Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jun-2018

ما هو الحل؟! - محمد كعوش

الراي -  لا ادري من اين ابدأ ، وماذا اقول ، ولا من اين تأتي الحلول ، لأن الأردن يقف امام خيارين احلاهما مر ، فاذا تمسكت الحكومة بقراراتها التي تسميها اصلاحية واستجابت لشروط صندوق النقد الدولي كاملة ستحدث ازمة اجتماعية على امتداد المملكة ، نعرف كيف بدأت ولكننا لا نعرف بالضبط اين وكيف ومتى تنتهي ، واذا رضخت الحكومة امام الضغط الشعبي ستواجه مشكلة مع الصندوق الدولي تقود الى تعقيدات اقتصادية اجتماعية خانقة ايضا ، خصوصا ان تطورات الموقف توحي بأن الأشقاء المقتدرين اداروا لنا ظهورهم في اصعب الأوقات تحت حجج ومبررات مفتعلة وغير مقنعة.

في خضم هذه الأزمة يتساءل المواطنون ، بدافع من ذكائهم الفطري ، حول الهدف من فرض الحصار الأقتصادي بالتزامن مع وقف المساعدات والهبات من الاشقاء ، أي لماذا الآن وفي هذا الوقت بالذات ، جر الأردن الى هذه الأزمة الداخلية الضاغطة ، حيث المنطقة كلها تقف على مفترق طرق تتعلق بمصير دولها وشعوبها ، وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية ، وما هي الاستحقاقات السياسية التي يطلبون من الأردن دفعها مقابل استئناف الهبات والمساعدات والقروض المالية ، واخراجه من الأزمة ؟!
الأسئلة والمخاوف مشروعة ، لأن السؤال يقود الى الشك ، والشك يقود الى اليقين ، وانا اعتقد، وقد اكون
على خطأ أو صواب ، بان هذه الاحتجاجات الشعبية الواسعة المتواصلة ، والتي تضم لأول مرة اصحاب العمل
والعمال والموظفين ، لها اسبابها الاقتصادية الاجتماعية المحلية ،كما لها مخاوفها السياسية ايضا ، وهي
بمثابة الرد الوقائي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي معا ، وخصوصا ما يتعلق بالمشروع الأميركي–
الاسرائيلي الجديد ( الصفقة الكبرى ) وهو المشروع الذي يستهدف فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر.
اعتقد أن التوقيت تقرر من جانب صندوق النقد الدولي ، وعلى سيرة هذا الصندوق عدت لقراءة كتاب
الأميركي جون بيركنز « اعترافات قاتل اقتصادي « كي اعيد الى الذاكرة كيف يخططون لاغتيال الدول
وارتهانها ومصادرة قراراتها السيادية ، عبر تدخل البنك الدولي وصندوق النقد ، واعتقد ان سوريا كانت
ضحية مشروع سياسي يتعلق بقرار انهاء الصراع العربي الاسرائيلي اضافة الى مشروع اقتصادي استهدفها
لأنها كانت من الدول القليلة جدا المكتفية ذاتيا وغير مقترضة او خاضعة لقرارات صندوق النقد الدولي.
بهذه المناسبة أرى انه من الضروري أن اعود الى التاريخ من أجل فهم الحاضر ، وتاريخ صندوق النقد الدولي
يقول أنه تأسس في نهاية الحرب العالمية الثانية باجتماع عقد في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير عام
1944بحضور مندوبي 44دولة ، حيث تم انشاء مؤسستين هما صندوق النقد والبنك الدولي ، لتنظيم العلاقات الاقتصادية والنظام النقدي الدولي ومراقبة السياسات الاقتصادية واقراض الدول الأعضاء التي تواجه مشكلات في ميزان مدفوعاتها ، ويدير هذا الصندوق مجلسا تنفيذيا يشرف عليه مجلس محافظين ، وهنا نشير الى سطوة وهيمنة الولايات المتحدة على الصندوق ، فهي التي تمنح وهي التي تمنع القروض عن الدول ، لأنها تملك حق استخدام الفيتو.
من خلال هذه الهيمنة تسعى واشنطن إلى اغراق دول العالم النامي بالديون وقتل معظمها اقتصاديا ،
وبالتالي فرض سياستها الرأسمالية على الأسواق العالمية لفرض السوق الحرة ، وخصخصة قطاع الخدمات
والتعليم والطاقة ، وتفكيك الأنظمة الانتاجية ، كل ذلك يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض القدرة
الشرائية للمواطن ، يتحقق ذلك بلا قيود من الدول المقترضة التي ترضخ لهذه الشروط.
واذا عدنا الى المسيرات الاحتجاجية الشعبية في عمان والمحافظات ، نرى ان هذه الجماهير رافضة قبول
الحكومة لمفاهيم صندوق النقد ، وهي المفاهيم التي تعرضت لانتقادات كثيرة من من كتاب وخبراء وعلماء
اقتصاد.
في الشارع الآردني وميادينه صيحة رفض لهذه المفاهيم والشروط ودعوة للتصدي لها ، لأنها تتعامل
بالارقام وتتجاهل متعمّدة النتائج الأجتماعية الكارثية لبرنامجها «الاصلاحي» خصوصا على الطبقتين
الوسطى والفقيرة. ولكن من الواجب الانتباه ايضا الى وسائل التعبير الرافضة لتعديلات قانون الضريبة
حسب شروط صندوق النقد ، فهذا حق دستوري للمواطن ، بالمقابل يجب ان تبقى مسيرات احتجاجية
سلمية عقلانية حضارية ، كما هي الآن ، لا تخرج عن السيطرة ، ولا يتم خلالها الاعتداء على المؤسسات
الرسمية ولا الأملاك الخاصة.
كذلك يجب البحث عن حلول مقبولة ومعقولة من خلال حوار وطني شامل تشارك فيه القيادات السياسية
والحزبية والنقابية للوصول الى الحل المطلوب ، او التوجه لتشكيل حكومة اقطاب قادرة على معالجة التطورات بشكل يحفظ حقوق المواطن وسلامة الوطن.. واالله من وراء القصد ، وحمى االله الأردن.