Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Nov-2019

كوربن وفلسطين ومعاداة السامية*محمد سويدان

 الغد

فيما نجد الحكومات والمنظمات والمؤسسات العربية الرسمية والأهلية ضعيفة التأثير في السياسات الدولية، بالرغم من تواجدها الكبير في العديد من الدول الغربية المؤثرة، نجد سلطات الاحتلال ومؤسساتها ومنظماتها الرسمية والأهلية مؤثرة جدا في هذه السياسات وتسهم بشكل كبير في اختيار قيادات هذا البلد أو ذاك.
والأمثلة والأدلة على ذلك كثيرة عبر التاريخ، وخصوصا اذا تحدثنا عن الولايات المتحدة الأميركية والتأثير الصهيوني على إدارتها وسياساتها والانتخابات التي تفرزها. ولكننا الآن في هذه المرحلة نشهد دلائل على ذلك في الانتخابات البريطانية والتي ستجري في 12 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
تشهد بريطانيا الآن حراكا انتخابيا قويا بين حزب المحافظين الذي يقود الحكومة الحالية، وحزب العمال المعارض الذي يقوده جيريمي كوربن الذي يعد وعلى نطاق واسع، استنادا لتصريحاته وتحركاته، مؤيدا قويا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقد تبنى ذلك في برنامجه الانتخابي.
ولأن فرص حزب العمل وقائده كوربن قوية بالفوز في هذه الانتخابات، تحركت اللوبيات الصهيونية واليهودية في بريطانيا، مستخدمة الفزاعة المعروفة والتاريخية “معاداة السامية” لتحاول بذلك إضعاف فرص الحزب وقائده في الانتخابات، فقط للنيل من رئيس الحزب الذي لم يتوان يوما عن إعلان موقفه من القضية الفلسطينية ورفضه الكثير من سياسات الاحتلال، وخصوصا زرع الضفة الغربية بالمستوطنات والانتهاكات المستمرة على المقدسات والاعتداءات على الشعب الفلسطيني وتقويض حل الدولتين الذي يعترف به الحزب.
وحاولت هذه اللوبيات، تصوير كوربن بأنه لا يصلح لقيادة بريطانيا، في تدخل مباشر بالانتخابات، وذلك بتصريح صحفي لكبير حاخامات بريطانيا افرايم ميرفس الذي اعتبر كوربن “معاديا للسامية” ولا يستطيع منع انتشار هذا “السم” (معاداة السامية) في حزبه، والقول إنه ضعيف وغير قادر على تولي رئاسة الوزراء البريطانية.
وأعتقد أن الحملة الصهيونية ضد كوربن ستتكثف في الأيام المقبلة حتى تصل لذروتها قبيل الانتخابات، في محاولة لتشويهه في الأوساط الشعبية البريطانية للحيلولة دون وصوله إلى قيادة السياسة البريطانية المؤثرة في العالم، والتي من الممكن حينها، أن تؤثر كثيرا في مقاربتها للقضية الفلسطينية.
طبعا، هذا لا يعني أن حزب العمال البريطاني ثوري يعادي كيان الاحتلال، أو حتى أن رئيسه ثوري بالنسبة للقضية الفلسطينية، بالرغم من تميزه حقيقة عن غيره من زعماء حزب العمل على هذا الصعيد.
ولكن موقف كوربن من القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الخطيرة يسجل له، ويسهم إلى درجة ما في تعكير صفو السياستين الصهيونية والأميركية، ويعزز من الصوتين الفلسطيني والعربي الرافضين لتصفية القضية الفلسطينية.
لهذا كان من الأجدى عربيا دعم كوربن بالطرق الشرعية من خلال حشد الأصوات العربية في بريطانيا للتصويت لحزب العمل ورئيسه، ولكننا في واد والعالم في واد آخر.