Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-May-2017

سر « دبي» - بلال حسن التل
 
الراي - يكثر الحديث هذه الأيام عن دبي ، وهو حديث متنوع بتنوع الشرائح التي تتحدث عن دبي وما حققته،بعد أن صارت دبي واحدة من أكثر المدن في العالم جذباً للناس الذين يقصدونها لأسباب متعددة. فبعد أن كانت دبي حتى الماضي القريب نقطة جذب للباحثين عن العمل، صارت اليوم نقطة جذب للمستثمرين وللمتسوقين، وللسياح، وللباحثين عن الفكر والثقافة، فما هو سر ما وصلت إليه دبي من تميزٌ يشهد له الجميع، اخذين بعين الاعتبار أن دبي ليست دولة كبيرة من حيث عدد السكان؟ أي أن عدد السكان ليس هو العنصر الحاسم في نهضة دبي وحضورها الحاد في المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها.
 
هل هي المساحة الواسعة؟ والجواب بالتأكيد « لا « فدبي ليست شاسعة المساحات، ففي منطقتنا وفي العالم دول أوسع مساحة من دبي، لكنها لم تحقق ولو النزر اليسير مما حققته دبي.
 
هل هو العمر الزمني لإمارة دبي؟ والجواب أيضاً « لا» فهناك دولا كثيرة أيضاً في منطقتنا وفي العالم أطول عمراً كدول معاصرة من عمر إمارة دبي، ولكنها أيضاً لم تحقق ما حققته دبي الإمارة الفتية من إنجازات مشهود لها في مختلف المجالات.
 
هل هو المال؟ والجواب: صحيح أن دبي ثرية، ولكن في المنطقة وفي العالم أيضاً دول لديها ثروات تفوق كثيراً مالدى دبي من ثروات مالية، لكنها لم تنجز ما أنجزته دبي اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وإدارياً. اخذين بعين الاعتبار أن دبي تمكنت من تنويع مصادر ثروتها ولم تبق اعتمادها على النفط وحده وهذه واحدة تسجل لها.
 
ان ما حققته إمارة دبي يتلخص في فن القيادة ودورها، فلا يحتاج المراقب إلى كبير عناء حتى يكتشف، أن ما حققته وتحققه دبي هو بفضل العقلية التي تقود هذه الإمارة العربية، التي صارت نموذجاً يشار إليه بالبنان، ومن الواضح أنها قيادة لديها رؤية واضحة. والرؤية عنصر حاسم في نجاح الأفراد والجماعات والدول. وقد امتلكت قيادة دبي هذا العنصر ولكنها لم تكتف بذلك، بل حولت الرؤية إلى حلم سعت إلى تحقيقه، ومن المعروف أن التحولات الكبرى سواء على صعيد الأفراد أو الجماعات تبدأ بالحلم، الذي ينجح أصحابه بتحويله إلى مشروع،كما فعلت دبي التي تشير القرائن إلى أنها لم تكتف أيضاً بامتلاك المشروع، بل سعت إلى تحقيقه على أرض الواقع، فصار منتجاً يلمسه الناس على امتداد العالم كله، ويقصدونه للاستفادة منه بدليل حجم الاستثمارات المتزايدة في الأسواق الاستثمارية بدبي.
 
ولكن كيف تمكنت قيادة دبي من تحويل الرؤية والحلم إلى مشروع؟ وكيف تمكنت من تحويل المشروع إلى واقع يعيشه الناس؟ الجواب على ذلك يصل إليه المراقب المتابع من خلال رصده لحركة قيادة دبي، وقراءة تصريحاتها وماتكتبه، ليكتشف أن هذه القيادة تشعر أن لديها مهمة تتمثل ببناء دولتها وفق أرقى معايير بناء الدول بهدف إسعاد شعبها.
 
هذا الشعور بالمهمة اقترن بالطموح الذي طالما عبر عنه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي بقوله لماذا لا أكون الأول؟ وهو طموح مشروع أخذ طريقه إلى التحقيق من خلال العمل الدؤوب، الذي تحفزه همة عالية، امتلكتها قيادة دبي التي استطاعت أن تمتلك المثلث الذهبي للنجاح المتمثل»بالمهمة والهم والهمة»، أي الإحساس «بالمهمة» التي تصبح «هم» صاحبها فتستغرقه فيشحذ «همته» لتحقيقها.
 
غير إحساس قيادة دبي بأن لديها مهمة وطموحاً، حولتهما إلى مشاريع وخطط عمل، فقد امتلكت سراً آخر من أسرار النجاح،هو حسن الإدارة، ومن ثم نجاح هذه الإدارة في حسن توظيف الإمكانيات المادية والطاقات والموارد البشرية لديها. ولعل هذا ما يفسر لنا لماذا حققت دبي من الإنجازات مالم تستطيع أن تحققه دول أكثر من دبي مالاً وسكاناً.
 
ومثلما نجحت الإدارة في دبي في توظيف الإمكانيات والطاقات، فقد نجحت أيضاً وكما تدل المؤشرات والنتائج في اتخاذ القرارات المدروسة التي تقود إلى النتائج المطلوبة.
 
ليس كل ما أسلفنا هو وحده سر نجاح دبي، فهناك أسباب جوهرية أخرى منها أن دبي تحترم القانون، صارمة في تطبيقه، وهذه فوق أنها من أسباب النجاح، فإنها من علامات الحضارة والمدنية، ولأن دبي تحترم القانون، كان من الطبيعي أن تطبق مبدأ المحاسبة والمساءلة، وقد رأينا عبر وسائل الإعلام المختلفة، كيف تمارس قيادة دبي هذا المبدأ، من خلال الجولات الميدانية المفاجئة للإطلاع على حقائق الأمور، كما هي دون حاجة إلى وسيط. أي أن مبدأ المحاسبة والمساءلة في دبي مرتبط بمبدأ آخر من مبادىء النجاح وهو المتابعة الحثيثة لكل شيء، وهو بالضبط ما تفعله قيادة دبي.
 
خلاصة الأمر في قصة دبي، أنها تجربة عربية سعت إلى النجاح والتميز، فبحثت عن أسرارهما، ومن ثم أخذت بأسبابهما، فكان هذا النجاح الذي جعل من دبي مقصداً لمختلف الشرائح ومختلف الجنسيات، فحق لها أن تعتز بما أنجزت، وحق لنا أن نعتز بهذه التجربة العربية التي تؤكد أن أبناء هذه الأمة قادرون على تحقيق الحلم، إذا توفرت لهم الظروف والقيادة صاحبة الرؤية والمشروع.
 
Bilal.tall@yahoo.com