Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Feb-2017

حتى لا يكون الفهم ملتبسا - النائب خالد بكار
 
الغد- تداخلت الأحداث خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، وانشغلت السلطتان التنفيذية والتشريعية بجدال يفرضه الدستور، بدءا من مناقشة بيان الحكومة الوزاري، والذي حازت الحكومة الثقة على أساسه، وليس انتهاء بالتصويت على مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2017، وليستمر الاشتباك بين السلطتين عبر جلسات الدورة العادية الأولى من عمر مجلس النواب الحالي تشريعا ورقابة.
وحتى لا يلتبس الفهم على الرأي العام، فالاشتباك بين السلطتين هو اشتباك ايجابي بالمحصلة، وظاهرة صحية، وهو بالأساس عمل سياسي بامتياز، فالحكومة تنحاز لبرامجها، ومجلس النواب ينحاز لضغط القواعد الشعبية التي تطالبه بالدفاع عن المصالح الشعبية بمختلف مستوياتها.
ولا يمكن بحال من الأحوال أن نفسر تبادل التصريحات بين رؤساء السلطتين؛ على سبيل المثال، بانه بالضرورة إعلان خصومة بين السلطتين، فلكل مؤسسة دستورية برامج وأهداف تسعى لتحقيقها، ومن دون ذلك نكون قد عبثنا بالمقدس الوطني وهو الدستور، والتعامل بمسؤولية مع بنوده ومواده.
هذه المقدمة هي توطئة للحديث بصراحة عن جوهر عمل السلطات وعدم تغول احداها على الأخرى، فمقابل الولاية العامة للسلطة التنفيذية، هناك توازن دستوري ينص على مبدأ الرقابة على أعمال الحكومة من قبل السلطة التشريعية، وهذا التوازن المقصود مطلوب منه أن يحقق التكامل في الأدوار وليس التعارض في الأهداف والمسارات.
وعلى أي حال فالجدل الحاصل اليوم داخل أروقة البرلمان عن خطة الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنت الحكومة عنها من خلال مشروع قانون الموازنة، يجب أن تظل مثار نقاش بين السلطتين، وذلك ليس من منطلق المساس بالولاية العامة للحكومة، لكن من منطلق تحصين الطبقتين الوسطى والفقيرة من المساس بحدود الكرامة المعيشية والقدرات الاقتصادية.
وهنا لا بد من ترك مساحة كافية لمجلس النواب ليمارس دوره في مراجعة الخطط الحكومية وتقييمها، وذلك لتحقيق الأهداف التالية: أولا: ممارسة دورة التشريعي والرقابي، وثانيا: القدرة على استعادة الثقة الشعبية بدور المؤسسة البرلمانية، وثالثا: استيعاب احتقان الشارع، عند لحظة التعبير عن مواقفه، ورابعا: نقل الحوار من الساحات المفتوحة إلى المجالس المغلقة التي نستطيع من خلالها تبادل الأفكار بهدوء وبعيدا عن التشنجات.
وبتقدير مبدئي فإن المساحات التي يمكن للسلطات الدستورية أن تمارس أعمالها فيها، وتناور في اثبات جدوى العمل السياسي داخلها، كلها مساحات على النظام ومركز القرار أن يستفيد منها، لا بل أن تصب لصالحه عبر توسيع قاعدة اللقاء على الأهداف، وتعظيم مبدأ المشتركات، وكل ذلك تحت عنوان وطني جامع وهو مواجهة التحديات الإقليمية من حولنا، والتحديات الاقتصادية على المستوى المحلي.
وأمام ما سبق؛ فالتحديات أكبر من حجم قدرة أي سلطة منفردة للتعامل معها، فإن كانت الأوضاع الاقتصادية هي نتاج لتقصير متراكم أوصلنا لهذا الحجم من العجز في الموازنة، وهذا التضخم الخطير في المديونية العامة، فإن المطلوب منا جميعا تجاوز الأزمة، وليس الدخول في حلقة مفرغة من التلاوم وتبادل تحميل المسؤولية.
فالتشاركية هي أولى الخطوات للوصول للتهدئة التي تساعدنا على تجاوز أزماتنا، فالمشكلة العامة تعني لنا بأننا كأردنيين معنيون بتحمل المسؤوليات الوطنية، ووضع لائحة من الحلول المناسبة، وفق أولويات محددة.
لكن علينا ان ندرك جميعا ان لا سبيل لبناء الثقة على مداميك صلبة من المصداقية بغير جهود حقيقية في مكافحة الفساد ومحاسبة من تغول على المال العام، وصادر من الاردنيين حقهم من إيرادات الضرائب التي يدفعونها، لتعود لهم على شكل  خدمات وبنى تحتية تليق بمواطننا الذي سجل أعلى درجات الوعي والانتماء خلال أحلك الظروف وأصعبها. وبعد استعادة الثقة سيتقبل المواطن تجرع قرارات صعبة لكن فيها الحل الأخير لجملة ما نعانيه اليوم من إنكار للازمات ومماطلة في التعامل معها وتسويف في وضع حد لمهزلة غياب الجدية والاخلاص والمسؤولية في التعامل مع فقر المبادرات الخلاقة والناجزة والعابرة بنا إلى حدود الأمان المستدام.
لكن للحق، فإننا نواجه تحديات جساما. فبعد ضياع العمق العربي، عراق مفتت وسورية التي آلت إلى مستقبل مبني للمجهول، وفلسطين محتلة الى امد غير معلوم، ومعرضة لفقدان حق المصير والحياة، ويمن غير سعيد، وليبيا التي لم نعد نعرفها، فاي عمق عربي لنا، حتى نركن للأمل بالظل والسند؟!.
وعليه فإما ان نكون وطنا راسخا بالاعتماد على الذات، ومحصنا بأسوار جيشنا العربي واجهزتنا الأمنية، وإما ان نلحق بأمة الخراب، فنكون عرضة لنهش الفوضى والانقسام والتفتيت. فما عادت الوحدة الوطنية شعارا، بل هي حاجة حياتية تتطلب تطبيقا عمليا، وما عادت مكافحة خطاب الكراهية؛ ترفا، بل صارت لزاما على كل فرد منا.
من اجل كل ذلك، فإما ان نمضي؛ مؤسسات وأفراد الى بر الأمان بوحدة الحال والوجع والهدف، واما ان نتنصل من مسؤولياتنا، وبذلك نكون قد وصلنا الى مراتب الخيانة وقلة الأمانة.
فإلى وطن محصن من كل خطر علينا ان نمضي، فالوطن هو نظام سياسي راسخ ومؤسسات فاعلة، وأفراد منتمون، وجبهة وطنية واحدة موحدة، وبهذا نحيا ونكون؛ وبهذا فقط.