Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2021

انفجار سياسي اضطراري

 الغد-معاريف

 
بقلم: اوريت لفي نسيئيل
 
في نهاية سنتين هازتين تحقق الأمر الطبيعي -تبادل الحكم في دولة ديمقراطية. يمكن فقط أن نأسف لمسرحية الرعب المعيبة التي نظمها أعضاء الجناح اليميني في الكنيست في موقف تنصيب الحكومة، دون قطرة رسمية وضبط للنفس. ناهيك عن الرد الهزيل لرئيس الكنيست المنصرف يريف لفين وعن الخفة التي انتقلت فيها دفة الحكم الى أيدي المنتخب الجديد. أناس أمسكوا حتى أول من أمس في أيديهم بالقوة، بالصلاحيات الواسعة وبأسرار الدولة سلموا العصا لمن جاء بعدهم وكان الحديث يدور عن تبادل في موقع حارس الكتيبة.
ينبغي الأمل في أنه بعد رحلة طويلة في قطار الجبال السياسي الذي اندفع بسرعة مبالغ فيها، سيستوعب كل اللاعبين، في المعارضة وفي الائتلاف -أنه لا يمكن إدارة الدولة بهذا الشكل على مدى الزمن. يجب الهدوء. ومهما بدا هذا المطلب عبثيا إلا أن هذا هو الهدف الأول لحكومة بينيت- لبيد والفكرة التأسيسية الجديدة لائتلاف الأطراف القصوى. في هذا السياق كان محقا يئير لبيد حين قال على مدى كل حملة الانتخابات إنه لا حاجة لأن يفكر مواطنو إسرائيل كل صباح بحكومة. فهم يفترض بهم أن يناموا جيدا في الليل وأن يديروا نظام حياتهم وهم يعلمون بأن الحكومة تعمل من أجلهم ولا تنشغل بصراعات الأنا وبالبقاء السياسي.
في ظل الرغبة في العودة الى سواء العقل يجري في إسرائيل تحول سياسي. مختلف عن ذاك الذي ربط بين ارئيل شارون وبين شمعون بيرس. أكبر بكثير من أزرق أبيض برئاسة ثلاثة رؤساء أركان وهاوٍ للملاكمة. في أساس هذين المشروعين قبع الافتراض بأن تبادل الحكم ممكن طالما كان يعتمد على بنية حزبية واسعة وعلى كتلة كبيرة في الكنيست تحظى بثقة جماهيرية لا جدال فيها. ما يزال من السابق لأوانه أن نقرر إذا كان انتهى عهد الأحزاب في إسرائيل، ولكن واضح أنه طرأ تغيير جوهر. فمعظم الأحزاب في الكنيست لا تجري سياقات ديمقراطية داخلية. الأحزاب في الائتلاف الجديد قطعت شوطا طويلا آخر للانتقال من الارتباط على أساس المواقف الإيديولوجية الى تعاون يرمي الى خدمة مصالح جماهيرية واسعة.
يقوض المبنى الائتلافي الجديد الفكرة التي قسمت المجتمع الإسرائيلي الى يمين ويسار وفقا للموقف من المسألة الفلسطينية. فالارتباط بين راعم ورئيس مجلس “يشع” الذي يعد سابقة يحطم كل المفاهيم القديمة. عمليا، أدت الاضطرارات السياسية الى حركة البندول التي دحرت المجتمع الإسرائيلي الى الأطراف، لتغيير الاتجاه. هذا لا يعني أن الحكومة ستتمكن من التملص من التصدي للاضطرار الأمني (وتشهد على ذلك البالونات الحارقة التي أطلقت من قطاع غزة في أعقاب مسيرة الأعلام ورد الجيش الإسرائيلي” ولا للواجب الأخلاقي لوضع حد للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. ستكون على هذا الائتلاف ضغوط من كل صوب ممكن -من الداخل، من الخارج ومن كل العالم. وفي نهاية المطاف سيختبر وفقا لمدى النضج السياسي الذي يبديه شركاؤه، قدرة احتوائهم وبالأساس وفقا لآلية التوازن الداخلي التي تسمح له بأن يؤدي مهامه وأن يتخذ القرارات عندما تنشأ خلافات الرأي، ومثل هذه ستثور على نحو شبه مؤكد أسرع مما هو متوقع.
فهل هذا هو الانفجار السياسي الأكبر؟ من السابق لأوانه أن نقدر. الانفجار السابق الذي أدى الى إقامة حزب كديما نشأ في أعقاب السأم الذي شعر به شارون وبيرس، كل منهما تجاه حزبه. كديما لم يدم طويلا في الحكم لأسباب مختلفة ليس هنا المكان للتوسع فيها. أما الملابسات الحالية فتختلف جوهريا. لم ينشأ هنا حزب مميز مع منتخب نجوم جرف وراءه الجمهور بوعود لفجر يوم جديد. العكس هو الصحيح، الائتلاف الجديد يشبه أكثر بطانية الرقع التي ترمي الى التغطية على آلام الديمقراطية الإسرائيلية.
من الصعب أن نعرف إذا كانت حكومة الأطراف القصوى سترفع إسرائيل الى المسار الطبيعي. فالانتقال من وضع غير طبيعي الى وضع طبيعي ليس سهلا مثلما لاحظ في الماضي الكاتب أ.ب. يهوشع في الصفحات الأخيرة من كتاب “بفض الطبيعية” في موقفه من النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني واحتمالات إحلال السلام. في نهاية المطاف “توجد عبثية وعدمية في الأوضاع الطبيعية. فهي تنقصها الذرى الجمالية لأوضاع النزاع”، ومع ذلك توجد فيها طاقة كامنة. في ضوء الواقع السياسي الفوضوي الذي نعيش فيه في السنوات الأخيرة فإن واجب البرهان ملقى الآن على الحكومة الجديدة وليس أقل من ذلك على المجتمع الإسرائيلي كله.