تفرض هيمنتها العسكرية والسياسية والنفطية ، لأن هذا التواجد من اجل المصالح الأميركية وليس من أجل « سواد عيون العراقيين « .
 
وبمناسبة الحديث عن العراق ، لا بد من الحديث عن معركة الموصل ، لأن الأنتصار العسكري لا يعني انتهاء الأزمة الأمنية والسياسية في العراق ، طالما النظام الحالي ما زال اسير سطوة الأنكار وشهوة الأنتقام ، وهو بالتالي يخضع لسطوة الميليشيات وهيمنة الأحزاب المنتفعة من واقع الحال الراهن .
 
قد يجتاح الجيش العراقي والحشد الشعبي مدينة الموصل عاجلا أم آجلا ، لأن هزيمة تنظيم داعش حتمية ، بسبب ممارساته الوحشية ضد أهل الموصل ، وهو السلوك اللا انساني الذي أفقده البيئة الحاضنة ، لأنه فصيل عالق في الماضي لا ينتمي الى العصر لا بفكره ، ولا بادواته وخطابه وممارساته . كذلك انتصار الجيش والميليشيات المسلحة التي تنتمي الى احزاب طائفية لا ينهي المشكلة ولا يحل الأزمة في العراق ، لأن البلاد ، منذ احتلال بغداد ، تحتاج الى حل سياسي شامل على قاعدة المصالحة والمسامحة والمشاركة في السلطة وتكريس العدالة وقبول الآخر ، والتحرر من سطوة النكران وعقدة الخوف والأرتياب أولا ... هذا هو الحل .