Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Feb-2017

رواية فرنسية ومترجم عربي - ابراهيم العجلوني
 
الراي - ترجم التونسي آدم فتحي رواية الفرنسي جيلبرت سينويه: (ابن سينا) أو «الطريق الى اصفهان» عام 1999م, فكان ذلك اقرب شيء الى استعادة سيرة واحد من نوابغ العصور السالفة عبر وسيط محب – ولو كان ذلك بطريقته الخاصة – للشرق وأجوائه واسراره, قادر على استكلناه «الانساني المشترك» بين الثقافات, وعلى طرح الاسئلة الوجودية الكبرى التي اوحت بها اليه حياة الشيخ الرئيس ابي علي الحسين بن عبدالله بن سينا, الذي كان فيلسوفاً وطبيباً وأديباً ورجل سياسة في مرحلة شديدة الاضطراب من تاريخ المشرق العربي الاسلامي.
 
اما الروائي الفرنسي جيلبرت سينويه الذي كان لقضائه طفولته في مصر أثر واضح في حياته الادبية, فكان من ذلك رواياته: (المصرية) و(ابنة النيل) و(فرعون الاخير) التي تتابعت ما بين عامي 1991 و1999م, فهو استاذ في الموسيقى ايضاً, وكاتب سيناريو للسينما والتلفزيون, ومن هنا يمكن اعتبار روايته هذه عن ابن سينا مشروع فيلم سينمائي ممتلئ بالأحداث المثيرة من جهة, ومشبّعاً بروح موسيقية داخلية تذكرنا بأعمال «هيرمان هسّه» الالماني وباهتماماته بالشرق وأجوائه من جهة اخرى, مع قدرة لا تخفى على الافادة من المراجع العربية عن ابن سينا, ولا سيما ما كتب تلميذه ابو عبيد الجوزجاني فيما يقارب عشرين صفحة تعرّض فيها لما حفلت به حياة استاذه من أحداث جسيمة وآلام عظيمة, وما اتسمت به من تعانق هواجس المعرفة والتعشّق اللُّهام للحياة.
 
واما المترجم الشاعر الاستاذ آدم فتحي فهو ذو فلسفة في «الترجمة» تتوخّى الوصول أو تحقيق لغة عابرة للغات – كما يقول في مقدمته للرواية – ننصت اليها في كل ما نقرأ, أو نذهب اليها كما نذهب الى مكان لم تطأه أقدامنا من قبل.
 
ومهما يكن الامر في الدواعي التي حملت شاعرنا التونسي على ترجمة «الطريق الى اصفهان», فإن من المؤكد أنه «أنشأ» لنا رواية جميلة, وبعربية صافية, مماثلة (وأمينة) للنص الاصلي الذي كتبه جيلبرت سينويه وأنه قام بذلك على نحو ينمّ على اقتداره مترجماً وأديباً في آن.
 
ولقد يكون لنا أن نقول مطمئنين الى ان «آدم فتحي» قد «عرّب» رواية سينويه، او اعادها الى رحاب العربية، وكأنما هي قد كُتبت ابتداء بها.
 
لقد أفاد جيلبرت سينويه من نص ابي عبيد الجوزجاني، ومن مراجع تاريخية اخرى، في انجاز عمل روائي كبير برهن فيه على عبقريته الأدبية، لكن ترجمة الشاعر التونسي لا تقل في دلالة على العبقرية عن الرواية الأصل، التي تشققت بدورها عن أصول عربية.
 
انه الحوار المثمر لآداب الأمم في انموذج فريد، تظاهر الروائي الفرنسي والمترجم العربي التونسي على تحقيقه، بيد ان ذلك لا يمنعنا من ابداء ملاحظتين نراهما على قدر كبير من الأهمية:
 
اولهما: ان الرواية، كما أشرت سابقاً، تكاد تكون مشروع فيلم سينمائي مثير، يذكرنا بأجواء ألف ليلة على نحو ما تقدمها السينما الغربية، حيث تمتزج المغامرة بالجنس والمخاطرة بألوان الجمال، وحيث كان ثمة مغالاة في التركيز على فحولة ابن سينا الجنسية التي جرّته الى حماقات تباعد ما بينه وبين الحكمة التي هو أحد اكبر اشياخها.
 
وثانيتهما: حرص جيلبرت سينويه، وربما لتوكيد وثائقيته الدقيقة، على ايراد اسماء مؤلفات ابن سينا، من خلال حوارات عابرة، مقحمة على نسيج الرواية، الامر الذي جعلها أقرب، في بعض جوانبها، الى الرواية التعليمية.
 
على ان هذا لا يقدح في اهمية هذه الرواية للقارئ الغربي والقارئ العربي في الوقت نفسه، ولا في أنها انموذج للعمل الأدبي التاريخي الذي يؤكد وحدة الوجدان الانساني العابرة للأمم والحضارات.