Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2017

الوطن .. ومنصات التواصل الاجتماعي - د. محمد القضاة

 

الراي - تمثل منصات التواصل الاجتماعي روافد جديدة لبناء علاقات اجتماعية وفكرية وانسانية على نطاق واسع دون حدود أو قيود، وما دعاني للكتابة عن هذه المنصات ما لمسته من آراء وافكار وتعليقات لا تقيم وزنا لأحد، وكأن من يمتلك حسابا في هذه المنصات لديه شيكا مفتوحا للكتابة دون حساب نتائج ما يكتب، وهو أمر يثير الكثير من الأسئلة في عصر السرعة والعولمة والكلمة البرقية التي تصل اقصى مدى، دون ان يدرك كاتبوها ما لهم وما عليهم، نعرف ان خصوصيات الناس أصبحت على المحك، وان الجميع قد يكونوا عرضة للنقد والهجوم، وهذا لا بد ان ينتهي من خلال قانون الجرائم الالكترونية الذي يجب ان يعرف فيه كل واحد حدوده ونطاقه ووزنه الحقيقي، هذه المنصات تركت الجميع في سوية واحدة لدرجة لم يعد للكلمة فيها أية قيمة، ومما يزيد الطين بله حجم الكتابات التي تجلد الوطن بغير وجه حق، وكأن المنصات تبيح لأي فرد كان ان ينتقد ويكتب ويكذّب من يشاء سواء أكان في مناسبة أم دون مناسبة.
 
اقول لكتاب هذه المنصات ارحموا الوطن واتركوه لكي يواجه التحديات بعزيمة وإرادة وحزم، لا نريد لتلك المنصات ان تكوت ادوات هدم مغرضة لاطراف لا هم لهم غير بث الفتن، ولتكن هذه المنصات محطات تعزز البناء والعطاء والنماء تزرع حب الوطن وتدافع عن منجزاته ومواقفه؛ لأن حب الوطن لا يكون كلاما معسولا، وإنما يتجلى بالانتماء والعمل والفعل والالتفاف حول رايته تجسيدا لقول رسول الله عليه السلام: «ما أطيبك من بلد وأحبك إلي «، ولنتذكر قول هوميروس: ليس هناك شيء في الدنيا أعذب من أرض الوطن، وقول بليكو: أنا مغرم جدا ببلادي، ولكنني لا أبغض أي أمة أخرى، وقول كاريل: جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، غير أنّ الأجمل أن يحيا الإنسان من أجل هذا الوطن.
 
ومَنَ يقرأ منصات التواصل الاجتماعي وما يكتبه الناس فيها ويتصفح حروفهم وكتاباتهم، يعرف أن كثيرين يلتزمون آداب الحوار والرأي والرأي الاخر، غير أنّ من يراقب بعض منصاتهم يقرأ صوراً غريبة، وبعضهم ينصب نفسه خبيرا في كل شيء وهو لا يقدّر ان ما يكتبه يسيء للناس ومعاناتهم ولا يحس بظروفهم ومتطلباتهم؛ منصات تخصصت بالسب والشتم وبعضهم يتمنى ان يصادر حتى الهواء النقي من رئة الناس؛ منصات لا تتوانى تذبح الوطن صباح مساء بأفكارها وتحليلاتها وآرائها استمرأت العزف على أوتار غريبة في ظل ظروف معقدة ومؤامرات على الأردن الذي يسجل للعالم دروسا في التسامح والإنسانية والعروبة والقومية والتعايش الديني على اختلاف الأفكار والأثينيات والفسيفسائيات الديمغرافية، وهي صورة الأردن منذ نشأته؛ غير أننا نقرأ ونسمع بين حين وأخر آراء مريضة مصدرها كتابات في هذه المنصات الالكترونية موتورة وتقارير مشبوهة وندوات تلفازية مدفوعة لأجندات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الوطني والأمن الاجتماعي؛ ولا تعرف من الوطن أكثر من مصالحها، وإن قلت مكتسباتها عاثت خراباً وفساداً وأطلقت شائعاتها هنا وهناك.
 
إن أطروحات بعض منصات النخب والكُتّاب وأصحاب الرأي وطموحاتهم تظلم مجتمعنا، وأن حدود مصالحهم الشخصية خطاً أحمر ولا يجب أن تنزع منهم حتى وإن انتهى عملهم، ومنهم بعد أن فقدوا الهيلمان تجدهم يطرحون قضايا وموضوعات غريبة لا تمت للدروس والمواعظ التي سمعناها منهم حين كانوا في مواقعهم، ما الذي غيرهم؟ ولماذا يختلقون مشكلات وقضايا تمس الوحدة الوطنية برمتها؛ وكأنهم قد فاقوا للتو من أحلامهم وسباتهم، لا نريد أن ندخل مع هؤلاء في مهاترات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ وإنما نقول لهم: أرحموا الأردن وأهله من فتنكم وأفكاركم وأطروحاتكم، إذ يكفيه ظروفه الاقتصادية وتحديات الجوار والاستحقاقات الكثيرة . نعم لمحاسبة المخطئين ممن يسيئون للمؤسسات الوطنية على اختلاف أفكارهم وألوانهم، ولا نريد بهلوانيات تلك المنصات وإعلامياتها وانجازاتها المقلوبة، نريد مخلصين وأوفياء يرفضون أفكار الظلاميين والمندسين والكارهين للحياة، نريد مراقبة تلك المنصات ومتابعتها ومحاسبة مثيري الفتنة لازالة مظاهر الأذى عن مجتمعنا.
 
mohamadq2002@yahoo.com