Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jan-2018

دبلوماسية «الأزرار النووية»... تجلِّيات الغطرَسة الأميركية - محمد خروب

 الراي - يوماً بعد يوم... يُظْهِر ساكن البيت الابيض الاميركي, مدى الانحدار السياسي والدبلوماسي الذي بات عليه من وصَلَ الى كرسي رئاسة اقوى دولة في المعمورة بشِعارات شعبوية قومية متطرِفة، معتمِدا على تراث لا يدعو الى الفخر, بالاستخدام المُفرِط للقوة وازدراء القانون الدولي ونهب ثروات الشعوب واستغلال قواها العامِلة واحتكار اسواقها لتصريف منتجاتها, واللجوء الى كل السبل والاساليب الرامية الى اخضاع دول العالم لمشيئة السيد الابيض, تحت طائلة الغزو والاجتياح والعقوبات وتدبير الانقلابات وتشويه السمعة وتوظيف آلة الدعاية الغربية وتلك المُتأمرِكة ذات القدرات والامكانات الهائلة – ولكن بدون اي وازع أخلاقي – لشيطنة دولة ما او زعيم او تنظيم او جماعة.

 
خرج دونالد ترمب على العالم بتغريدة تبجُّحِية تفوح منها رائحة العربدة, كشفت ضمن امور اخرى، ان الرجل الذي فاز في انتخابات الرئاسة على نحو غير مُتوقَّع، لا يستحق منصبه وهو عبء على شعبه كما شعوب العالم اجمع, ليس فقط في انه «عَسّكَر» العلاقات الدولية وراح يتّخذ خطوات وقرارات «اذهلت»الجميع حتى اقرب حلفائه في اوروبا, في حجم عدوانيتها وانانيتها, وانما ايضا في انه يرى في «الزر النووي» الذي يتحكّم من خلاله بالترسانة النووية الأميركية المَهولة... «لعبة» يستطيع فيها «مكايدة» الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ – اون, ويتوعّده بانها «قيد الاستخدام الفعلي»، دون اي اعتبار للمنطق او الدبلوماسية او الكياسة التي يجب ان تتوفر في مَن يدّعي ويزعم انه «زعيم العالم الحر» وان «مهمته» نشر قيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان وغيرها, مما يرطن بها الاميركيون، فيما سِجلّهم منذ ان ابادوا شعوب تلك البلاد الاصلية, لا يبعث على الفخر والاعتزاز، ولم يعد الحلم الاميركي (الكابوسي في عهد ترمب)، يجذِب الكثير من الواهِمين بان اميركا بلد الفرَص، اللهم الا اولئك الذين يعيشون في دول قمعية واستبدادية يعمّها الفساد وينخر جسدها غياب ثقافة المواطَنة والعدالة وتكافؤ الفرص وتداول السلطة سلميّاً.
 
واذا كان المسؤولون «الكوريون» في شمال البلاد وجنوبها, قد استشعروا خطر المقامرة التي قد يلجأ اليها ترمب في تهديده إشعال حرب وقوله الصريح بان بيونغ يانغ ستواجه «النار والغضب» وسيتم تدميرها ومسحها عن وجه الارض, على ما زعم اركان ادارته ايضا من وزير الدفاع الى رئيس الاركان وجنرالات اخرون، قد توصلوا – الكوريون في الشمال والجنوب – الى نتيجة لا يُنكرها احد, بانهم هم وحدهم من سيدفع ثمن هذه الجريمة التي يستعد لارتكابها ساكن البيت الابيض، فإن بروز لغة «التهدئة» من قِبل الطرفين, سواء في ما خص استعداد بيونغ يانغ للمشارَكة في الاولمبياد الشتوي الذي سيُعقد في كوريا الجنوبية و»التفاوض» حول تلك المشارَكة, ام في التطور المثير واللافت الذي برز يوم امس من خلال الاوامر التي اصدرها الزعيم الشمالي كيم جونغ اون, بالبدء في «محادثات»عبر قنوات خاصة في المنطقة المنزوعة السلاح (بانمنجوم) عند الحدود بين البلدين», ما شمل ايضا الامر بفتح «الخط الساخن» مع كوريا الجنوبية لإجراء محادثات، ناهيك عن «المجاملات» التي ابداها زعيما البلدين بمناسبة العام الجديد، تشي كلها بان لغة العقل والمنطق والمصلحة, قد بدأت تتغلب على لغة العناد او الانزلاق وراء استفزازات واشنطن ورغبة زعماء «حزب الحرب» في البيت الابيض والكابتول هيل, في محاولاتهم لتغيير المعادلة الجيواستراتيجية في تلك المنطقة الحسّاسة والمتفجِّرة من العالم، والتي لا تخفي ادارة ترمب – كما الادارة التي سبقتها – رغبتها وسعيها للحؤول دون صعود الدور الصيني العالمي, والذي تعتقد واشنطن ان تلك المنطقة من البحر الهادئ, ستكون «ساحة» الصراع والمواجهة لتحديد شكل النظام الدولي الجديد, الذي سيخلف الدور الفاشل احادي القطب, الذي قامت به الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة, كما زعمها ان الرأسمالية قد «انتصرَت» وان «القرن الاميركي» قد بدأ.. لكن هيهات.
 
اللغة المُتهوِّرة بل التي تعكس عقلية الكابوي الاميركي محمولة على سلوك تاجر عقارات وممَول مجلات هابطة ومنظِم مسابقات اكثر هبوطاً, التي استخدمها في رده على تصريح الزعيم الكوري الشمالي بان «الزر النووي قد بات على مكتبه» موضحاً (كيم) ان ذلك «ليس تهديدا بل هو امر واقع»، تكشف (لغة ترمب) ان الرجل بعيد تماما عن لغة الدبلوماسية والمسؤولية الاخلاقية التي يجب ان يتوفر عليها زعيم اي دولة, ما بالك ان الحديث يدول عن الدولة الأقوى في العالم؟
 
«..لدي ايضا زراً نووياً لكنه اكبر واقوى بكثير مما لديه، والزر الذي املكه اكثر فعالية» غرّد ترمب, ولم يكتف بذلك بل اضاف: «قال كيم جونغ – اون ان الزر النووي موجود باستمرار على مكتبه، هل يمكن لشخص ما، من فضلكم، إبلاغ نظامه الذي يعضُّه الجوع, ان لدي ايضا زراً نووياً لكنه اكبر بكثير واكثر قوّة مما لديه، والزر النووي عندي.. قيد الاستعمال؟».
 
هل تخرج لغة كهذه على حقيقة كونها لغة ردح وغطرسة واستعلاء, لا تقيم وزناً للقيم والاخلاق والحضارة الإنسانية, وتذهب بعيداً في أخذ العلاقات الدولية بل البشرية جمعاء, الى منحدرات ومصائر كارثية؟.
kharroub@jpf.com.jo