Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Oct-2017

حالة الانتظار لتغيير مرتقب لا يأتي - رومان حداد
 
الراي - حال من الترقب والانتظار يعيشها الأردنيون منذ فترة، حيث نشعر وكأننا بانتظار القادم، وما نمر به هو مرحلة مؤقتة كبوابة لمرحلة مستدامة، ولكن انتظارنا أفقد مؤسسات عدة أهميتها، لأنه يبدو للجميع أن التغيير قادم وما نقوم به الآن مجرد في الوقت الضائع، فمجلس النواب بات غير قادر على رسم انطباعات إيجابية لدى عامة الأردنيين، والحكومة بات معزولة عن نبض الناس واحتياجاتهم ومتطلباتهم.
 
نعم، الدولة الأردنية (On Hold)، تنتظر أمراً ما، مرة يأتي على شكل انتخابات نيابية، ومرة يأتي على شكل إشاعات بتغييرات مرتقبة، مدعومة بتسريبات من مراكز قوى، ومرة بانتظار تغيير في موازين القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، وتارة بتغيير موازين القوى داخلياً.
 
ما يحدث هو عطب الدولة عبر وضعها في حال الانتظار، هذا الانتظار الذي ينعكس على المزاج العام وعلى سلوك المواطن. فالأردنيون لا يعرفون ماذا عليهم أن يتوقعوا للأسبوع المقبل، وبالتالي فهم يعيشون يوماً بيوم دون قدرة على امتلاك تصور للمستقبل.
 
وبالتالي فلا خطط يمكن أن يبنيها الأردني، ولا يستطيع أن يكوّن موقفاً حقيقياً تجاه أية قضية، لأنه لا يعرف تماماً ما هو الموقف تجاه هذه القضية وكيف سيتم التعامل معها.
 
ابتعاد المواطن الأردني عن الاهتمام الفعلي والمؤثر بالشأن العام، واكتفاؤه بالاعتراض المسالم في مرات أو الخشن في مرات أخرى، قد يبدو مريحاً لبعض أصحاب المناصب، ولكنه في حقيقته مشكلة للدولة، فالمواطن لم يعد يصدق الخطاب الصادر عن الحكومة، ولم يعد يتفاعل معه بالطريقة الإيجابية الضرورية، مما جعل بعض المسؤولين يتبنون فكرة عدم ضرورة التواصل مع المواطن في قضايا عديدة، فرأيه غير مهم ولن يؤثر على أرض الواقع، مما زاد من الفجوة بين الحكومة والمواطن.
 
يبدو أننا بلا خطط واضحة في مجالات عدة مؤثرة على الحياة اليومية للمواطن، كما هي مؤثرة على مستقبله، فأين هي الخطة الاستراتيجية لمكافحة التطرف والإرهاب فكرياً، وأين هي الخطة الاستراتيجية لتطوير الحياة السياسية في الأردن، أو خطة محاربة البطالة، أو الخطة الوطنية لتنمية الطبقة الوسطى، أو الخطة الوطنية لتطوير التعليم وليس محاولات تغيير المناهج فقط، وأين الخطة الوطنية للاستثمار بالمعلم، وأين الخطة الوطنية للشباب، وغيرها الكثير.
 
المشكلة أنه لا يوجد خطط استراتيجية لأن القائمين على المؤسسات الرسمية يرون زر الانتظار الأحمر مضاءً باستمرار، فيدركون أنه لا يُطلب منهم تقديم خطط استراتيجية حقيقية أو تنفيذها، وفي ذات الوقت يدركون أنه لا محاسبة لهم إن قدموا حبراً على ورق ولم يتم تطبيقه لاحقاً، فنحن شعوب تتمتع بذاكرة السمك.
 
ما يثير القلق هو أن هذا النهج أفرغ كل محاولة جادة من مضمونها، فالموظفون في الدرجات الوسطى باتوا يدركون أنه لا يمكن تطبيق أية خطة بصورة حقيقية، فصار من الصعب تحقيق إنجازات ملموسة، وبحكم البيروقراطية العميقة في المؤسسات الأردنية العامة والأهلية والخاصة على حد سواء، يستطيع كل موظف أن يظهر وكأنه أنجز المطلوب منه دون أن يكون لعمله أثر على الأرض.
 
الحقيقة الماثلة للعيان أن الأردنيين يعيشون في محطة انتظار لما هو قادم، وفي هذه المرحلة لا يمكن أن تقنع من ينتظر بامتلاك رؤية واضحة للمستقبل والعمل لتحقيقها باقتدار.
 
المطلوب اليوم هو رسم خريطة طريق واضحة بالمضمون والتوقيت لنا في الأردن، كي نقتنع أننا غادرنا مربع الانتظار إلى مربع العمل والإنجاز، وعلينا أن نرى معاقبة من يخطئ أو من يكذب بادعاءات على الورق دون أن يحققها على أرض الواقع، وإن لم نقم بذلك سريعاً، سيتحول المواطن الأردني كمسافر أطال الإقامة بالمحطة لدرجة أنها لم تعد محطة ولكنها لم تصبح بيته.
 
ولمن يأملون دائماً بالتغيير، ويظهرون وكأنهم جزء من مسرحية العبث المعنونة (بانتظار غودو)، أقول إن التغيير يحتاج إلى تصور نظري ومنهجي وتطبيقي بالإضافة إلى جدول زمني، وكل ما سبق لا نلحظه في أية عملية تغيير تحدث حتى الآن، فلا نعرف الإجابة عن سؤال لماذا حدث هذا التغيير، ولا نستطيع أن نجيب عن سؤال ما هي علاقة هذا التغيير بما سبقه وكيف سيهيء للتغيير الذي سيليه، ولا نستطيع أن نجيب عن سؤال كيف سينتج هذا التغيير معطياته وكيف سنتعامل معها، ولا نستطيع أن نجيب عن سؤال متى التغيير المقبل حتى يتم تدعيم التغيير الحالي وإنتاج مرحلة حقيقية من التغيير، حين نقف عاجزين عن إجابة الأسئلة السابقة ندرك أننا لسنا أمام عملية تغيير، ولكن لنا أن نأمل أن تراكم التغييرات سيؤدي إلى إطلاق عملية تغيير حقيقية وهو أمر يتطلب وقتاً أطول بكثير مما نتوقع.