Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-May-2016

الأكحل: حضارات الأمم تقاس بما تتركه من ثقافة وفنون

 

عزيزة علي
عمان  –الغد-  رأت الفنانة التشكيلية تمام الأكحل أن "الفن التشكيلي ليس ترفا ولا فلسفة ولا تجميلا لمكان ما، إنما هو قدرة حسية تعبيرية، تخاطب الآخر واللغة عالمية تحاكي الإنسان أينما كان ومهما كانت لغته".
ودعت الأكحل في الفعالية التي أقيمت أول من أمس في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، بعنوان "الفن التشكيلي ودوره في حياة الإنسان"، وأدارها وزير الثقافة الاسبق الشاعر جريس سماوي، إلى الاهتمام بالأطفال من خلال إدخال الفن في المناهج الدراسية حيث أن حصصا فنية في المدارس، تسهم في خلق حالة من التذوق للفن وللجمال، ما يحسن سلوك الأطفال الاجتماعي والنفسي ويبعدهم عن العنف والكراهية.
وتحدثت الفنانة عن دور الفن التشكيلي قائلة "يرتبط عادة الفن بالمكان والزمان، فالفن ينبع من بيئة الفنان وما يدور حوله أي محيطه وفضاءه"، لافتة إلى أن "حضارات الأمم تقاس بما تتركه من ثقافات وفنية وعلوم إنسانية، فالحضارة تتكون من: الثقافة الإنسانية بجميع فنونها، وفنون خالدة تتناقلها الأجيال، والعلوم الإنسانية في الحضارة الأكثر تقدما عن الثقافة الفنية لأنها تلبي حضارات الشعوب بما تحتاجه من تطور".
ورأت الأكحل أن"كل إنسان خلق ويخلق على وجه الأرض وهو يحمل بجيناته فنا من الفنون"، وتساءلت "أين هو علم الفنون من الإنسان اليوم؟ وبالذات في عالمنا العربي"، مبينة أن العالم "ما يزال عالمنا بعيدا عن السلام العادل وعن المساواة بين الشعوب عربيا كان أو غير عربي؛ إذ لا نستطيع مساءلة عالمنا المتشابك الصاخب والمعقد والبعيد عن الأمن والاستقرار".
وعن دور الفن في الحياة قالت الفنانة "للفن التشكيلي رأي ودور، كوسيلة إبداعية، نضالية، إنسانية، صادقة التعبير والمعاناة، علينا أن نمتلك ثقافة وطنية ترشدنا وتوصلنا إلى العالمية ويجب ان نعبر عما يدور حولنا لنجعل إنساننا مؤهلا لأن يرى ما يجري حوله ويعبر عنه، لأننا نعيش في عالم مملوء بالايجابيات والسلبيات معا".
واعتبرت الأكحل أن أسباب اهتزاز ثقافتنا هو "أننا نستسهل السير وراء الركب الخارجي بدون تقدير بما نحن فيه، ولا إلى أين نسير، ويزيدنا تيها، أسئلة غامضة رمادية حول مصيرنا"، مشيرة إلى "دور الفنان العربي في تأكيد ذاته وقدرته على التعبير عن واقعه، لا لاستيراد تعبيرات الآخر"، داعية إلى تأسيس مدرسة فنية تشكيلية عربية تستمد مكوناتها من الثقافة والحضارة العربية على غرار المدرسة الهندية والصينية وغيرها من المدارس.
وتحدثت الفنانة عن المنفى الذي يضع الفنان نفسه فيه قائلة "للمنفى وجهان؛ وجه داخلي وآخر خارجي، الداخلي: هو غربة المرء عن مجتمعه وثقافته ولغته، هناك فنانون وأدباء اختاروا المنفى الداخلي وهم على أرض وطنهم وألغوا المسافة بينهم وبين الخارج ظنا منهم لرؤية أوضح وأوسع لأنفسهم بحثا عن حضور أكبر في ثقافات الآخر الأكثر انتشارا. فأقنعوا أنفسهم ويريدون إقناعنا أيضا بأن ثقافة المنفى عابرة للحدود وقادرة على صهر التجربة الإنسانية المعاصرة".
أما المنفى الخارجي وفق الاكحل فهو "انفصال المرء عن مكانه الأصلي جرافيته وتاريخه فيصبح في شرخ عميق في الإيقاع الفني والثقافي، ويأخذ في التعبير عن الحنين إلى الوطن المقدس وهو جسدياً باغتراب وفناً قلقا متعثرا لا هو أجنبي ولا هو وطني.. وهنا إشكالية فنا بفقدان هويته الأصلية"، معتقدة أن قليلين من نجحوا في الحفاظ على هويتهم.
وبينت أن أهم مشاكل تواجه الفنان المعاصر هو ما يتصل بـ"الشكل العالمي المشترك"، حيث شكلت الموجات الجديدة وتقليدها، مراجعة للتيارات الحديثة التي اندفعت وتدفقت بسرعة هائلة، مما جعل المشرفين على الفنون في العالم، يتنبهون إلى ما يجري من حولنا بدون أن يكون لنا رأي فيه".
وأشارت إلى ما كتبه الناقد والفيلسوف الألماني "هيبرت ريد"، في مجلة "ديرشبيغل" الألمانية، الذي اعتبر أن "تسعة أعشار الفن الذي يطلب منا اليوم أن نعترف به، ليس فناً حديثاً إلا بمفهوم واحد... مفهوم (الموضة)"، لافتة إلى أن كتاباته "ريد" الأخيرة تشير إلى الخلط والغموض اللذين يسيطران على الفن المعاصر وينوء بأن الفنان الحديث قد وصل إلى خاتمة مطافه في عالم الاكتشافات وتحيزها إلى عالم من المجهول واللامسمى".
وتابعت الفنانة اقتباسها من كلام "ريد"، الذي يرى أن "الفن يجب أن يلتقي مرة أخرى مع جمهوره خلال لغة من الرموز قد لا تكون حتماً من عالم المرئيات الملموسة والظاهرة، ولكنه يجب أن تكون لغة محددة متينة البنيان، يشعر بها المتلقي ويعيش معها"، فيما يطلق ناقد آخر صيحة الخطر حين يقول: "إن الفن ليس (كموضات كريستيان ديور)، تدفعه بيوت الأزياء وتحيطه بالدعاية. وترعاه السيدات الثريات، ليتخذ الزي الجديد مكانته المرموقة خلال موسم ثم يختفي وإنما يجب أن يكون الفن عملاً جاداً زاخراً بالقيم وإلا راح هباء".
واعتبرت الأكحل ما كتب حول الفن التشكيلي هو "صيحات يرددها الأدباء والنقاد من العالم إذا أسرف الفن في الغموض والأغراب للاستهانة بالقيم والاستهتار بالمتلقي واهماله، مقابل هذا التيار الجارف"، داعية إلى وقفة لنراجع فيها ما يستورده من المدارس الأجنبية، ونعيد مراجعة أنفسنا بابتكار مدرسة فنون عربية نخرج بها للعالم، ويبقى الموضوع اقليميا ويكفينا الاندفاع وراء موجات الموضة الزاحفة إلينا".
وتمنت الفنانة في النهاية أن"يعبر الفنان عن نفسه وواقعه، فلا يعتنق اتجاهاً غير نابع من ذاته ولا يجرد نفسه من خصوصياته ليتبع تقليد النزعات الحديثة؛ إذ إن الفن يجب أن ينبع من نبض الفنان بصدق حتى يشع بالحياة وحتى يخلد ولا يسقط.. وعلينا العمل بالتمسك بهويتنا حتى لا نقع بهاوية النسيان".
وكان قد استهل الشاعر جريس سماوي الندوة بالحديث عن لقائه الاول مع تمام الاكحل وزوجها الفنان الراحل اسماعيل شموط عندما كان يعمل في التلفزيون الاردني، مشيرا إلى دورهما في عالم الفن التشيكلي، خصوصا لوحاتهما التي تتحدث عن نكبة الفلسطينية في العام 1948، وحرب حزيران (يونيو) في العام 1967.