Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Oct-2018

حتى تحصل النقلة المرجوة - د. أحمد يعقوب المجدوبة

 الراي - هنالك مفارقة نتحدث عنها باستمرار، لكننا لم نفلح في معالجتها أو حتى التصدي لها على نحو جاد لغاية الآن.

والمفارقة تكمن في الآتي: على المستوى الفردي أداء العديد من الأفراد في مجتمعنا يتسم بالجودة والكفاءة، وفي حالات كثيرة بالتميز؛ على المستوى الجمعي، أداؤنا ما زال دون الطموح بكثير.
صحيح أن لنا تحفظات كثيرة على دور الأسر والمدارس ومؤسسات التعليم والتنشئة والتدريب المختلفة في إكساب الأفراد المعارف والمهارات والأخلاقيات اللازمة للتميز والإبداع، ذلك أن شرائح لا بأس بعددها في العديد من القطاعات في مجتمعنا تفتقر إلى تلك المهارات والمعارف والأخلاقيات، الأمر الذي يؤثر علينا سلباً.
يضاف إلى ذلك أن العديد من الدول، شرقاُ وغرباُ، قد سبقتنا وتسبقنا في النهوض والتقدم والازدهار بفوارق كبيرة، وأن اللحاق بها أو تجسير الهوة بيننا وبينها يحتاج إلى أن تكون كل قوانا البشرية مدربة ومؤهلة التدريب والتأهيل الكافيين.
كما أن العالم الذي نعيش فيه مبني على التنافس في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، على مبدأ البقاء للأنسب والأقوى.
بمعنى آخر هنالك خلل على مستوى أداء الأفراد لا بد من أن نقوم بمعالجته لنعزز من فرص تنافسنا مع الآخرين، وفرص التنمية والنهضة التي لا بد لنا من إحداث نقلة فيها.
هذا أمر واضح.
لكن رغم ذلك نجد أن أعداداً كبيرة من الأفراد عندنا يتسمون بالتميز فيما يقومون به في دوائرهم الصغيرة، وأن العديد من الأفراد في مجتمعنا ينجحون على نحو لافت عندما يسافرون لمتابعة دراستهم في أعرق الجامعات العالمية وأرقاها، أو عندما يسافرون بهدف العمل في دول الجوار أو حتى الدول المتقدمة في أوروبا وجنوب شرق آسيا والأمريكيتين، أو في المؤسسات الدولية المعروفة.
هل يكون أداء هؤلاء مقبولاً، ومقبولاً جداً، في تلك الجامعات والشركات والمؤسسات، بينما هو غير مقبول في جامعاتنا وشركاتنا ومؤسساتنا؟!
هذا أمر لا بد من التوقف عنده.
يمكن بالطبع أن نفسر ذلك بالقول، كما يقول البعض، بأن»القلّة عندنا لا بأس بأدائها».
لكن المتمعن في الأمر يجد بأن نسبة هؤلاء ليست بقليلة على الإطلاق.
قبل مدة قرأت عن طبيب أردني اشتهر شهرة كبيرة في أميركا، وحقق تميزاً عزّ نظيره بحثياً وعلاجياً. ولما تمعنت في قصته وجدت أنه تخرج من إحدى الجامعات الأردنية على مستوى البكالوريوس وأنه معدله كان وسطاً.
إلى ماذا يشير ذلك؟
إلى عدة أمور بالطبع، لكنه يشير بالتحديد إلى أن للبيئة أثراً كبيراً على تميز أداء الأفراد.
وهذه مسألة تطرق إليها الفلاسفة والمفكرون منذ القدم: هل يصنع الأفراد المميزون التغيير، أم هل تصنع الظروفُ الأفرادَ المتميزين والتغيير معاً.
وهو سؤال على شاكلة الدجاجة والبيضة.
ودون الدخول في جدل فلسفي، واضح أن للبيئة دوراً كبيراً في تميز أداء الأفراد أو التأثير عليه سلباً وربما تحييده نهائياً.
وفي هذا السياق نشهد الكثير من الموهوبين والمتميزين في مجتمعنا الذين لا يفلحون في إحداث الأثر المرجو، سوى في دوائرهم الصغيرة جداً.
لا بل إننا نشعر في أحيان كثيرة بأن مجتمعنا يحرق المواهب ويسحق التميز. المراد قوله هنا أننا بحاجة للعمل، والعمل على نحو جادٍ جداً، على تحسين البيئة وتطويرها بحيث تكون مواتية للنجاح والتميز والإبداع.
وهذا أمر نغفل عنه في كثير من الأحيان.
في الختام نقول، حتى تحصل النقلة المرجوة، لا بد من العمل على تطوير أداء الأفراد وتجويده، لكن لا بد أيضاً وفي الوقت ذاته من العمل على تحسين البيئة وتجويدها، حتى يكون أداؤنا الفردي والجمعي على مستوى التحدي.
amajdoubeh@yahoo.com