Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Dec-2016

الأمير خالد الفيصل: انهضوا ولا تسمحوا للاستعمار أن يعود ولا للتقسيمِ أن يسود

 انطلاق فعاليات مؤتمر"فكر15" من أبوظبي

وزير الدولة أنور قرقاش: الوحدةُ خيرٌ من الفرقة وننظرُ بإيجابيّة لمبادرة التكامل
أحمد أبو الغيط: أزمةُ العرب في الفكر والعمل والحلّ بإشراك المُثقّفين
عبد اللطيف الزيّاني: 35 عاماً من التكامل الإقليميَ الناجح
تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، افتتحت مؤسّسة الفكر العربيّ بالشراكة مع الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة، فعاليات مؤتمرها السنويّ "فكر15" تحت عنوان: "التكامل العربيّ: مجلس التعاون ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة"، وذلك لمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة، والذكرى الخامسة والأربعين لقيام دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. وذلك في منتجع سانت ريجيس أبوظبي.
 
رعى حفل الافتتاح سموّ الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيسَ ديوان وليّ عهدِ أبوظبي، وحضره صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسّسة الفكر العربيّ، الأمين العامّ لجامعة الدول العربيّة معالي السيد أحمد أبو الغَيْط، الأمين العامّ لمجلس التعاون لدول الخليج العربيّة معالي الدكتور عبد اللّطيف بن راشد الزيّاني، وزيرِ الدولة للشؤون الخارجيّة في دولة الإمارات العربيّة الدكتور أنور قرقاش، رئيس البرلمان العربيّ أحمد الجروان، مستشار صاحب السموّ رئيس الدولة سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان، الرئيس اللبنانيّ الأسبق أمين الجميّل، الأمين العامّ الأسبق لجامعة الدول العربيّة عمرو موسى، صاحب السموّ الملكيّ الأمير سعود بن محمد العبدالله الفيصل، صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلطان بن خالد الفيصل، ورئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، النائب في البرلمان اللبنانيّ السيدة بهيّة الحريري، النائب جان أوغاسبيان، السفير جمال بيومي، المدير العامّ للمؤسّسة البروفسور هنري العَويط، وأعضاء مجلسَي الأُمناء والإدارة والأعضاء المشاركين في مؤسّسة الفكر العربيّ، ونُخبة من كبار المُفكّرين والمثقّفين والأكاديميّين والدبلوماسيّين وكبار الإعلاميين. 
استهل حفل الافتتاح المدير العام لمؤسّسة الفكر العربي البروفسور هنري العَويط بكلمة أكّد فيها أهمّية أن تعقد المؤسّسة هذه السنة مؤتمرَها "فكر15" على أرضِ دولةِ الإمارات الشقيقة، التي أرسى دعائمها القائدُ الفذّ، والقدوةُ الملهِم، رجلُ الدولةِ والحكمةِ والبصيرةِ الثاقبة والرؤيا، باني نهضتها الحديثة، المغفورُ له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّبَ الله ثراه. وإنّه لمن دواعي اعتزازنا أن يشمَلَ رئيسُ دولة الإمارات العربيّة المتّحدة،  صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ملتقانا الفكريَّ هذا برعايته السامية، سائلين المولى أن يمتّعه بالصحّة والعافية، وأن يُغدقَ على بلادكم الغالية وأهلها الطيّبين فيضَ نِعَم الأمن والتطوّر والازدهار.
وأوضح العَويط أنّ مؤسّسة الفكر العربيّ تبنّت بمبادرةٍ من رئيسها صاحبِ السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل "التكاملَ" هدفاً للعمل العربيّ المشترَك، وبعد مؤتمرها "فكر13" الذي عقدته منذ عامَين في المملكة المغربيّة بعنوان "التكامل العربيّ: حُلم الوحدة وواقعُ التقسيم"، ثمّ بعد مؤتمرها "فكر14" الذي عقدته العامَ الماضي في القاهرة بعنوان "التكامل العربيّ: التحدّيات والآفاق"، تستكمل مؤسّستنا البحثَ في الموضوعِ نفسه من خلال تسليط الضوء على صيغتين تكامليّتين مميَّزتين، تجسّدهما تجربةُ مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة، وتجربةُ دولةِ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدة. إذ لا يقتصر الأمرُ في نظرنا على مجرّد إبرازِ ما تَتّسمُ به هاتان التجربتان من مزايا وما في رصيدهما من إنجازات، ولا إلى استنساخ هذين النموذجين، بل دحضُ المقولة التي تتّهمُ العربَ بأنّهم أمّةٌ عصيّةٌ على التعاون والتعاضد، وإقامةُ الدليل على أنّ التكامل ليس مجرّدَ شعارٍ فحسب، أو حُلُماً مستحيلاً، بل هو واقعٌ متحقّقٌ وملموس. 
 
كلمة راعي المؤتمر ألقاها معالي الدكتور أنور قرقاش وقال فيها: يشرفني ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى الخامسة والأربعين لبناء دولتنا وتأسيس اتّحادنا، أن نفتتح فعاليات مؤتمر مؤسّسة الفكر العربيّ "فكر15"، ناقلاً لجمعكم الكريم تحيّات صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأمنياتهم لكم بطيب الإقامة والتوفيق، وأنتم تبحثون في مسألة ذات أولويّة قصوى لارتباطها الوثيق بمستقبل عالمنا العربيّ، وتعزيز قدرته على حفظ أمنه وضمان استمراره وحماية مُنجزاته والدفاع عن مصالحه وتحقيق الرفاه لشعوبه.
وأكّد أنّ دولة الإمارات تنظر بإيجابيّة عالية إلى هذا المؤتمر الذي تحوّل إلى فعالية ثقافيّة فكريّة عربيّة سنويّة، ومنصّة فريدة لتبادل الأفكار بين نُخبة من صنّاع القرار والمفكّرين والباحثين وممثّلي القطاع الخاصّ والمجتمع الأهلي والمرأة والشباب؛ كما ننظر بتقدير عالٍ جداً للمبادرة التي أطلقها صاحب السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل، بجعل "التكامل العربيّ" موضوعاً محوريّاً لمؤتمرات المؤسّسة وإصداراتها، وهدفاً استراتيجيّاً للثقافة التي تسعى إلى نشرها وترسيخها. وضمن هذا التوجّه، يأتي مؤتمر "فكر15"، الذي تستضيفه عاصمتنا أبوظبي.
وتحدّث معاليه عن جربة الاتّحاد، مشيراً إلى أنّ إعلان قيام دولة الإمارات جاء في الثاني من ديسمبر1971، ومثّل حدثاً تاريخياً، ونقطةً فارقة، ونقلةً حضارية، عارضاً نتائج التجربة على المستويات كافة. وأوضح أنّه على المستوى المحلي، مثّل إنشاء دولة الاتّحاد، إنهاءً لحالة الانقسام والفرقة. أمّا على المستوى الخليجيّ، فأكّد أنّ إنشاء الدولة أدّى إلى سدّ الفراغ الذي تركه الانسحاب البريطانيّ من منطقة الخليج العربيّ في أواخر عام 1971، وقطع الطريق على بعض القوى التي كانت تستعدّ وتعمل على ملء هذا الفراغ والتمدّد فيه وتحقيق أطماعها. ورأى أنه خلافاً للتقديرات التي أشارت إلى استحالة تكوين هذا الاتّحاد، واستناداً إلى التجارب السابقة من ناحية، وتعقيدات الوضع الاقليميّ الذي ساد المنطقة من ناحية أخرى، حفّز نجاح التجربة دُول الخليج العربيّ لتأسيس مجلس التعاون الخليجيّ الذي انطلق من أبوظبي.
وأكّد معاليه أنّ التجربة قدّمت نموذجاً مُلهماً للوطن العربيّ في الوحدة والتنمية. وعلى المستوى العالمي، أشار إلى أنّ إنشاء دولة اتّحاد الإمارات حفظ الأمن والاستقرار، وأنّ دولة الوحدة أثبت أنّها إضافة مهمّة إلى عوامل الاستقرار والسلام والتعايش، ومع نجاحها التنمويّ أسّست حضوراً اقتصاديّاً مهمّاً.
وعرض معاليه ستّ ملاحظات حول الحدث التاريخيّ لإنشاء دولة الإمارات، الأولى تتعلّق بإنجاح فكرة الوحدة وهي تمثّلت في الحاجة إلى قيادات سياسيّة خلاقة وقادة رأي مؤثّرين، ومؤمنين بجدوى الوحدة وأهمّيتها ومنافعها، من أمثال الشيخ زايد، الذي كان القائد المناسب في المكان والتوقيت المناسبين. أمّا الملاحظة الثانية فترى أنّ الوحدة ليست بناءً فوقياً، وأن إرادة الشعب ورغبته وتأييده هي العنصر الفاعل والقوّة الدافعة لأيّ مشروع تكامليّ وحدويّ. والملاحظة الثالثة ترى أن الإيمان بالوحدة عمليّة مُتدرّجة في تطوّرها، وعلى الرغم من أن الفكرة كانت تسيطر على فكر المغفور له الشيخ زايد منذ اليوم الأوّل لتسلّمه حُكم إمارة أبوظبي، إلّا أنّه اتّخذ من التأنّي والتّمهّل منهجاً للتحوّل بها إلى واقع. أمّا الملاحظة الرابعة فتتعلّق بنجاح التجربة الإماراتيّة التي أثبت أن فشل التجارب التكامليّة الوحدويّة العربيّة ليس قدراً محتوماً. وتتمثّل الملاحظة الخامسة بعدم التراجع أمام العثرات مهما كانت شدّتها، فقد استمرّ العمل من أجل اتّحاد دولة الإمارات سنوات طويلة، تخلّلتها خلافات ومشكلات وانتكاسات، لكنّها لم توقف العمل من أجل بلوغ الهدف النهائي. أمّا الملاحظة السادسة والأخيرة فتؤكّد أنّ الوحدة لا تقوم على العواطف والشعارات فقط، وإنّما هي عمل جادّ ومستمر ومشروع عمل واقعيّ، من أجل تحويل الإمكانات والمقوّمات إلى واقع يشعر المواطن في ظلّه بالعزّة والكرامة.
وأكّد معاليه أنّ دولة الإمارات ذات البيت المتوحّد، تؤمن، ومن واقع التجربة، أنّ الوحدة خير من الفرقة، وأن ما يتوفّر لنا كعرب من أسباب التعاون والتضامن والتكامل لا يتوافر في العديد من التكتّلات الإقليميّة الأخرى، وتجربة دولة الإمارات دليلٌ حيّ على فرص النجاح متى توفّرت الرؤية الطموحة والقيادة المخلصة والعمل الجادّ.
 
وأشاد الأمين العامّ لمجلس التعاون لدول الخليج العربيّة الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزيّاني بالقيادة الحكيمة في تنظيم هذا المؤتمر المُهمّ مضموناً وتوقيتاً، وبالجهود المتواصلّة التي تبذلها المؤسّسة لنشر ثقافة التكامل وتعزيزها في الإطار العربيّ. وأشار إلى أنّ المؤتمر يُسلّط الضوء على نموذجين مُشرّفين في مسيرة التكامل العربيّ يتمثّلان في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربيّة. ورأى أنّها خُطوة رائدة وحكيمة تُعبّر عن حرص واهتمام المؤسّسة بمستقبل الأمّة العربيّة وتطلّعات شعوبها للحريّة والكرامة في ظلّ ما يشهده عدد من الدول العربيّة من صراعات وتفكّك وإضعاف لبُنيّة الدولة الوطنيّة فيها.
وتوقّف الزيّاني عند أسباب وعوامل نجاح المسيرة التكامليّة لمجلس التعاون ومقوّمات استمراريّته، مُعتبراً أن لكلّ تجربةٍ تكامليّة خُصوصيتها، وفي حالة مجلس التعاون فإنّ الحاجة إلى هذه المنظومة الإقليميّة فرضتها مُعطيات خاصّة بدول مجلس التعاون، كالترابط الجغرافيّ والتاريخ المشترك والموروث الثقافيّ وتماثل الأنظمة السياسيّة والروابط الاجتماعية الراسخة وغير ذلك من المُعطيات مما مثّل الأرضيّة المُلائمة لتطوير لقاء تعاونيّ وتكامليّ بين ست دول عربيّة في منطقة الخليج العربيّ. وأكّد أنّ هذه المُعطيات الإيجابيّة التقت مع التحدّيات الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي عاشتها دول المنطقة في السبعينيات من القرن الماضي، وشكّلت عوامل دفعت نحو تأسيس مجلس التعاون، الذي يمثّل تجسيداً للقيم المشتركة، التي يعززها الترابط الجغرافيّ المتّصل". وقال الزيّاني بإنه "بعد 35 عاماً من العمل المشترك وبسجلٍ حافل بالإنجازات في جميع المجالات، أصبح مجلس التعاون نموذجاً لتكاملٍ إقليميّ ناجح يبعث الأمل في إمكانيّة تكرار التجربة في مناطق عربيّة أخرى". ورأى أن "عوامل نجاح التجربة الخليجيّة عدّة، يمكن تلخيصها بالإيمان الراسخ لدى القيادات بأهميّة مجلس التعاون، لحماية أمن الدول الأعضاء وترسيخ استقراراها وتحقيق التنمية المُستدامة فيها من أجل رخاء شعوبها"، لافتاً إلى أنه "في المقابل هناك قاعدة شعبيّة مؤازرة للتكامل الخليجيّ، دفعت دائماً لتقوية أركان مجلس التعاون وتسريع وتيرة مسيرته.  
واعتبر الزيّاني أن أحد أهمّ أسباب التكامل الخليجيّ هو منهجيّة النماء والارتقاء التي اتبعها مجلس التعاون منذ انطلاقة مسيرته المباركة، والتي اعتمدت على التدّرج في خُطوات مدروسة نحو بلوغ الأهداف المُحدّدة التي تضمنتها المادة الرابعة من النظام الأساسيّ للمجلس والتي تنصّ على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط في ما بين الدول الأعضاء في الميادين المختلفة وصولاً إلى وحدتها، بالإضافة إلى اتباع النهج الحكيم الذي اختارته دول المجلس من خلال العمل على تكوين القناعات وذلك من خلا أهميّة إعداد الدراسات ومناقشة المُقترحات وتدارس الرؤى والأفكار كافّة وتبنّي ما تمّ التوافق عليه. 
وأوضح أنّه لدينا تجربة مع جامعة الدول العربيّة في إفادتها من تجربة الاتّحاد الجمركيّ الخليجيّ في وضع أسس وخطوات للاتّحاد الجمركيّ العربيّ"، مشدّداً على "أننا وضعنا في مجلس التعاون رؤية طموحة نسخّر فيها ما لدينا من إمكانيّات وإمكانات بشريّة وماديّة، وهي رؤية تتلخّص في توفير بيئة آمنة مستقّرة ومزدهرة ومستدامة لدول مجلس التعاون ومواطنيها من خلال التنسيق والتعاون والتكامل والترابط، وعملنا على تنفيذ استراتيجيّة العمل الخليجيّ المشترك"، ولخّص الزياني الأهداف في ما يلي:  
1- تحصين دول المجلس من التهديدات الأمنيّة الداخليّة والخارجيّة من منطلق أن أمن دول المجلس كلّ لا يتجزأ.
2- زيادة النمو الاقتصادي واستدامته من خلال تنوّيع القاعدة الإنتاجيّة والانتقال إلى الاقتصاد المُرتكز على المعرفة والابتكار.
3- الحفاظ على مستوى عالٍ من التنمية البشريّة انطلاقاً من القناعة الراسخة بأن الانسان هو هدف التنمية ووسيلتها الأساسيّة. ويشمل ذلك رفع مستويات المعيشة والقضاء على البطالة وخلق فرص العمل والاهتمام بالشباب من خلال توفير التعليم المتوافق مع احتياجات التنمية ومتطلّبات اقتصاد المعرفة. 
4- تحسين السلامة العامّة من خلال إقرار استراتيجيّات للتوعية بالمخاطر وإدارة الأزمات والكوارث.
5- تعزيز مكانة مجلس التعاون الإقليميّة والدوليّة من خلال مساندة جهود التنمية في الدول الشقيقة والصديقة ونصرة القضايا العادلة وتقديم الدعم خلال الأزمات الدوليّة. 
 
وألقى السيد أحمد أبو الغيط كلمة أكّد فيها أنّ المؤتمر يجمع بين الاحتفال والاحتفاء من جانب، وتبادل المعرفة وتلاقح الأفكار من جانب آخر، احتفالٌ بدولة الإمارات وعيدها، واحتفاءٌ بتجربة مجلس التعاون الخليجي الرائدة الذي احتضنت هذه المدينة أولى قممه منذ نحو 35 عاماً. وقال الفضل يعود لمؤسّسة الفكر العربي في إدخال هذا التقليد الرائع، فالاحتفال لا يكون بالأهازيج والأناشيد فحسب، وإنما بالفكر وتدارس التجارب وتعميم الخبرات. وإحياء ذكرى مرور 45 عاماً على إنشاء دولة الإمارات، و45 عاماً على انضمامها للجامعة العربية، هي مناسبة يجب أن نتوقّف أمامها بما يليق بها من التأمّل واستلهام العبر والدروس. 
وشدّد أبو الغيط على الحاجة إلى ذلك النموذج الذي تقّدمه دولة الإمارات، بوصفه نموذجاً نادراً في تأسيس الشرعيّة ووحدة الدولة ،على قاعدة راسخة من الإنجاز الذي تعمّ ثماره على المواطنين جميعاً، مبيناً أنّه نموذج لافتٌ في تحقيق الوحدة وفي مرحلة التفكك والتفتت.
ورأى أن البعض يُجادل حول الأزمة التي تعود إلى ظروف نشأة بعض الدّول العربيّة بحدودها المعاصرة التي رُسمت منذ مائة عام، وحملت من ألغام وقنابل موقوتة جاء أوان انفجارها بعد عقود ظلّت فيها مكتومة ومكبوتة، وقد يرى البعض الآخر أنّ الأزمة لصيقةٌ بتكوين الدّولة ذاتها، وبطبيعة العقد الاجتماعي الناظم لعلاقات الحُكم والمجتمع فيها. إنّها موضوعات تحتاج لإعمال الفكر وإطالة الدرس من جانب المثقفين والأكاديميين ورجال البحث الذين أرى أمامي بعضاً من ألمع رموزهم في العالم العربيّ.
وأكّد أبو الغيط أنّ ثمةَ دول تتفكّك ويتمزّق نسيجها، وأخرى يُناضل أبناؤها من أجل الحفاظ على كيانها، وهناك لاجئون بالملايين ونازحون ومشرّدون يقطنون المُخيمات ويعيشون على الكفاف، وثمّة مهاجرون ضاقت أوطانهم عليهم بما رحبت، فألقوا بأنفسهم في البحر، وفيهم النساء والأطفال، غير مبالين بالموت أو التشريد في بلاد غريبة، وكأنهم يهربون من الجحيم الذي يعيشونه ويعرفونه إلى جحيم آخر غير معلوم. مشدّداً على ثلاث أولويّات رآها تقع في القلب من فلسفة التكامل العربيّ، أولها تجديد معنى العروبة، ومواجهة أزمات الوجود، والتكامل العربيّ لتحقيق الصحوة الفكرية.
 
وألقى صاحب السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل كلمة، حيّا فيها دولة الإمارات العربيّة وهنّأها بيوم اتّحادها، وحيّا اتّحاد الإمارات ومجلس التعاون الخليجيّ كأنموذجين ناجحين للتّكامل. ودعا للوقوف إجلالاً وتقديراً لمدينة أبوظبي التي انطلقت منها أعمال مؤتمرنا اليوم.
وقال: يُسعدني أن أتقدّم باسم مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربيّ وجميع منسوبيها بخالص الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة، قيادة وحكومة وشعباً، على احتضانها خمسة من مؤتمرات "فكر" السنويّة، والشكر موصول لكم معاشر الحضور الأفاضل، يا من تداعيتم إلى هذا المؤتمر بفكركم المُستنير، لوضع التكامل العربيّ خُطّة طريقٍ قويمٍ ينهض بأمّتنا العربيّة في هذا الظرف الدقيق.
 لا يُحسد اليوم من يقفُ على منبرِ العروبةِ مُتحدثاً
ولا من يتقدّم صفوف المسلمين مُدافعاً
فلقد ظلمنا الإسلام وشوّهنا صورة المسلمين
 وخذلنا العروبة وهجّرنا العرب لاجئين، 
وكفّر المستشيّخون عُلماءنا
 وسفّه المستغربون خطابنا 
وصمتت الأكثريّة..
هل خشي العلماء الأدعياء؟!
واستسلم الحُكماء للجهلاء؟!
اعذروني إن كانت الصراحة جارحة
فالجروح صارخة..
 
كنت أودّ أن أكون البشير 
ولكن الشرّ مُستطير
فآثرت أن أكون النذير!!
انهضوا أيّها العرب..
واستيقظوا أيّها المسلمون
لا تسمحوا للاستعمار أن يعود
ولا للتقسيم أن يسود
فعّلوا مشروع التكامل البنّاءْ 
واعملوا العقل لا عدمتم الذكاءْ 
واستعينوا بالعلم والصّبر على البلاء 
إلى متى نبقى أسرى مُعادلة عقيمة
إمّا التكفير أو التغريب 
إمّا الأصالة أو المُعاصرة 
إمّا التشدّد أو الانحلال 
لماذا لا نخرج ببديلْ 
مبنيّ على دليلْ 
لماذا لا نطرحُ فكر نهجٍ جديدْ 
بالعالم والعمل والرأي السديدْ 
لنكتب منه للوطن نشيدْ.
 
بعدها سلّم صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل، سموّ الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيسَ ديوان وليّ عهدِ أبوظبي درعاً تقديريّاً لدولة الإمارات العربيّة.
 
ثم عُقدت جلسة حول تجربة دولة الإمارات، قدّم فيها الدكتور أنور قرقاش مداخلة، أكّد فيها أنّ التجربة الاتّحاديّة هي تجربة عربيّة ناجحة، وهي نتاج تراكم خُطوات ومسارات، واجهت تحدّيات ومُفترقات طُرق. ولفت إلى تحدّيات عدّة راهنة تواجّه المنطقة العربيّة، إحدى هذه التحدّيات الأساسيّة هي استعادة العنفوان العربيّ، والإمارات العربيّة المتّحدة بطبيعة الحال هي شريكة مع مجموعة من الدول العربيّة وعلى رأسها السعوديّة ومصر، مشيراً إلى أنّ هناك ضرورة للدفاع عن الفضاء العربيّ، ولا يمكن أن يكون مشاعاً كما هو الآن، ولا بدّ من استعمال هذه الشراكة الكبيرة بين الإمارات العربيّة ودول عربيّة أُخرى.
واعتبر أنّ هناك ربطاً اليوم بين التطرّف والإرهاب، وهذه المعركة تتجاوز حدود الوطن العربيّ، والإمارات تُدرك أنّ الرسالة القوميّة تتجاوز التفتيت الفئويّ. وهذا التوجّه أرساه مؤسّس الاتّحاد الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ويجب أن يكون توجّهاً حديثاً وبلُغةٍ جديدة مختلفة عن تلك التي سادت في الفترات السابقة. فنحن بحاجة في هذه المرحلة إلى المحافظة على الكيان العربيّ المشترك، داعيّاً إلى إعادة الصياغة لهذا المشروع العربيّ.