Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2014

أفغانستان تصوت ضد طالبان * سانجاي كومار

الغد - (ذا دبلومات) ترجمة: عبد الرحمن الحسيني - كانت ست نساء يتجادلن مع حراس الأمن التابعين لمدرسة زارغونا الثانوية في وسط كابول، من أجل السماح لهن بدخول المبنى للإدلاء بأصواتهن. قال الحرس إن الساعة بلغت أصلاً الخامسة مساء، وأنه لم يعد بإمكان النساء الدخول لأن صناديق الاقتراع أغلقت. ومع ذلك، أصرت النسوة على الدخول. وحضر إلى المكان رئيس الحرس وحاول أيضاً الدفع بأن الموعد النهائي المسائي قد مر، لكن النساء قلن إن بضع دقائق هنا وأخرى هناك لا تشكل الكثير من الفرق، وإنهن إذا فاتتهن الفرصة هذه المرة، فإنهن سوف يضطررن للانتظار طويلاً للتصويت، وهو ما لا يردن أن يفعلنه كما قلن. وفي مواجهة تصميمهن، سمح لهن رئيس الحرس بالدخول إلى المدرسة، وقام بإدخالهن إلى آخر فصل دراسي كان فيه صندوق الاقتراع على وشك الإقفال. وأدلت النسوة بأصواتهن، وتركن المدرسة وهن يرفعن أصابعهن المصبوغة بالحبر.

كان هذا هو المزاج في أفغانستان يوم السبت من الأسبوع الماضي، عندما صوت البلد في أول انتقال ديمقراطي للحكومة؛ ولم يسبق لهذا البلد أن شهد هذا النوع من التحمس للتصويت. وطبقاً لتقديرات أولية لمفوضية الانتخابات المستقلة، فقد أدلى 7 ملايين من أصل 12 مليون ناخب مسجل بأصواتهم يوم الخامس من نيسان (أبريل)، ما يعني أن ما يقرب من 60 في المائة من المؤهلين للانتخاب قد حضروا لممارسة حقوقهم الديمقراطية. وكان الإقبال على التصويت ضعف ما كان عليه في الانتخابات التي شهدتها البلاد في العام 2009. كما أنه كان أعلى من أول انتخابات جرت في البلاد في العام 2004 أيضاً.
لكنه لا يمكن قصر الانتخابات على الأعداد وحسب. ويترتب على المرء أن يسبر غور تحمس المقترعين وإثارتهم من أجل تقييم الممارسة الانتخابية في بلد يصنع التاريخ من خلال نقل السلطة بالسبل الديمقراطية، في احتفال لم يسبق لأفغانستان أن حققته أبداً على مدى تاريخها حتى الآن.
تقول طاهرة، وهي واحدة من النساء الست اللواتي كن آخر من أدلى بصوته في انتخابات زارغونا: "لقد كنت حريصة على التصويت في هذه الانتخابات. أنا لا أستطيع حمل السلاح، لكنني أملك صوتي لإلحاق الهزيمة بالقوى التي أحالت حياتنا إلى جحيم وحطت من قدر هذا البلد العظيم لتضعه على هوامش مؤشرات التنمية المجتمعية والاقتصادية كافة".
ومن جهتها، قالت ساجدة (49 عاماً)، بعد الإدلاء بصوتها في وقت متأخر من مساء السبت: "أتعلم، لقد هزني قتل الصحفيات النساء قبل عدة أيام وأزعجني كثيراً. إلى متى سنظل نسمح لطالبان بمعاملة النساء على أنهن أقل من بني البشر. نحن لا نريد أن نشاهد عودة القوى المتطرفة إلى هذا البلد مرة أخرى، أولئك الذين حولونا إلى لاجئين في بلدنا". وتصف ساجدة، المعلمة الممارسة، وهي تذكر الأيام التي عاشتها في ظل نظام طالبان بين الأعوام 1996 و2001 تلك الأيام بأنها كانت "أسوأ كابوس في حياتي".
كان المزاج الراغب في التغيير فريداً من نوعه. وبغض النظر عن مركز الاقتراع الذي قد يتجه المرء إليه، فإن الطابور هناك يتجاوز كل الأرقام القياسية السابقة. وكانت الطوابير قد بدأت تتشكل في الصباح المبكر. وخلال ساعة واحدة من الافتتاح، كانت مراكز الاقتراع تعج بالناس.
هذه هي نفس كابول التي اعتادت قبل وقت ليس بالطويل على مشاهدة نيران الأسلحة الكثيفة التي تطلقها قوات المجاهدين المتنافسة من أجل السيطرة السياسية. كانت المدينة تصنع الآن التاريخ عبر الإدلاء بالأصوات من أجل نقل السلطة بطريقة شرعية.
يقول بلال سارواري، الصحفي في هيئة الإذاعة البريطانية الذي ما يزال يعمل في البلد منذ العام 2001، وهو يرى البلد الذي لا يطل على بحر وهو ينهض من بين رماد الدمار: "يريد الناس في أفغانستان مستقبلاً جديداً لأنفسهم. وهم لا يريدون تكرار ماض دمر جيلين. إن ما يجعلنا نشعر بالفخر راهناً كأفغان، هو أننا وقفنا متحدين في سعينا إلى مصير جديد للبلد. إن هذه الانتخابات تعني الكثير بالنسبة لنا".
بالنسبة لبلال، وهو في الثلاثينيات من العمر، فإنها لحظة مليئة بالعاطفة. وهو يرى بعد 5 نيسان (ابريل) "أملاً جديداً للبلد". وبالنسبة لشخص أمضى أيام شبابه لاجئاً في باكستان، فإنه لا يريد تكرار المصير نفسه مع الجيل الجديد في البلد.
ويقول هذا الصحفي الذي جال في طول البلاد وعرضها في الأعوام العشرة الماضية: "لا أريد أن تتحول عملة بلدي وجواز سفره إلى مجرد محارم ورقية مرة أخرى. لقد كان أمراً مذلاً جداً العيش كلاجئ في بلد آخر. إنني أريد لهذا البلد أن ينمو ويتطور كدولة حديثة".
الآن، لدى كتابة هذه السطور بعد يومين من الانتخابات، ما يزال من غير الواضح من هو المتقدم في الانتخابات، كما أن من غير الواضح ما إذا كان المرشح الذي يبدو أنه في الصدارة الآن سيكون هو الفائز في نهاية المطاف. ويبدو أشرف غاني وعبدالله عبدالله في المقدمة الآن، ووراءهما زلماي رسول، المنافس الرئيسي الثالث. وفي الأثناء، لا يبدي الخبراء السياسيون رغبة في المراهنة على من سيكون الكاسب النهائي. وسيستغرق الأمر أسابيع قبل ظهور الصورة الأوضح.
من جهته، قال رسول في مقابلة مع "ذا دبلومات": "إن الانتخابات ستذهب إلى الجولة الثانية، ولا يهم من سيفوز ومن سيخسر: إنها ستكون في حد ذاتها انتصاراً للديمقراطية".
إلى ذلك، لم يتقدم أي مرشح بشكاوى جادة عن سوء ممارسة انتخابية كما كانت الحالة في العام 2009. وقبل وقت ليس بالطويل، كانت هناك الكثير من التكهنات حول التطورات التي ستحدث خلال فترة التحضير للانتخابات. والآن، هناك إحساس جديد بالثقة والفضول إزاء معرفة المستقبل.
يؤكد الشاب برهان أكبري، الذي يعمل في الاتصالات السلكية واللاسلكية الذي عاد إلى وطنه قبل أربعة أعوام من كندا التي عاش فيها عقداً من الزمان: "لم أشهد هذا النوع من المزاج في البلد من قبل. فجأة، أشعر بأنني أكثر ثقة بنفسي وبمستقبلي في هذا البلد. لم يسبق لشعب أفغانستان أن تحدث بوضوح كهذا وبصوت عال ضد طالبان كما يفعل اليوم".
حتى الآن، يبدو أن عمليات الاقتراع قد تمكنت من لجم الطلقات النارية لطالبان. وقد حان الوقت لأن تتمسك القيادة السياسية للبلد بالثقة التي أولاها إياها الشعب الأفغاني. لكنها إذا فشلت الآن، فلن يغفر لها التاريخ.
 
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Afghanistan Votes Against the Taliban