Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2016

جبهة النُصّرة: قناع أميركي.. «جديد»! - محمد خروب

 

الراي - نضجت ظروف جديدة، وبات مشهد مختلف آخر, على طريق البروز والتشكّل، بعد ان قَبِل «الفاتح» أبو محمد الجولاني، نصيحة الحلفاء والرعاة والممولين،بأن يخلع عباءة تنظيم القاعدة التي تدثر بها طوال خمس سنوات «طواعية»وقناعة بخطاب القاعدة ونهجها, وافتناناً بسيرة ومسار من «استولدوها» في لحظة اقليمية ودولية مناسبة، سواء كان اسامة بن لادن ام مرشده واستاذه عبدالله عزام, ودائماً في النموذج الذي تاه اعجابا به ابو مصعب الزرقاوي, دون ان نهمل «حكيم الأمة» المجاهد أيمن الظواهري عندما انحاز الجولاني لقيادته, خلال صراعه المفتوح مع «أبوبكر البغدادي»، عندما انشأ «دولته» في العراق والشام في العام 2013 قبل ان «يقبض» على الموصل ويُعلِن قيام «الدولة الإسلامية»، ويُعيّن نفسه خليفة للمسلمين في العاشر من حزيران 2014.
 
جديد الأزمة السورية التي تقف هذه الأيام أمام مفترق طرق حقيقي ومفتوح على سيناريوهات عدة، هو نجاح «المساعي» لدى جبهة النصرة كي تقوم باستدارة كاملة (اقله اعلاميا) تفُكُ فيها ارتباطها بتنظيم القاعدة وبالتالي تُغيِّر «اسمها»، كي تحظى بالاعتراف انها تنظيم «مُعتدل», بكل ما يترتب على هذا التصنيف من تداعيات وترتيبات, تعهدت واشنطن ومَن يوالونها في المنطقة العربية, بان يحفظوا لها مكانتها في المشهد السوري «التالي» لهزيمة داعش(إن هُزِمَتْ اصلاً) والتي ستتأتى – اذا ما حصلت – عبر الضربات الأميركية الروسية الجوية المُنسّقة عملانيا واستخبارياً.
 
هي اذا عملية إعادة تأهيل او انتاج لفرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، الذي بات ميدانيا القوة العسكرية الاكبر والاقوى تسليحا (بعد داعش) والذي يمكن ان تُسلَّم له «الراية» الجهادية المُعتدِلة بالطبع (...) حيث ستكون الفتاوى المُبرِّرة لتلك الاستدارة جاهزة كالعادة, سواء صحّت التوقعات وظهر «الفاتح» ابو محمد الجولاني على اليوتيوب (او ربما احدى الفضائيات العربية في كلمة مرئية مُظِهراً فيها وجهه «الكريم» مُبشراً الأُمّة بالمولود الجديد الذي «لا» ارتباط له «خارج» سوريا, «أم عاد عن نيّته وآثر البقاء في دائرة «المبايعة» التي كان اعلنها للمجاهد أيمن الظواهري, بعد ان «تمرّد» على البغدادي وساجله ثم واجهه في معارك وغزوات كي يقول للجميع إن للقاعدة وجود في بلاد الشام وان داعش لا يُمثل «وحده» جيوش المجاهدين, التي تحارب «الروافض والنيصيريين والنصارى والصليبيين» وغيرها من المصطلحات والتسميات التي تتخفى خلف إرهابهم وشرورهم التي ينشرونها في المنطقة خصوصاً وباقي العالم في العموم.
 
واذ بادر ابو محمد المقدسي, بما له من مكانة و نفوذ وحضور ومريدين داخل النصرة, بالافتاء بأنه «لا يُعدّ تعدياً على (القرآن), اذا ما قامت جبهة النصرة بتغيير اسمها والتخلي عنه، اذا كان اسم النصرة، مُبرِّراً لضرب المرتبطين بها، مضيفاً «سماحته» أنه أيضاً, لا يُعدّ (ارتداداً) الخروج عن تنظيم «القاعدة» (عندما تدعو الحاجة الى ذلك)، فاننا امام تحوُّل ربما يكون تأسيسياً في مسارات ومآلات الازمة السورية، كونه آخر «سهم» في جعبة الادارة الاميركية المُنصرِفة والتي يبدو انها تشعر بالارتباك بل العجز، ليس فقط امام التقدم الميداني الذي يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه بدعم من سلاح الجو الفضائي الروسي, وانما ايضا في انهيار ما يُسمى الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض وسقوط الرهان عليها، وفقدانها لأي تأثير (ولو معنوياً) على الكتائب والفصائل المسلحة في الداخل السوري، والتي وان وصل عديدها الى الف فصيل واكثر, الا انها مجرد عصابات سرّاق وقتلة وقُطّاع طُرق, اكثر منها تنظيمات تنتمي «لثورة» لطالما تغنى بها الاميركان وبعض العرب وخصوصا حكومة اردوغان, قبل ان ينجح الاخير في القبض على «كامل» السلطة والتنكيل بمعارضيه ,عبر الزعم بان انقلابا عسكريا قد حصل وانه كان بمثابة «هدية من الله» قام باستغلالها كما خطّط سابقا، ولهذا فهو الان في غمرة شعوره بالانتشاء، فانه «قد» لا يولي الازمة السورية الاهتمام الذي كان من قبل 15 تموز الجاري, او يُبقيها على رأس اولوياته، اقله في المدة القصيرة المتبقية على رحيل ادارة اوباما والتي باتت علاقاته معها متوترة , وإن بافتعال ... مُتصاعِد.
 
في السطر الاخير فان جبهة النصرة سائرة الى الانقسام وربما الاقتتال، ولن يكون «الطلاق» بين معسكر الداعمين لفك الارتباط مع القاعدة وعلى رأسهم الجولاني نفسه, ومعسكر الرافضين لهذا التوجُّه والمُشكِّكين في النيّات الاميركية (والعربية) الداعمة للمعسكر الاول، ما يعني ان التغيير – إن حدث – سيشمل الاسم فقط, فيما يبقى الارهاب والتكفير والقتل والترويع والذبح هو الوسيلة والغاية والهدف الرئيس لـ(جهاد) كهذا, ولن يُغيّر كثيرا في ارتكابات التنظيم, الذي قد يتحول الى «تنظيمات» متصارِعة, ان يُصبح اسمه الجديد «الحركة الاسلامية السورية» او «جبهة فتح الشام» او حتى الاكتفاء بالحرفين «ح.ف», لأن السؤال الاهم سيكون: ماذا تريد واشنطن وحلفاؤها من إضفاء صفة الشرعية والاعتدال, على فرع من تنظيم القاعدة غيّر اسمه, ولم ولن يُغيّر «جِلده» او عقيدته... التكفيرية؟.
 
kharroub@jpf.com.jo