Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jul-2017

منوّر.. شاب الشباب ! - ناديا هاشم العالول
 
الراي - عملت أخيراَ «شير: على الفيسبوك لصورة عامل نظافة اثناء قيامه بعمله، سائلا ملتقِط الصورة: ترى هل سيحصد «لايكات « وتعليقات «منوّر» عند نشر صورته على صفحات الفيسبوك ؟
 
ولا عجب فقد تلقى عددا كبيرا من «التنويرات» و»اللايكات» وتعليقات إعجاب لا أول لها ولا آخر لوجوده ووجود شباب شرفاء ينظفون الوطن، ولولاهم لغرقنا بقمامتنا.. الخ ، من التعليقات الداعمة للقلب والعقل والوجدان مما يؤكد على ان الدنيا بخير لكوننا نقدّر الجهود التي تُبذَل من أجل الوطن والمواطنين وبخاصة من جنود مجهولين كعمّال النظافة..
 
دبّتْ الحماسة بالكثيرين وعملوا ايضا «شير» على الصورة لتتفرّع حتى باتت بحوزة الكثيرين..
 
وهذا شجعني لأسرد على القراء تجربة شخصية قمت بها منذ عامين تقريبا ، عندما حفّزْتُ مجموعة من سيدات الحي للقيام بتنظيف شارع جانبي هادىء بحيّنا بدابوق والذي عانى الأمرّين ، بسبب تراكم مخلّفات البناء التي اجتهد المقاولون بإلقائها فيه خفية وبغفلة عن عيون الساكنين وتحت جنح الظلام، تبِعَتْهم جموع شبابية تتسامر ليلا ملقية بعلب البيبسي والسفن اب وكرتونات العصير وأكياس الشيبس بكل مكان، لتتبعهن عاملات وافدات يلقين بقمامة المنازل مختصرات عناء قطع المسافة بين المنزل والحاوية عبرسلسلة مؤذية من الممارسات، عصفت بصفاء أجواء هذا الشارع الرائق الراقي الذي طالما تراكض فيه الأطفال بدراجاتهم فرحين مرحين..
 
فسارعتُ بالتنادي على سيدات الحيّ لأنقاذ مما يمكن انقاذه لإنعاش عنصر المبالاة بالنفوس بعد ان اجتهدتُ بنفسي بتعليق بعض السلال المزوّدة بيافطات تحمل شعارات كالتالي: النظافة من الإيمان.. إماطة الأذى عن الطريق صدقة.. وطن نظيف من مواطن نظيف.. وهكذا.. موزّعة إياها بالطريق المسدود وما حول الطريق..
 
وفعلا استجاب الكثيرون فصرنا نشاهد السلال تمتلىء بالقمامة، وعلى الأرض بمحيط السلّة فقط بحالة إمتلائها وعدم وجود متسع للمزيد’ مما يبشّر بالخير،
 
وصرت اغتنم فرصة مرورعامل النظافة لاحثّه على تفريغها مشجعة اياه بكلمة طيبة وبِ «عيديّة «أطيب..
 
وحتى أمانة عمان مشكورة قامت بتجريف الشارع من القمامة العالقة بجوانبه بين الأعشاب الجافة ومخلفات البناء، بعد نشر صورنا ونحن نعزّل الشارع من بقايا المخلّفات..
 
وهكذا غدا الشارع نظيفا ظريفا..
 
ومما أحيا الأمل بنفوسنا اكثر هو احتذاء هذا النموذج من قِبَل البعض الآخر بالعاصمة عمان.. حيث اخذ بعض الافراد على عاتقهم تنظيف شوارعهم مقلّدين بذلك النموذج الأفضل..
 
وحدث انني سافرت بعدها فانقطعت عن متابعة الموضوع، لأجد عند عودتي بأن «حليمة رجعت لعادتها القديمة « فالقمامة قد عادت بعد ان اختفت السلال واليافطات بقدرة قادر.. وعادت مخلفات البناء والمنازل للتراكُمِ مرة ثانية وثالثة ورابعة منعشة بذلك كل عناصر الإهمال واللامبالاة بالنفوس..
 
والحديث يتشعب ويطول..
 
ويبرق الأمل مرة اخرى بقراءتي كل كلمات الإعجاب والتصفيق ورفْع القبعات لصورة عامل النظافة على الفيسبوك مما شجعني لأن ابعث برسالة اخرى للجمهور المشارِك فكتبتُ التالي حرفيا: يا جماعة.. من فضلكم.. هل من الممكن ان اتجرأ بطلب بسيط.. «من نفسي اولا».. ومن كل واحد وواحدة منكم ومنكن..القيام بتنظيف المساحة المحيطة بسكنه وسكنها..فقط مسافة متريْن من اليسار ومترين من اليمين ومترين من الأمام شاملين بذلك رقعة من الرصيف وأخرى من الشارع..ولا خجل من هذا على الإطلاق فالنظافة من الايمان والحمدلله لا ينقصنا الإيمان!
 
فلنعزّز ايماننا مترجمينه فعليا ، ولنتذكّر اليابان بكل تطورّها، فكل مواطن هنالك ينظّف حول بيته، بينما تأتي سيارة القمامة لرفع الأكياس المملوءة فقط..كما ان مدير المدرسة والأستاذ والطالب باليابان كلٌ ينظف مدرسته..
 
فلا يكفي رفع القبعات وارسال اللايكات لعامل النظافة فيد واحدة لا تصفق!
 
وللأسف القلة القليلة هي التي أثنت على هذا الإقتراح إضافة الى تعليق واحد جاء يقطر الما
 
.. خلاصته ان القانون الرادع باليابان يساعد على تغيير السلوك للأفضل ، لافتا النظر الى طريقة صعود ونزول طلاب جامعاتنا من الحافلات متزاحمين متجاوزين كل الحدود والحقوق بالصعود والنزول..
 
وماذا بعد ؟
 
سؤال نطرحه على كل واحد منا يكتب لغيره «منوّر» ويستقبل «منّور» على صفحة الفيسبوك..
 
ترى هل هو فعلا «منوّر» من الداخل كما هو منور من الخارج ؟اكيد البعض يستحق بان يوصف ب « منور».. ولكن كيف نفسّر اكوام القمامة المتراكمة بالزوايا والقمامة المتطايرة من المركبات العابرة ؟
 
هل ما زالت هذه الفئة تصر بانها تستحق لقب وصِفَة منور.. ربما.. مضيفين بأنها قد تكون منوّرة من الخارج..لكنها معتمة من الداخل
 
فالتنوير.. الحقيقي يأتي من الداخل.. ومن عقل مستنير.. يميّز بين الغث والسمين..والا سنكون كمن ينطبق عليه المثل: جاجة حفرت على راسها عفرَت..
 
لان نفاياتنا بالنهاية ستصل نتائجها الوخيمة الى عقر دارنا !
 
hashem.nadia@gmail