Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jun-2017

دور مؤسسات المجتمع المدني في بناء الدولة - د. آية عبدالله الأسمر
 
الراي - نتطلّع ونحن في معرض الحديث عن مشاريع وخطط التنمية الوطنية المستدامة، إلى المبادرات والتوجيهات والأوراق النقاشية الملكية السامية، وإلى مشاريع وأداء وطروحات الحكومات المتعاقبة، وننسى في خضم مراقبتنا لأثر وتأثير تفعيل هذه المبادرات والمشاريع على أرض الواقع، دورنا الأساسي كمواطنين على مستوى الأفراد، وكمؤسسات على مستوى المجتمع المدني، دورنا المحوري في تجسيد وتحقيق هذه التوجيهات والطروحات في النسيج الوطني، حتى تتكامل دولة القانون مع المواطنة الحقيقية.
 
القارئ لتاريخ نهضة الأمم وقيام الحضارات السابقة، والمتابع للأحداث المتعاقبة على الساحة الدولية الحالية، يمكن له ببساطة استنباط الدور الجوهري للشعوب في بناء الدولة المدنية الحديثة، خاصة مع دخول الحياة البرلمانية إلى الساحة السياسية، وفك القيود عن معصمي الحياة الحزبية والحياة الصحفية، فاختلطت أدوات الدولة بصوت الشعب، وبات الشعب شريكا للسلطة في إدارة الدولة، إلا أن هذه الشراكة ما زالت محدودة وقاصرة، ربما نتيجة عدم تخمّر ونضج التجربة الديمقراطية شعبيا وحزبيا، وجزئيا بسبب طبيعة أنظمة الحكم المتواجدة عموما، وربما هو تخوّف الطرفين من الأداء والنتائج، مما جعل هذه الفترة الانتقالية تمر بمخاض طويل ما زال مستمرا حتى اليوم، وبالطبع هذا المخاض بما يحمله من تجارب وخبرات وثغرات ومحاولات هي في مجملها تصب في صالح الناتج النهائي، الذي سيمنح كلا الطرفين خبرات وتجارب ناضجة وواعية سواء في البناء والإدارة، أو في الشراكة والتشبيك، إلا أن الجزئية الممنوحة للشعب لم يتم استخدامها بالشكل الصحيح المطلوب، ولم يتم تفعيلها بطاقاتها القصوى، لتحقق الأهداف المناطة بها والمرجوة منها في صقل وتشذيب النسيج المجتمعي وضخ الدماء في الحياة السياسية للدولة، وهذا هو الهدف الأول من قيامها، والقاعدة الأساسية لمسوّغات وجودها وكيانها.
 
مؤسسات المجتمع المدني على اختلاف غاياتها، ومنابر المواطنين على تعدد أشكالها، قادرة على أن تتوسع في إطار ثلاثي الأبعاد، أفقيا على مستوى المشاريع والمبادرات والقاعدة الشعبية، وطوليا على مستوى تنفيذ هذه المبادرات وتعدد الشرائح المجتمعية المنضوية تحتها، وعلى مستوى العمق والبعد الذي تطرحه وتتناوله من قضايا تسهم في بناء الدولة.
 
ما يدفعني إلى الخوض في هذا الحديث هو أنني كنت وما زلت طرفا وشريكا في العديد من مؤسسات المجتمع المدني، وشاهدا كذلك على الكثير من المبادرات الشعبية والفردية والشبابية التي خرجت خارج الصندوق التقليدي، بطروحات ريادية طليعية متميزة، وكلا الحالتين تسهمان فعليا وبنجاح باهر في تطوير الدولة وبناء الوعي المجتمعي وتعميق مفهوم المواطنة والوطنية.
 
الشباب طاقة فاعلة وحيوية تحتاج إلى أن ترتكز على دعم الخبرات الناضجة لتؤتي أكلها، والانفتاح العالمي وتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات، وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة تنتشر فيه الأخبار وتنتقل عبره التجارب، وتتواصل من خلاله مختلف الفعاليات والمعلومات جعل حيّز الإبداع يتنامى، وهامش التميز والمنافسة والابتكار يزداد ويكبر بصورة طاغية.
 
اليوم نحن بأمس الحاجة إلى التعاون والتشبيك مع بعضنا البعض كأفراد، بمبادرات تنبع من رغبتنا الأصيلة في التغيير، وإيماننا الراسخ بدورنا وقدرتنا على القيادة وتولي زمام بناء مجتمعاتنا، كل في إطار عمله وضمن مجاله وفي حدود بيئته ومحيطه، مما سيدفعنا إلى ولوج الدائرة الوطنية الأوسع والأكبر والأعمق، من خلال مشاركتنا في مبادرات ومشاريع وجمعيات ومنظمات ومؤسسات تخدم المجتمع ككل، سواء في الحقل العلمي والأبحاث العلمية وتطوير المهن علميا وعمليا، نظريا وتطبيقيا، أو من خلال مشاريع قد تشكل رافدا اقتصاديا لا على الفرد فحسب بل تسهم في تطوير الاستثمار الوطني، أو ربما طروحات تسهم في تطوير الوعي الوطني والفكري والثقافي من خلال مبادرات شبابية ثقافية مبتكرة، وربما من خلال التشبيك المنظم بين القطاعين الخاص والعام يمكننا معالجة مشاكل مجتمعية متعلقة بالإرهاب والتطرف الديني، وعدم قبول الآخر والانغلاق الفكري، والعنف الجامعي والمجتمعي، والتعصب العنصري، والعنف ضد المرأة، والإساءة للأطقال، وتلوث البيئة، ومخالفات السير...إلخ.
 
للبيت رب يحميه... ولهذا الوطن شعب يبنيه...