Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Feb-2019

الليبراليون والمحافظون في الأردن* حسن البراري

 الغد

في تغريدة مثيرة على تويتر، انتقد رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي ما أسماهم بأدعياء الليبرالية واعتبرهم أقرب إلى المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، والتيار الأخير هو الذي نظر لاحتلال العراق. والحق أن جزءا من “الليبراليين” في الأردن كان إما مؤيدا أو متفهما للغزو الأميركي للعراق. وكنت شخصيا شاهدا على حوارات تسيدها بعض من هؤلاء الليبراليين الذين قالوا حينها إن التغيير لن يأتي إلا من الخارج.
تنميط الأردنيين إلى ليبراليين ومحافظين ينطوي على تضليل مقصود، فالاتجاه الليبرالي بشكل عام اتجاه محترم وله رؤية متماسكة وكذلك التيار المحافظ، ولا يمكن لأحد إلا أن يرى الرؤية المتكاملة والناجحة لحزب المحافظين في بريطانيا مثلا. غير انني أرى أن الأردن يفتقد لوجود تيار ليبرالي حقيقي ووطني، فالليبرالي مثلا لا يمكن له أن يجلس في حكومة عرفية، ولا يمكن له أن يشارك في حكومة قامت بتغييب البرلمان دون أي مبرر دستوري حقيقي. والمفارقة أن أغلب من يقولون بأنهم ليبراليون لم يخوضوا انتخابات واحدة في تاريخهم ولم يشاركوا في مظاهرة واحدة أو اعتصام واحد مع بقية شرائح الشعب التي خرجت في غير مرة احتجاجا على النهج الليبرالي المقيت. فلم يصل ليبرالي واحد إلى موقع تنفيذي بالانتخاب، وكلهم نزلوا بالباراشوت.
والحق أننا بالأردن بحاجة ماسة إلى تيار ديمقراطي وهو ما نفتقده، وانشغلنا بدلا من ذلك في خلافات دونكيشوتية قائمة على التنميط، فالديمقراطية هي الإطار الوحيد الذي يمكن الأردنيين سياسيا واقتصاديا ويخلق فضاء عاما واسعا يتسع للجميع. لكن ما يريدوه “الليبراليون” ليس الديمقراطية الحقيقية لأنهم لا يربحون، كما أنهم ما انفكوا رقصا على حبال واشنطن والمستبدين. وربما لهذا السبب تحدث الكثير من المنظرين عما يمكن تسميته (liberal autocracy) أي الليبرالية المستبدة كشكل من اشكال الحكم غير الديمقراطي الذي يستند إلى أسس الليبرالية الاقتصادية.
الليبراليون – على قلة عددهم – يسعون بكل ما لديهم من قوة ودعم من قبل بعض دوائر اليمين الأميركي إلى صياغة رؤية بديلة للمجتمع لا تأخذ بالحسبان التطور الطبيعي للشعوب، وكل ما يهتمون به لا يتجاوز تحقيق بعض الأهداف حتى لو تحققت بطريقة غير ديمقراطية، وفي سبيل ذلك لا ضير في إشاعة الوهم وبيعه. وأسوق مثالا على ذلك كيف انبرى الليبراليون في ترويج مقولة أن رئيس الوزراء عمر الرزاز جاء بمطلب شعبي. ومن خلال متابعاتي لم اعثر على أي تجمع شعبي رفع يافطة واحدة طالبت بشخص الرزاز، غير أن الليبراليين أصروا على هذه المقولة التي أثارت سخرية الشارع، وما على الليبراليين إلا قضاء خميس واحد على الدوار الرابع ليعرفوا الحقيقة.
بتقديري أن الذي أوصل البلد إلى ما وصلت اليه ليس المحافظون، وكنت أتمنى لو كان بالأردن بالفعل تيار محافظ، فما يتم وصفهم بأنهم محافظون لا يمتلكون الرؤية الاقتصادية أو السياسية للتيار المحافظ المعروف عالميا. وفي الأردن ظهرت حكومات تبنت أسوأ ما في التيارين المحافظ والليبرالي وبالتالي ضاعت الهوية وضاق الفضاء العام إلى أن اتسع الرتق على الراتق. فالنهج المتبع والعابر للحكومات هو الذي فاقم من المشكلة الاقتصادية.
فشل الليبراليين في الأردن ليس مرتبطا بوجود تيار محافظ مسيطر، لكنه مرتبط بفشل البرنامج الليبرالي في الأردن وبخاصة في شقه الاقتصادي والطبيعة المحافظة للغالبية الساحقة من الأردنيين على مختلف مشاربهم وتنوعهم. مشكلة التيار “الليبرالي” في الأردن هي جزء من مشكلة الخطاب الليبرالي في العالم العربي، ففكرة الليبرالية وعلى رأي أحد أهم منظريها الدكتور عمر حمزاوي سقطت في هوة سحيقة من فقدان مصداقية المتحدثين باسمها. هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن التيار المحافظ هو ديمقراطي بل يشوبه الكثير من الانتقادات وبخاصة المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة.