Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Nov-2017

حزب الجدولة - عبدالهادي راجي المجالي

الراي - لقد غبت , مطولا عن بعض الاصدقاء...وحين عدت إليهم وجدتهم جميعا قد أطالوا الشعر وصنعوا (جدولة)..لا أعرف لماذا صار الشباب في بلادنا يحبون (الجدولة) فجأة وعن دون سابق إنذار..وبعضهم يضع (بكلة) في جدولته.

حتى اللويبدة التي غبت عنها مطولا أيضا , قررت زيارتها أول أمس والحقيقة أني شعرت بالإطمئنان على رصيدنا من (الجدايل)..واكتشفت ظاهرة غريبة , فالشباب أطالوا الشعر والصبايا قمن بتقصيره , وتستطيع أن تأخذ جولة هناك في المقاهي , وستكتشف حجم (الجدايل )...تذكرت ساعتها أغنية :- (جدلي يا أم الجدايل جدلي...).
أنا تماشيا مع الوضع أريد أيضا (جدولة) , وليقال عني (مايص) وليقال عبارات تخدش الحياء , لا مجال لذكرها هنا... فالوضع صار يحتاج إلى (جل).. ووشم على الرقبة , وبعض الأقراط في الأنف..وأريد أن أتمختر في الشوارع , ويشير لي الناس ويقولون عني :-(إخس أبو جدولة)..وتمر دورية شرطة , فيها وكيل إسمه (فلاح) ينظر لي بريبة , ويتمتم بعبارات غريبة لا أفهمها ثم يمضي.
لقد أصدرنا قانونا إسمه (قانون المطبوعات والنشر المعدل) حتى نحمي المجتمع من الإشاعة والشتم... لماذا نحصن المجتمع وأعراض الناس وسمعتهم , بالمقابل نترك الشوارع دون تحصين.. أو حماية ؟ لماذا نسمح لكل هذا المجون في المقاهي والشوارع , ألا تعتبر القيم والأعراف والعادات...حصنا يحمي المجتمع من التفتت, لماذا إذا لا نحصنها بقانون هي الأخرى...
كانت خدمة العلم في فترة ما , حاجزا منيعا يحمي المجتمع من (المياصة)... فالذي يتعلم فن المسير والرماية في (خو) يدرك أن الإنضباط لايكون في السلوك , بل في احترام النفس.. لهذا كانت هناك عقوبات صارمة , تفرض على المكلف إن لم يقم بحلق اللحية أو بتنظيف هندامه... خدمة العلم كانت تعلم الشباب كيف يحترمون أنفسهم ويبنون الشخصية المطلوبة.
في أواخر الثمانينات , كنا نذهب للويبدة علنا نعثر على منشور سري في حواف دوار باريس , او نلتقي بيساري مطارد... كنا نذهب هناك كي نشاهد مؤنس الرزاز في مقهى عتيق , يعطي الشباب درسا في العروبة.. وكان فندق (كناري) مكانا , يجتمع فيه القومي مع الشيوعي مع اليساري , وتخرج منه دون أن تدفع الفاتورة...ولن يسأل احد عنك فغدا ستعود.
 
تغير المشهد , صرت أفقد الثقة في عيوني أحيانا , فأنا لم أعد أميز بين شاب وصبية , لم أعد أعرف اللهجات ,فالشوارع حتى الشوارع ضجت من حجم المياصة...وفي النهاية يسألوننا لماذا سقطت الأحزاب واختفت.. بصراحة لأن حزب (الجدولة) طغى على كل شيء.