Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Nov-2017

عن معارضة الأمس ومعارضة اليوم - بلال حسن التل

الراي -  تتزامن ذكرى وفاة المرحوم شاهر أبو شحوت, رئيس حركة الضباط الأحرار الأردنيين التي كانت من المكونات الرئيسية للمعارضة الوطنية الأردنية, في خمسينيات القرن الماضي,أي في الفترة التي شهدت ذروة المد القومي والحياة السياسية والحزبية في الأردن, تتزامن هذا العام مع انعقاد ما سمي بمؤتمر «الخيار الأردني», الذي دعا إليه ونظمه اليمين المتطرف,الحاكم في إسرائيل, بحضور ومشاركة حفنة سماها رعاتها بالمعارضة الأردنية في الخارج, وهذا التزامن يقدم لنا فرصة ثمينة لإعادة طرح مفهوم المعارضة الوطنية, كما مارسها الراحل شاهر أبو شحوت وزملاؤه من الضباط الأردنيين الأحرار, ورموز العمل الحزبي,الذين كانوا أعلاماً معروفين بتاريخهم النضالي, مثلما كانوا معروفين بأنسابهم وأحسابهم, بخلاف الحفنة التي تسمي نفسها بالمعارضة الأردنية في الخارج, والتي لم يسبق لأحد أن سمع بأفرادها, قبل أن تتبناهم الحركة الصهيونية, وقبل أن يتبرأ من بعضهم الأشد قربى لهم.

 
هذا الفارق في التاريخ الشخصي, وفي النسب بين رجال المعارضة الوطنية, التي كان ينتمي إليها شاهر أبو شحوت وزملاؤه, وبين أدعياء المعارضة في هذا الزمن الرديء, كان لابد له أن ينعكس في مواقف وممارسات هؤلاء وأولئك, ففي الوقت الذي يقبل فيه أدعياء المعارضة في هذا الزمن الرديء, أن يرتموا في أحضان الصهاينة, ويتحولوا إلى مجرد أداة بأيديهم, وقناعاً لمخططاتهم, كما فعل الذين شاركوا في ما سمي بمؤتمر «الخيار الأردني».
 
وفي الوقت الذي يقبل به أدعياء المعارضة أن يلعبوا دور الجسر, الذي تمر عبره مفاهيم الاستعمار الثقافي والقيمي, كما يفعل لقطاء التمويل الأجنبي, والمتكسبون من برامجه, فإن شاهر أبو شحوت وزملاءه, رفضوا مجرد مد أيديهم ليس للصهاينة بل لبعض بني جلدتهم, ورفاقهم الحزبين, عندما أراد هؤلاء الإساءة لوطنهم الأردن, وهو ما يوثقه المرحوم شاهر في مذكراته التي لم تنشر بعد عندما يقول «ذهبت أنا وشوكت»يقصد شوكت السبول عضو اللجنة التأسيسية لحركة الضباط الأردنيين الأحرار»بصحبة عبد الرزاق الدردري إلى فندق بالاس فوجدنا مندوب القيادة العسكرية السورية ينتظرنا بغرفته. وقدم إلينا نفسه « الملازم عبد الكريم النحلاوي المرافق العسكري لرئيس الأركان اللواء شوكت شقير, وبعد أن استقر بنا الجلوس. قال النحلاوي: « القيادة تسلم عليكم وتطلب منكم تنفيذ أمرين للتأكد من قدرتكم وجدية موقفكم:
أولاً: أن تقومو بحركة اغتيالات للضباط البريطانيين ولعملاء بريطانيا في الحكم الأردني.
ثانياً: أن تقوموا بتدمير عدد من طائرات سلاح الجو البريطاني في مطار عمان.
 
ذهلنا من المفاجأة, وقلنا كلاماً كثيراً بصدد هذه المطالب, وكان شوكت متفقاً معي بالرأي, بأننا لسنا عصابة للقتل والتخريب, وإنما حركة وطنية نتحاور معكم بهذه الصفة, وإلا فهذا فراق بيننا وبينكم, إرجع إلى جماعتك وبلغهم بهذا الكلام. وطبعاً عقدنا اجتماعاً للهيئة التأسيسية وبلغناهم بالموقف السوري فقالوا لن نيأس وسنستمر وسننتظر موقف الملك.»
 
هذا النص من مذكرات أبو شحوت يؤشر إلى أمرين مهمين أولهما: أن المعارضة الوطنية ترفض أن تكون أداة بيد الخارج, حتى لو كان هذا الخارج شريكاً بالدم والجغرافيا والعقيدة الحزبية كما هو حال سوريا والأردن, وهذا ما فعله شاهر أبو شحوت وزملاؤه, عندما رفضوا رغم انتمائهم الحزبي العرض السوري في سوريا, فأين هذا الموقف الوطني النبيل, من مواقف الكثير من الأحزاب هذه الأيام التي تعمل على الأرض الأردنية, وفق أجندات وأولويات غير أردنية, إسلامية كانت هذه الأحزاب, أم قومية؟.
 
تلك واحدة أما الثانية التي يؤشر إليها هذا النص من مذكرات شاهر أبو شحوت, التي كتب فيها قصة حركة الضباط الأردنيين الأحرار فهي أن هذه الحركة لم تكن تآمرية إنقلابية, لكنها كانت حركة وطنية على علاقة طيبة بملك البلاد الراحل العظيم الحسين بن طلال بخلاف ما هو راسخ في أذهان الكثيرين, ممن لم يقرأوا الأحداث والتاريخ من مصادره الحقيقية. مما يجعلنا نعيد التأكيد على أهمية كتابة التاريخ الحقيقي للأردن والأردنيين.
Bilal.tall@yahoo.com